موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
«تمّ الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالبشارة».. تعليق للقديس هيرونيمس
عظات حول إنجيل القدّيس مرقس

القديس هيرونيمس (347-420)، كاهن ومترجم الكتاب المقدّس ومعلم الكنيسة :

 

"وبَعدَ اعتِقالِ يوحَنَّا، جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل يُعلِنُ بِشارَةَ الله".

 

حسب تفسيرنا، يمثّل يوحنّا الشريعة، ويمثّل الرّب يسوع الإنجيل. في الواقع، يقول يوحنّا: "يَأتي بَعدي مَن هو أَقوى مِنيِّ..." (مر 1: 7)، وفي موضع آخَر: "لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر" (يو 3: 30): هكذا يقارِن الشريعة بالإنجيل. ثمّ يقول: " أَنا –أي الشريعة– عَمَّدتُكم بِالماء، وأَمَّا هُوَ –أي الإنجيل– فيُعَمِّدُكم بِالرُّوحِ القُدُس" (مر 1: 8). جاء الرّب يسوع إذن لأنّ يوحنّا كان قد سُجِن. في الواقع، الشريعة مغلقة ومسجونة، لم تعد تملك حرّيّتها السابقة؛ لكنّنا انتقلنا من الشريعة إلى الإنجيل.

 

"جاءَ يسوعُ إِلى الجَليل يُعلِنُ بِشارَةَ الله"...عندما أقرأ الشريعة والأنبياء والمزامير، لا أجد فيها مطلقًا كلامًا عن ملكوت السماوات: فقط في الإنجيل. لأنّه عندما جاء ذاك الّذي قيل عنه "ها إِنَّ مَلكوتَ اللهِ بَينَكم" (لو 17: 21)، عندئذٍ فقط فُتِح ملكوت الله... في الواقع، قبل مجيء المخلّص ونور الإنجيل، وقبل أن يفتح الرّب يسوع المسيح باب الفردوس عندما قال للمجرم المعلّق عن يمينه: "الحَقَّ أَقولُ لَكَ: سَتكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس" (لو 23: 43)، كانت أرواح القدّيسين تنحدر إلى مثوى الأموات. ويعقوب نفسه قال: "إِنِّي أَنزِلُ حَزينًا... إِلى مَثْوى الأَموات" (تك 37: 35) ... في الشريعة، ابراهيم موجود في مثوى الأموات؛ في الإنجيل، "لصّ اليمين" موجود في الفردوس. نحن لا ننقص من أهمّيّة ابراهيم، فكلّنا نريد أن نرتاح في أحضانه (راجع لو 16: 23)؛ لكنّنا نفضّل الرّب يسوع المسيح على ابراهيم، نفضّل الإنجيل على الشريعة.

 

نقرأ أنّه بعد قيامة الرّب يسوع، "قامَ كثيرٌ مِن أَجسادِ القِدِّيسينَ الرَّاقِدين، وخرَجوا مِنَ القُبورِ، فدَخَلوا المدينةَ المُقَدَّسة وتَراءَوا لأُناسٍ كثيرين" (مت 27: 53-54). إنّ ربّنا ومخلّصنا قد بَشّر على الأرض، وبَشّر أيضًا في مثوى الأموات؛ لقد مات، ونزل إلى في مثوى الأموات ليحرّر الأرواح الّتي كانت مقيّدة هناك (راجع 1بط 3: 18 – 22).