موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٠

من كورونا الشوك إلى كورونا القيامة

بقلم :
الأب سالم لولص - الأردن
الأب سالم لولص، الكاهن المساعد في رعية اللاتين بمدينة مادبا الأردنية

الأب سالم لولص، الكاهن المساعد في رعية اللاتين بمدينة مادبا الأردنية

 

إنّ الليتورجية هي طريقة الكنيسة للاحتفال بعمل المسيح الخلاصي والدخول أكثر وأكثر في سرّه الفصحي وبناء ملكوته بقوة روحه القدّوس. ولا شكّ أن الأسبوع المقدّس هو  قمة هذه الليتورجية، ولعلّ الجمعة العظيمة تحتلّ مكانة خاصة في قلوب المؤمنين لما تحمله من مشاعر الحزن والألم والحب والعطاء اللّامتناهي.

 

ففي الجمعة العظيمة انغرس إكليل (كورونا) الشوك في رأس مخلّصنا، انغرس حتى سالت دماؤه المقدّسة لتمتزج بالأرض وتروي أحشاءَها. وكأنّه يذكّرنا بامتزاج دمائه بدماء أمِّهِ العذراء القدّيسة، ففي البشارة ومنذ اللحظة الأولى مريم العذراء تعطي دمها ليسوع المسيح لتبثّ فيه الحياة، أمّا في الجمعة العظيمة فيسوع المسيح هو من يُعطي دماءَه للأرض ليبثّ فيها الحياة. إنّ هذا العمل الخلاصي هو الذي يغسلنا من جديد ويلِدُنا من جديد. والكنيسة المقدسة التي وُلدت من جنبه المطعون الذي تفجّر دمًا وماءً ليطهّرا البشرية لا تزال إلى اليوم تعلن بشرى الخلاص.

 

 الأرض فهمت هذا العمل الخلاصي وعرفت من هو يسوع المسيح، فحزنت وتألّمت وبكت ثمّ صمتت الصمت الكبير... بعدها أُودع المخلّص بين يديّ أمّه البتول و زاد الصمت بعد أن وُضع مُعطي الحياة في صمت القبور!!!

 

لكنّ الكلمة الأخيرة ليست لظلمة القبور وصمتها المخيف، فنور المسيح القائم المنتصر على الموت دحرَج الحجر عن باب القبر وعن باب قلوبنا. ليعُمّ المسكونة كلّها فرحٌ طال انتظاره، فرحٌ حقّق نبؤات العهد القديم وحمل راية النصر وإكليل (كورونا) المجد. لكنّه يقول لنا أنّنا لن نرى النور والنصر في فوضى هذا العالم بل في خلوة قلوبنا. فالمسيح اليوم يدعونا لندخل في صمت قلوبنا وندخل إلى أعماق ذواتنا لنعيش عمق العلاقة مع مخلّصنا ونخرج بنور الإيمان و الرجاء والمحبة للقاء الآخر. فمن كورونا الشوك الى كورونا القيامة هذه هي دعوتنا اليوم.

 

هل نحن مستعدّون لنخرج من ألمنا وحزننا وموتنا لنصل الى كورونا القيامة؟

 

هل أستطيع أن أخرج من صمت التأمل إلى نور الإيمان لأُعلن بكل ثقة ورجاء أنّ المسيح قام من الموت؟

 

مع خبرة الأسبوع المقدّس الخاصّة والمميّزة لهذه السنة والتي عشناها من بيوتنا هل اختبرنا موتنا مع المسيح (عن إنساننا القديم بخطاياه ورذائله) وقيامتنا معه (لإنساننا الجديد المُنير بالحب والفضيلة)؟

 

فبروحٍ واحدة وقلبٍ واحد لنتّحد معاً بالصلاة ولنجدّد حياتنا مع المسيح بعبورنا من إكليل (كورونا) الشوك إلى إكليل (كورونا) المجد، آمين.