موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في هذه الليلة، التي كان من المفترض أن تكون احتفالاً ببداية عقد جديد من حياتي، عامي العشرين الذي لطالما تخيلته مليئًا بالحياة والفرص، يغمرني شعور عميق بالغربة والفقدان. لقد أصبح عيد ميلادي العشرين، ذكرى باهتة وسط أنقاض الماضي. بيتي، الذي شهد أحلام طفولتي وشبابي، لم يعد سوى صورة مؤلمة في ذاكرتي.
عامان كاملان من حياتي، وهي أثمن سنوات البدايات والتنشئة، تبخرا في خضم هذه المحنة القاسية التي لا ترحم. سُلبتا مني ومن كثيرين من جيلي، جيل حلم ببناء مستقبل مشرق، ليجد نفسه أسيرًا لظروف قاهرة.
أحيانًا أشعر أنني شابة في العشرينات من عمرها، لكن روحي تحمل عبء سنوات أكبر بكثير. لا أستطيع العودة إلى الماضي كما كان، إلى أيام أحلامي البسيطة والممكنة، ولا أستطيع أن أعيش حاضري بسلام، فكل زاوية تُذكرني بما فقدته. يبدو المستقبل ضبابيًا، مليئًا بأسئلة مُرّة لا أملك لها إجابات.
ولكن حتى في هذا الظلام الدامس، يُنير بريق أملٍ خافت دربي. أرفض الاستسلام لليأس وأنا في بداية حياتي. ما زلت أنتظر، بقلبٍ مُثقلٍ بالجراح ولكنه ينبض بالإصرار، لحظةً سينتهي فيها هذا الكابوس الذي يخنق أحلامنا. أنتظر اليوم الذي سأستنشق فيه عبير الحرية، وأخطو خطواتي الأولى نحو بناء مستقبلي المسلوب، وأستعيد سنوات شبابي الضائعة بفرحٍ مُضاعف وقوةٍ أكبر.
عيد ميلادي العشرين هذا ليس احتفالًا بالسنوات، بل هو وقفة صمودٍ وتحدٍ. إنه تذكيرٌ بالثمن الباهظ الذي دفعناه في شبابنا وأحلامنا، ولكنه أيضًا إعلانٌ عن إرادتنا الراسخة في البقاء، وأملنا في غدٍ يحمل معه العدالة والسلام، وتعويضًا عن كل ما فات.
أتمنى من أعماق قلبي، في مطلع هذا العقد الجديد من حياتي، أن تُنهي الأيام القادمة هذه المعاناة، وأن يعود الدفء والأمان إلى ديارنا، وأن نتمكّن نحن شباب هذا الجيل من استعادة أحلامنا وبناء مستقبلٍ يليق بتضحياتنا.
صلّوا من أجلنا.