موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
منذُ اللحظة الأولى التي نُولد فيها، ونحنُ نقفُ متفرّجين على كلّ ما يحدث من حولنا! نريد أن نكتشفَ كلّ شيء من حولنا: ما هو؟ ما هي ماهيّته؟ كيف يعمل.... الخ ؟ نقفُ مُنبهرين أمام هذا العالم، أمام تفاصيله وعظمته وتعقيداته وقوانينه المُحكَمة! لكن في كثيرٍ من الأوقات كنّا نقفُ متفرّجين فقط غيرَ فعّالين، نسمعُ ما يُقال ونعمَله وكأنّنا أحد أحجارِ الشطرنج التي يُحرّكها الآخرون!
كثيرٌ من الأشياء قد ورثناها من أهلنا. ولا زلنا نحمِلُها في داخلنا وتُؤثّر على أغلبِ تصرفاتِنا على الرَغم من عدم فهمنا الكامل لأسبابها مثل: الذهاب إلى الكنيسة وإلى الدير واشتراكنا في فعاليّات الرعيّة... الخ. ففي كثيرٍ من الأحيان أكونُ مجرّد متفرّجٍ، لا أفهمُ بالعمق ما يجري، ويكونُ دافعي مجرّد تغييرٍ للروتين الذي أعيشُه في البيت أو في المدرسة أو في الجامعة أو في العمل، وقد يكون لملءِ وقت فراغي أو في أحسن الأحوال لرؤية الأصدقاء ولبناء علاقات صداقةٍ جديدة.
لكن إذا ما دخلنا إلى أعماقنا وسألنا أنفسنا ما هو الهدف الأعظم الذي يجب أن أصل إليه والذي هو أثمن بكثير من كلّ ما سبق؟
في يوم الأحد على سبيل المثال، هناك الكثيرُ من الأشخاص الذين يجلسون على مقاعدهم المعتادة في الكنيسة، أو الذين يتابعون عظةً على التلفاز، فهل هم مدركون حقاً أنّهم الآن يتواصلون من خلال هذا العمل الليتورجي العظيم مع الله حقّاً؟ و هل يدركون أنّهم قادرون الدخول في علاقة حميمةٍ مع الله عندما ينتقلون من دور المتفرّجين إلى دور الفاعلين و ذلك عندما يسمعون كلمة الله بقلوبهم ويعملون بها في حياتهم ويتّحدون بجسد المسيح ودمه لتجري فيهم حياتُه الإلهيّة؟
إنّ الوقت لم يفت بعد للدخولِ في هذه العلاقة مع الله! فلننتهز الفرصة لقضاءِ أوقاتٍ جميلةٍ مع الله من خلال العبادة والصلاة الشخصيّة والتأمّل في الكتاب المقدّس ومحبة القريب وإسعاف الغريب... الخ. وهكذا نختبر حضوره في كلّ يومٍ من أيام حياتنا. ولاشكّ أنّ للروح القدس الدّور الأعظم في هذه الخبرة فهو الذي يصلّي فينا بأنّات لا تُوصَف ويغمرنا بِمَواهِبِهِ السخيّة فيملأنا بالفرح والقوة لتصبح حياتنا إشعاعاً لحضور الله الثالوث.
دعوَتُنَا اليوم هي أن نبدأ علاقةً جديدةً مع الله، فنُمضي وقتًا أطول لنَعرِفَهُ ولنسمحَ له بأن يدخل حياتنا وقلوبنا، وبالأكثر ليلمسنا ويشفينا من خطايانا وأسقامنا، فنتحوّل إلى إشعاعٍ لحضوره فينا وفي العالم من حولنا.