موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٥ أغسطس / آب ٢٠٢١

الأحد العاشر بعد العنصرة 2021

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد العاشر بعد العنصرة

الأحد العاشر بعد العنصرة

 

الرِّسالَة

 

لتكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا كمثلِ اتّكالنا عليك

ابتهجوا أيُّها الصدِّيقون بالربّ

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (1 كو 4: 9–16)

 

يا إخوةُ، إنَّ الله قد أبرزَنا نحنُ الرسلَ آخِرِي الناسِ كأنَّنا مجعولونَ للموت. لأنَّا قد صِرنا مَشهداً للعالم والملائكةِ والبشر. نحنُ جهَّالٌ من أجلِ المسيحِ أمَّا أنتمُ فحكماءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاءُ وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكرَّمون ونحن مُهانُون. وإلى هذه الساعةِ نحنُ نجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرَى ونُلطَمُ ولا قرارَ لنا، ونَتعَبُ عامِلين. نُشتمُ فَنُبارِك. نُضطَهدُ فنحتمل، يُشنَّعُ علينا فَنَتضَرَّع. قد صِرنا كأقذارِ العالم وكأوساخٍ يستخبِثُها الجميعُ إلى الآن. ولستُ لأخجِلَكُم أكتبُ هذا وإنَّما أعِظُكُم كأولاديَ الأحبَّاءِ. لأنَّه، ولو كانَ لكم ربوةٌ منَ المُرشِدينَ في المسيح، ليسَ لكم آباءٌ كثيرون، لأنّي أنا وَلَدْتُكم في المسيحِ يسوعَ بالإنجيل. فأطلبُ إليكم أن تكونوا مقتَدِينَ بي.

 

الإنجيل


فصل شريف من بشارة القديس متى (متّى 17: 14-23) 

 

في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ إنسانٌ فجثا لهُ وقال: يا ربُّ ارحمِ ابني فإنَّهُ يُعذَّبُ في رؤوسِ الأهِلَّةِ ويتالَّم شديداً لأنَّهُ يقعُ كثيراً في النار وكثيراً في الماءِ، وقد قدَّمتُهُ لتلاميذِك فلم يستطيعوا أنْ يَشْفُوهُ. فأجاب يسوعُ وقال: أيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمنِ الأعوجُ، إلى متى أكون معكم؟ حتّى متى أَحتملكم؟ هلَّم بهِ إليَّ إلى ههنا. وانتهرهُ يسوعُ فخرجَ منهُ الشيطانُ وشُفيَ الغلامُ من تلكَ الساعة. حينئذٍ دنا التلاميذُ إلى يسوعَ على انفرادٍ وقالوا: لماذا لم نستطِعْ نحن أنْ نُخْرِجَهُ؟ فقال لهم يسوع لِعَدمِ إيمانِكم. فإنّي الحقَّ أقولُ لكم: لو كانَ لكم إيمانٌ مثلُ حبَّةِ الخردلِ لكنتُم تقولون لهذا الجبلِ انتقِلْ من ههنا إلى هناك فينتقِلُ ولا يتعذَّرُ عليكم شيءٌ. وهذا الجِنس لا يخرجُ إلاَّ بالصلاة والصّوم. وإذ كانوا يتردَّدون في الجليل قال لهم يسوع: إنَّ ابنَ البشر مزمِعٌ أن يُسلَّمَ إلى أيدي الناس فيقتلونهُ وفي اليوم الثالث يقوم.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

 

أيها الأحباء، في الكتاب المقدس وعود بالشفاء والخلاص المؤكد من الخطيئة، ووعود بالفرح الإلهي والحياة الأبدية التي نحصل عليها بقدر ما نطيع ونقتبل سر الله ونذوقه في مصائب الدنيا، في الروح كان أم في الجسد، عندما تكون حالتنا كحالة عذاب هذا الشابّ، ولسان حالنا "يا ربّ ارحمني".

 

حدثت معجزة شفاء هذا الشاب بعد نزول المسيح من جبل طابور حيث تحول وأظهر مجد إلهه للتلاميذ الثلاثة الذين حضروا هذا الحدث الإعجازي، وهذا يدل على الأهمية الخاصة للحدث.

