موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١ أغسطس / آب ٢٠١٥
إحياء يوم الحج المسيحي الثاني إلى مدينة أم الجمال الأثرية

تقرير: ماثيو شمامي ، تصوير: أيهم حدادين :

 

ترأس البطريرك فؤاد الطوال بطريرك القدس للاتين، قداس الحج السنوي لمدينة أم الجمال التاريخية بمحافظة المفرق، وذلك مساء أمس الجمعة في كنيسة يوليانوس الأثرية، بمعاونة المطران مارون لحّام النائب البطريركي للاتين في الأردن، والمونسنيور روبيرتو كونا القائم بأعمال السفارة البابوية في الأردن، والأب فرنسيس شاهين كاهن رعية اللاتين في المفرق.

 

وشارك في القداس الأمين العام لوزارة السياحة والأثار السيد عيسى قموة، ونائب محافظ المفرق السيد أحمد حياصات، إضافةً إلى مدير قضاء أم الجمال ورئيس البلدية وعدد من الشخصيات الحكومية والدبلوماسية، وعدد من الكهنة والراهبات وحشد كبير من الحجاج، جنباً إلى جنب مع رجال الأمن وسكان المنطقة.

 

وقُبيل القداس قام مدير دائرة آثار المفرق السيد عبدالقادر الحصان بتعريف وفود الحجاج بتاريخ مدينة أم الجمال الأثرية المسماة بـ"الواحة السوداء" نسبة إلى الحجر البركاني الأسود المبنية به، حيث إستعرض الجوانب الآثرية التي تزخر بها المنطقة الشامخة بأبنيتها السود، من كنائس وأبراج ومنازل وبوابات وبرك وطرق تشهد على عصر ذهبي ومجد مندثر.

 

من جهته رحب الأب فرنسيس شاهين وللسنة الثانية على التوالي لهذا الحج السنوي بالحضور بفرحٍ، مشيداً بجهود جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في إحياء هذا المكان من خلال كل من يسير بتوجيهاته الملكية وعلى رأسهم وزارة السياحة والآثار وأجهزتها وطواقمها الخاصة.

 

وفي عظته التي استهلها بالشكر لوفود المؤمنين التي حضرت القداس من مختلف مناطق المملكة ومن بينهم وفود إيطالية وأجنبية ولكل من هيأ لهذا الحفل الديني، تحدث البطريرك فؤاد الطوال عن الأهمية التاريخية التي يحتلها الأردن، فمن ضفاف نهر الأردن حيث عمّد يوحنا المعمدان المسيح، وإلى مكاور جنوب مادبا حيث أستشهد هناك، وشمالاً إلى مقام النبي إيليا "مار الياس" بخربة الوهادنة في عجلون وغيرها، تبرز المُثل الحية لآثار ومحطات المسيحية.

 

 ومع هذه المحطات وغيرها التي يصعب حصرها والتي تكاد أن لا تحصى مع كل تنقيب وإكتشاف يؤكد أن في هذه الأرض جذورنا، وبعد شهر من الإعلان عن تسجيل المغطس على لائحة التراث العالمي، نوّه البطريرك طوال على اهمية عدم نسيان دماء الشهداء التي سفكت في سبيل الإيمان، كذلك الحياة الرهبانية والنسكية التي عيشت على صحراء هذه البلاد.

 

وتابع:" دافع أجدادنا عن إيمانهم، بل ودافعوا عن أرضهم مُقدَّسة، وتنافسوا في بناء الكنائس والأديرة خاصّة في الفترة التي تلت فترة الاضطهاد، فازداد عدد سكان هذه المنطقة بنسبة كبيرة جداً، وما هي الحجارة الأثرية الكثيرة هنا، إلّا دليلٌ على كثرةِ عددِ الحجارةِ الحيّة، أي المؤمنين الذين كان حلمهم العيش في الاراضي المقدسة".

 

وختم مستذكراً تاريخية هذه المنطقة وأهميتها، لافتاً إلى أهمية إعادة دور أم الجمال في التاريخ، من خلال الجذب السياحي والديني، والتوعية التربوية في مناهج التاريخ والتربية الدينية.

 

وخلال القداس بارك البطريرك فؤاد المؤمنين برش الماء المقدس، وحيث لا تبعد المنطقة عن مخيم الزعتري رُفعت الصلاة من أجل اللاجئين والمتألمين، ومن أجل الكنيسة ورعاتها، وعقب ختام القداس بمنح البركة الختامية، أهدى السيد مدير دائرة آثار المفرق كتابه الموسوعي عن آثار المفرق للبطريرك طوال، بعدها زار غبطته البازار الخيري المقام في المنطقة، فيما قدمت وزارة السياحة والأثار ضيافة كريمة لوفود المؤمنين.

 

وفي الحديث عن مسيحية أم الجمال، يقول كتاب "الآثار المسيحية في الأردن" لمؤلفه سيادة المطران سليم الصايغ ، أن خريطة مادبا الفسيفسائية تشهد لأم الجمال وكاتدرائياتها، وتذكر مصادر التاريخ أن سنة 557م كانت سنة مميزة في تاريخ المنطقة فقد تم آنذاك حدث تدشين كاتدرائية المدينة، ويذكر أنه تم العثور على خمس عشرة كنيسة في هذ المنطقة، أما عن كنيسة يوليانوس التي أقيم مساء أمس فيها القداس الإلهي للمرة الثانية منذ حوالي 13 قرناً، فهي أقدم كنيسة في المنطقة ولا تؤكد المصادر سبب تسميتها إلا أنها ترجح ذلك إلى أنه أسم المهندس المعماري الذي بناها أو أسم المحسن الذي تبرع ببنائها.

 

أم الجمال كغيرها من المدن أُرغمت أن تندثر فبعد أن كانت محط القوافل التجارية التي تجوب الصحراء حدث لها زلزال عظيم أدى إلى زوال معالمها التجارية والمعمارية، عسى أن تغدو أم الجمال اليوم من محطة للقوافل والتجارة إلى محطة لأنظار وجذب الحجاج والسياح، فيعود لأم الجمال ... جمالها.