موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥
حريصا تحتضن قداس الشكر لإعلان قداسة الشهيد إغناطيوس مالويان

رافي سايغ - بيروت :

 

ترأس بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، مساء السبت 15 تشرين الثاني 2025، قداس الشكر بمناسبة إعلان قداسة المطران إغناطيوس مالويان، في بازيليك سيّدة لبنان في حريصا، بمشاركة البطاركة بشارة بطرس الراعي ويوسف العبسي وإغناطيوس يوسف الثالث يونان، وعاونه لفيف من الكهنة والشمامسة.

 

وحضر القدّاس ممثّلة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وزيرة الشباب والرياضة نورا بايراقداريان، إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب وفاعليّات روحية ورسمية وعسكرية واجتماعية وحشود من المؤمنين.

 

البطريرك ميناسيان

 

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك ميناسيان قال فيها إنّ هذا الاحتفال في بازيليك سيدة لبنان هو "قلبٌ نابض بالإيمان والوحدة"، إذ يجتمع أبناء الكنيسة "كعائلةٍ واحدةٍ، لبنانيةٍ ورسوليةٍ"، على هذا الجبل "حيث يلتقي الإيمان بالوطن، والسماء بالأرز".

 

وأشار إلى أنّ القداس الاحتفالي ليس للكنيسة الأرمنية الكاثوليكية وحدها، بل لجميع الكنائس الكاثوليكية في لبنان، "عربون وحدةٍ وشهادةٍ مشتركةٍ في المسيح المخلّص"، مؤكدًا أنّ هذا الاحتفال ليس "مجرّد ذكرى لرجل من الماضي"، بل هو "جواب الكنيسة الجامعة الرسوليّة لصرخة نفسٍ أحبّت المسيح حتى الاستشهاد". وشدّد على أنّ الصليب "ليس هزيمة بل انتصار".

 

وتابع البطريرك مينيسيان أنّ الكنيسة تجتمع اليوم "لنصلي بإيمان حيّ"، لانّ الله تجلّى في شخص القديس إغناطيوس مالويان، الذي يدعو المؤمنين إلى إيمان "لا يعرف الخوف، ولا يتعب من الرجاء، ولا يخجل من المحبة"، مشيرًا إلى أنّ دماء الشهداء "ليست صامتة، بل صوتٌ يرنّ عبر الأجيال". كما ذكّر بقول المسيح في إنجيل يوحنا: «ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه» (يو 15:13)، معتبرًا أنّ هذه الكلمات "ليست إعلانًا للمحبّة فحسب، بل نبوءة عن تضحية قد حدثت في حياة الابن المتجسّد". وأكد أنّ موت المسيح "لم يكن نهاية، بل بداية القيامة والحياة الأبدية".

وأوضح أنّ القديس مالويان عاش هذا اليقين، "فعاش في زمن الاضطهاد والرعب، لكنه بقي ثابتًا في إيمانه" رافضًا كل العروض للتخلّي عن المسيح، ومعلنًا: «نحن نموت، ولكننا نموت من أجل المسيح». واعتبر أنّ الشهادة "ليست موتًا، بل انتصار الحياة على الخوف، وانفتاح الباب أمام نور القيامة"، وأنّ دمه اختلط بدم المعلّم الإلهي "فصار بذرة لحياة جديدة وشهادة لكنيسة لا تموت".

 

وفي سياق حديثه عن الواقع الراهن، أشار إلى أنّ الإيمان اليوم يُهان ويُهمَّش، وأنّ العالم بحاجة إلى "شهداء أحياء" يختارون الصدق على المساومة، والرجاء على اليأس، والرحمة على الانتقام"، مؤكدًا أنّ قداسة مالويان هي "نداء لكلّ مؤمن أن يعيش إيمانًا صادقًا، شجاعًا". وأشار إلى أنّ القديس مالويان، ككثيرين من شهداء التاريخ الأرمني، "انتصر من دون أن يحمل سلاحًا، لأنّه شهد لمحبّة أقوى الكراهية، ولرجاء أعظم من الخوف، ولأنّ الإنسان الذي يبذل حياته من أجل الحقيقة، لا يُهزَم أبدًا".

 

كما تطرّق البطريرك مينيسيان إلى الوضع اللبناني، مشيرًا إلى أنّ لبنان "عَبَر الحروب والانقسامات، لكنّه ما زال ينهض لأنّ في قلبه إيمانًا لا يُطفأ"، داعيًا إلى "مواقف مبنيّة على المحبة والصدق لا على المصالح"، وإلى تبنّي قيم التضحية والأمانة والتجرّد. وختم بطريرك الأرمن الكاثوليك عظته خلال القداس بكلمات القديس مالويان الأخيرة: «نحن نموت، ولكننا نموت من أجل المسيح»، داعيًا المؤمنين إلى حمل هذه الشهادة في حياتهم اليومية "من أجل خلاصنا وخلاص لبنان".

رئيس دير بزمار

 

وألقى المونسنيور ماشدوتس زاهتريان، رئيس الدير والنائب البطريركي لجمعية كهنة بزمار، كلمة في ختام القداس الإلهي، شدّد فيها على أن القديسين ليسوا بحاجة إلى صلوات المؤمنين ليتمجّدوا أمام الله، بل إن المؤمنين هم الذين يحتاجون إلى شفاعتهم. واعتبر أن ثبات أجداد الأرمن في إيمانهم، رغم الشدائد والتضحيات، هو شهادة حيّة تتمحور حول يسوع المسيح ونوره الذي يقود إلى القيم الروحية الأصيلة.

 

ودعا زاهتريان إلى التمسّك بالمبادئ الروحية التي عاشها الشهيد القديس إغناطيوس مالويان، مؤكدًا أن ذكراه وذكرى الأساقفة والكهنة الشهداء الأربعة عشر ستبقى مخلّدة في وجدان المؤمنين، لتُلهم الأجيال الصاعدة وتُثمر حياة روحية متجدّدة في الكنيسة. كما عبّر عن امتنانه لمشاركة أصحاب النيافة والغبطة، والمسؤولين الرسميين، والسفير البابوي المطران باولو بورجيا، وممثلي الأحزاب، والرؤساء العامين والراهبات، في هذا الاحتفال الليتورجي.

 

وقدّم الشكر لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة وإدارة مزار سيدة لبنان، وللجوقة والفرقة الموسيقية، ولوسائل الإعلام التي واكبت المناسبة. كما نوّه بعمل لجنة احتفاليات القديس مالويان، والمحسنين، وجميع الذين ساهموا في إنجاح هذا الاحتفال، والإكليريكيين والصليب الأحمر اللبناني. وختم المونسنيور ماشدوتس داعيًا إلى حمل نور المسيح إلى العالم بقوة الرجاء وثبات الإيمان.