موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في هذا الأحد المقدّس، تحتفل الكنيسة بدخول الرب يسوع إلى أورشليم، وهو الحدث الذي يُفتتح به أسبوع الآلام العظيم. إنه يوم فرح، لكنه يحمل في عمقه مشهدًا مزدوجًا: هتاف الجموع اليوم، وصراخهم بالرفض بعد أيام قليلة. فأحد الشعانين ليس مجرد ذكرى جميلة، بل دعوة لنا في كل زمن أن نفتح قلوبنا للملك الحقيقي، لا بالكلمات فقط، بل بالإيمان العميق والثبات.
اليوم، نحمل السعف ونهتف: "هوشعنا لابن داوود!"
نفرش ثيابنا، لا على الطريق فقط، بل على عتبة قلوبنا…
يسوع يدخل أورشليم كملك، لا بسيف، بل بوداعة. لا على حصان، بل على جحش.
ملك مختلف… محب، مسالم، متواضع.
ولكن…
هذا الفرح سيتحوّل بسرعة.
من "هوشعنا" إلى "اصلبه!"
من الزغاريد إلى الصراخ…
من السعف إلى الصليب.
لماذا؟
لأن قلوب الناس آنذاك كانت تطلب مجدًا أرضيًا، لا خلاصًا أبديًا. كانوا يريدون مخلّصًا يغيّر ظروفهم، لا قلوبهم.
واليوم، في عام 2025، يدخل الرب أورشليم من جديد…
لكن أورشليم اليوم، هي قلبي وقلبك.
فهل سنفتح له الباب بصدق؟
أم سنهتف له حين تكون الحياة مريحة، ثم نبتعد عنه عندما تصبح صعبة؟
إنّ أحد الشعانين يعلّمنا أن الإيمان ليس لحظة احتفال…
بل هو رحلة حب وأمانة، من الشعانين إلى الصليب، ومن الصليب إلى القيامة!
فلنترك يسوع يملك على قلوبنا كل الأيام، لا فقط في يوم الشعانين.
ولا ننسى أن:
"هوشعنا" تعني: "خلّصنا يا رب!"
وهو، الإله الأمين، لا يزال مستعدًّا أن يخلّص، ويجدّد، ويمنح حياة جديدة، اليوم، وغدًا، وإلى الأبد.
في زحمة الشعانين، لا ننسَ أن درب الصليب يقترب…
وفي هتاف الجموع، فلنُصغِ لصوت يسوع الذي يطلب قلوبًا صادقة.
فلنكن نحن أولئك الذين لا يتراجعون،
الذين يهتفون له في الفرح،
ويبقون معه في الألم.
ولنتذكّر دومًا أن يسوع لا يبحث عن لحظة تصفيق…
بل عن قلب يُحب ويثبت معه حتى النهاية.
صلاة:
يا ربّ يسوع،
في هذا اليوم، كما استقبلكت أورشليم بهتاف وفرح،
نستقبلك نحن في قلوبنا، ونقول: "هوشعنا! خلّصنا!"
ادخل إلى أعماقنا، واملك على حياتنا،
طهّر قلوبنا كما طهّرت الهيكل،
واصنع منّا هياكل حيّة لحضورك.
لا تسمح أن تكون علاقتنا بك مؤقتة،
ولا حبّنا لك مشروطًا بالراحة أو النجاح،
بل علّمنا أن نسير معك في كل لحظة: في الفرح كما في الألم.
ثبّت أقدامنا على طريقك،
وافتَح أعيننا لنرى مجدك حتى وسط الصليب،
فنكون شهودًا لقيامك، وأبناءً لنورك، وأحبّاء لقلبك.
آمين.