موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يذكر كاتب رسالة العبرانيين (في الفصل الثاني) أن المسيح هو عظيم الكهنة. كان الكاهن في العهد القديم يحرق العجل الأول ليكفر عن خطايا الشعب المذكورة في سفر الأحبار الإصحاح الرابع. بحيث كان الوسيط بين الله والشعب، يقدم الذبائح بحسب الناموس، ويطلب الشفاعة من الله من أجل غفران خطايا الشعب. لكن المسيح أتى ليوقف غضب الله على الخطأة، ويصبح نفسه عظيم كهنتنا ورئيسهم، ويقدم نفسه ذبيحة مرة واحدة، ليدفع القصاص لكل خطايانا وإلى الأبد. جعل المسيح نفسه ذبيحة مرة واحدة للبشرية جمعاء ليكفر عن خطايا البشرية وليفتح لنا ملكوته السماوي. المسيح هو القادر على أن يخلص الذين يقتربون إليه إلى الله خلاصاً تاماً. والسبب هو أن المسيح بصفته عظيم كهنة لا يوجد غيره من هو أهل أكثر منه للشفاعة لدى الله، كما أن كهنوته يتفوق على كهنوت هارون. المسيح اجتاز السماوات كما كان ينتقل عظيم الكهنة في يوم التكفير من امام الشعب الى قدس الاقداس. رسالة العبرانيين الاصحاح الرابع تذكر ان المسيح اجتاز السماوات وهو ابن الله وهو عظيم كهنة. انه امتحن في كل شيء مثلنا ما عدا الخطيئة وان المحن التي عاناها المسيح من اجلنا جعلته قربيا من البشرية لكن لم تبعده عن الله. المسيح الممجد قريبا من البشرية والممجد قريبا من الله صار واصبح عظيم كهنة. اذن ما علينا الا التمسك به بشهادة الايمان التي ضحى بنفسه من اجلنا. العبرانيين الاصحاح الخامس تقول ان عظيم كهنة كان ينتخب من بين الناس ويقام ويصبح عظيم كهنة من اجل الشعب في صلتهم بالله. في العهد القديم هناك ثلاثة اشياء كان يعملها الكاهن. الشيء الاول الكاهن كان رجل بيت الله وله الحق في الاقتراب من الله ورد في سفر الخروج الاصحاح 28 و29 وفي سفر العدد الاصحاح 18. الشيء الثاني كان عظيم الكهنة يستشير الله ويساله عن احكامه وشرائعه جاء في سفر تثنية الاشتراع الاصحاح 33 وسفر الاحبار الاصحاح 10 وسفر ملاخي الاصحاح 2. الشيء الثالث كان عظيم الكهنة فقط هو الذي يقرب الذبائح كما ورد في سفر الاحبار الاصحاح 1 . عظيم كهنة ينتخب الا الذي دعاه الله كما دعا هارون. اذا ان المسيح لم ينتحل ويجعل نفسه عظيم كهنة بل ان هذا المجد تلقاه من الله الذي قال له انت ابني وانا اليوم ولدتك كما ورد في سفر مزمور 2. وذكر في مكان اخر انت كاهن للابد على رتبة ملكيصادق. المسيح الذي تحمل الالام طوال حياته وضحى بنفسه من اجلنا ورفع الابتهال والدعاء بلغ الكمال صار له المجد للذين يؤمنون به ويطيعونه سبب خلاصنا الابدي والسبب هو ان الله اعلنه عظيم كهنة على رتبة ملكيصادق واعلان كهنوته. الكهنوت اللاوي لم يكن ان يستحق الكمال ولذلك استبدل به بكهنوت افضل هو كهنوت المسيح الذي صار عظيم كهنة وصار الكمال فيه. مع العلم ان ربنا يسوع المسيح خرج من سبط يهوذا من سبط لم يذكره موسى في كلامه على الكهنة كما ورد