موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الثلاثاء، ١٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٤
أندريا تورنييلي يكتب: البحث عن سبل قابلة للتطبيق لتحقيق السلام في أوكرانيا
تأملات مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات لمناسبة مرور ألف يوم على الغزو الروسي لأوكرانيا

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

لقد مرّت ألف يوم منذ 24 شباط 2022، عندما هاجم جيش الاتحاد الروسي، بأوامر من الرئيس فلاديمير بوتين، أوكرانيا وغزاها. ألف يوم تميّزت بعدد لا يحصى من القتلى من المدنيين والعسكريين، فضلاً عن الضحايا الأبرياء بما في ذلك أطفال قُتلوا على الطرقات أو في المدارس أو حتى في منازلهم. لقد امتلأت هذه الأيام الألف بمئات الآلاف من الجرحى ومَن تعرضوا لإصابات أسفرت عن معاناتهم من إعاقات مدى الحياة، هذا إلى جانب عائلات كثيرة أصبحت بلا مسكن، تاركين بلد معذّب ومدمّر.

 

ما من شيء يمكنه تبرير هذه المأساة التي كان يمكن إيقافها في حال مراهنة الجميع على ما يصفها البابا فرنسيس بـ"نماذج السلام" بدلاً من الاستسلام لحتمية مفترَضة للنزاع. هذه الحرب، ومثل كل الحروب، ترافقها دائمًا مصالح في طليعتها مصلحة النشاط الذي لا يعرف أزمات ولم يتعرّض لأزمات حتى خلال فترة الجائحة الأخيرة، أي إنتاج السلاح والإتجار به، وهو نشاط عالمي يشمل الشرق والغرب على حد سواء.

 

إنّ مرور ألف يوم منذ بداية العدوان العسكري على أوكرانيا يُفترض أن يثير سؤالاً واحدًا: كيف يمكن إنهاء هذا الصراع؟ كيف يمكننا التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، وفي نهاية المطاف، إلى سلام عادل؟ كيف يمكن بدء المفاوضات –"المحادثات النزيهة" التي أشار إليها مؤخرًا خليفة القديس بطرس– للوصول إلى "تسويات مشرّفة" ووضع حدّ لدوامة مروّعة تُهدد بجر العالم نحو هاوية الحرب النووية؟

 

لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذا المشهد. فالمشهد الدبلوماسي يبدو بلا حياة، ولا يوجد ما يُلهم الأمل إلى جانب الوعود الانتخابية التي قطعها الرئيس المنتخب حديثًا للولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنّ الهدنة –والسلام الذي سيتم التفاوض عليه في وقت لاحق- يجب أن يكونا هدفًا يسعى إليه الجميع، ولا يمكن أن يكونا مرتبطان على التزامات زعيم واحد.

 

ولكن ماذا يمكننا أن فعل إذن؟ كيف يمكن لأوروبا على وجه الخصوص أن تستعيد دورها الذي يليق بتاريخها وبالزعماء الذين بنوا فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأسّسوا الأمم المتحدّة وعموا على ضمان عقودًا من السلام والتعاون في القارة العجوز؟

 

بدلاً من التركيز على سباق التسلّح المحموم والتحالفات العسكرية التي بدت وكأنها من بقايا الحرب الباردة، قد يفكّر الغرب في العدد المتزايد من الدول التي لا تقبل هذا النموذج. هناك دول حافظت على علاقات رفيعة المستوى مع روسيا، بل وعزّزتها.

 

لماذا لا نعيد بعمق اكتشاف احتمالات إيجاد مسارات مشتركة للسلام؟ لماذا لا نعمل على تطوير الإجراءات الدبلوماسيّة والحوار المستدام من خلال المشاورات المنتظمة وغير البيروقراطيّة والهادفة مع هذه الدول؟ إن كانت الحكومات الأوروبيّة تجد صعوبة في السير على هذا الطريق، فهل يمكن أن يكون هناك دور أكبر للكنائس وللقادة الدينيين؟

 

وبعيدًا عن الاتصالات الرسمية، والتي تقلصت إلى حد ضئيل، قد نتوقّع أيضًا من الدول التي تدعم أوكرانيا ماليًّا وعسكريًّا أن تتخذ المزيد من المبادرات في التحليلات والمقترحات. هناك حاجة إلى مراكز دوليّة قادرة على تصّور واقتراح وتحديد حلولاً ملموسة وقابلة للتطبيق من أجل السلام المقبول للجميع.

 

وكما قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، فإنّ العالم يحتاج إلى "رجال دولة يتمتعون برؤية بعيدة المدى، وقادرون على القيام بأعمال شجاعة من التواضع والتفكير لصالح شعوبهم". ومن الأمور الملحة أيضًا أن يرفع الناس في كل مكان أصواتهم ويطالبوا بالسلام.