في رسالة العبرانيين الاصحاح 7 / 14. الشريعة لم تبلغ الكمال لضعفها وقلة فائدتها وعليه ادخل رجاء افضل لكي نتقرب الى الله وهذا الرجاء وهذا الكمال هو المسيح الذي صار عظيم كهنة على رتبة ملكيصادق واقسم الرب للذي الجالس عن يمينه اي يسوع انك كاهن للابد ولم يندم كما جاء في العبرانيين الاصحاح 7 / 21. شيء اخر نذكره ان كهنة العهد القديم كانوا يموتون ولا يبقون احياء. لكن المسيح فلا يزول كهنوته الى الابد وهو فريد وهو الذي يلائمنا ونقي وبريء ومنفصل عن الخاطئين ولا حاجة بعد ذلك ان يقرب الكهنة ذبائح وقرابين لله كما يفعل كهنة العهد القديم سابقا لغفران خطايا الشعب. المسيح بصفته عظيم كهنة فعل ذلك مرة واحدة حين قرب نفسه والسبب الاخر ان الشريعة كانت تقيم اناسا ضعفاء عظماء كهنة. اما اليمين اي القسم الذي اقسمه الله انت كاهن للابد اي المسيح يقيم لنا كاهن كاملا للابد فالكاهن الجديد اي المسيح جلس عن يمين الله الاب صار خادما للقدس والخيمة الحقيقية التي نصبها الرب لا الانسان. لان الكاهن كان يقرب القرابين والذبائح وفقا للشريعة وكانت عبادتهم عبادة صورة وظل للحقائق السماوية كما ورد في العبرانيين الاصحاح 8 وكما فعل موسى النبي عندما قال له الله بان ينصب الخيمة قال انظر واعمل كل شيء على الطراز الذي عرض عليك على الجبل كما جاء من رسالة العبرانيين الاصحاح 8. اذا المسيح عظيم كهنة صار افضل ووسيط عهد جديد ونال خدمة افضل من كهنة العهد القديم ولو كان العهد الاول لا غبار عليه لما كان داع الى عهد اخر اي عهد المسيح عظيم كهنتنا ولكن ياتي العهد الجديد ليغفر خطايانا ويخلصنا من العهد القديم الذي صار قديما ولا فائدة منه فالمسيح يدخل القدس السماوي كيف العهد الاول كانت له احكام هي الخيمة الاولى كانت فيها المنارة والمائدة والخبز المقدس كما ورد في العبرانيين الاصحاح 9 وفيها ايضا تابوت العهد المغشى بالذهب وفيه وعاء ذهبي يحتوي المن وعصا هارون. عظيم الكهنة كان يدخل قدس الاقداس مرة واحدة في السنة ولكن لا يدخلها بلا دم بل بالدم الذي يقربه للشعب كل هذه القرابين والشعائر ليست الا شعائر واحكام بشرية من ماكل ومشارب ومختلف الوضوء فرضت الى وقت الاصلاح وليس بوسعها ان تجعل من يقوم بهذه الشعائر اي عظيم كهنة ان يكون كاملا من جهة الضمير. المسيح بصفته عظيم كهنة دخل القدس مرة واحدة لا بدم التيوس والعجول وحيوانات اخرى بل دخل المسيح بدمه فحصل الفداء الابدي الى جميع البشر فلو كان دم الحيوانات يقدسان المنجسين لتطهر اجسامهم فما اولى المسيح الذي قرب نفسه بدمه لغفران الخطايا وبروح ازلي ليطهرنا من الاعمال الميتة لنعبد الله الحي كما جاء من رسالة العبرانيين. فالمسيح يختم العهد الجديد بدمه ولم يدخل قدسا صنعه الانسان بل دخل السماء عينها ليقرب نفسه مرة واحدة بدمه ليزيل خطايا الجماعة وسيظهر ثانية بمعزل عن الخطيئة للذين ينتظرونه للخلاص والمجد لله امين