 

التلاميذ الثلاثة في جبل طابور قالوا: أنهم رأوا مجد ألوهية المسيح، وسمعوا صوت الآب ورأوا السحابة الساطعة التي طغت عليهم. إنه مجد الثالوث الأقدس، ووحي ملكوت الله. أن ملكوت الله بالنسبة لنا نحن ليس حقيقة مخلوقة، بل رؤية ومشاركة مجد الله. في الوقت نفسه، رأى التلاميذ نبيي العهد القديم، موسى وإيليا، يتحدثان مع المسيح. لقد ابتهجوا كثيرًا لدرجة أن الرسول بطرس أعرب في وقت من الأوقات عن رغبته في البقاء هناك بشكل دائم، وإقامة ثلاث خيام للمسيح والنبيين، ولكي يبقوا هناك ليروا مجده. كل هذه الصورة، وكذلك رغبة التلاميذ تبين لنا ما سيكون عليه الفردوس، وكيف سيعيش هؤلاء المستحقين بإن يدخلوا إلى الفردوس. إنها قداس إلهي مستمر، ونظرة دائمة لمجد الله الثالوث.

 

بعد هذه الخبرة التي عاشها تلاميذ المسيح الثلاثة على جبل طابور لملكوت الله، وبعد نزولهم من الجبل يقابلون شابًا يعذبه الشيطان ، أب يتألم ويتعرض أبنه للتعذيب طالباً المساعدة والدعم.

 

يتبين لنا مِن وصف الأب لمرض إبنه، بأن "به شيطان" في لغة تلك الأيام، ومُصاب بمرض "الصرع" بلغة أيامنا... تجدر الإشارة إلى أنه كانت تُنسَب إلى "الشياطين" أمراض كثيرة في تلك الأيام، حيث يفقد الإنسان السيطرة على تصرّفاته، على مثال مرض الصرع، فكانوا يَعزون ذلك إلى إستحواذ "الشيطان" على ذلك الإنسان. في رواية اليوم، قد أتى هذا الرجل مؤمناً بأن يسوع قادر على إبراء إبنه، لكن يسوع كان غائباً، فظنّ الرجل أن تلاميذه قد يكونون على صورة مُعلّمهم، أي على نفس المُستوى من المقدرة والمهارة، فخاب ظنّه لأن التلاميذ لم يقدروا على إبراء الغلام. "يا رب ارحمنا" بهذه العبارة يتوسل الرجل (ابو الصبي) راكعاً أمام السيد طبيب النفوس والأجساد. يشرح الأب االذي يعاني أبنه للمسيح أن فلذة كبده "مريض" والعواقب العملية للمرض والأزمة والخطر المحدق به من أن يحترق أو يغرق "مرات عديدة يسقط في النار ومرات عديدة في الماء". أخذ الاب ابنه المتألم إلى تلاميذ المسيح، ولم يكن المسيح هناك في تلك اللحظة بالذات. حاول التلاميذ علاجه وبالطبع أرادوا ذلك لكنهم لم ينجحوا.

 

أمر يسوع الشيطان وخرج منه فشفي الصبي من تلك الساعة. نعم لقد شفى المسيح الصبي المتألم. ولكن ما هو الجوهر؟ أنه بدون المسيح لا يمكنهم فعل أي شيء. "بدوني لا يستطيع أحد أن يفعل أي شيء" على العكس من ذلك، مع المسيح لا شيء مستحيل. الإيمان والصلاة والصوم وحفظ الوصايا قوى متماسكة تجعلنا قريبين من المسيح وصد الشياطين. لهذا نقول أن الإيمان يعني الحياة مع المسيح. لا تنفصل عنه. أو أن أعيش مثل بولس "أنا لا أحيا بل المسيح يحيا فيَّ".

 

تأتي حادثة شفاء الشابّ المصروع لتؤكد هذا الأمر وتظهر التلاميذ عديمي الإيمان. يسوع وحده قادر على العمل بسلطان الله. أما التلاميذ فلم يكونوا قادرين على أن يعملوا بالسلطان الذي يعطيهم إياه يسوع إلا بعد قيامته.

 

الإيمان يعني جهاد الليل والنهار بكل الوسائل الممكنة للعيش مع المسيح والروح القدس. أنا أشارك في حياة المسيح، فهذا يعني أنني أقبل جميع البشر تمامًا لأن المسيح إله كامل من إله حقيقي.

 

بالإيمان نستطيع طرد "الشياطين"، وما أكثرها في حياتنا اليوميّة... غير أن هذا الإيمان له متطلّباته، فنرى يسوع يقدّم  لنا وصفة مجانية وهو سر نجاح الإيمان. إلا وهو "الصلاة والصوم". في موضوع الصلاة، لا يحيا إيمان بدونها، فالصلاة هي العلاقة القلبيّة بالله.

 

أنا أؤمن يا رب، ساعدني حتى لا أفقد إيماني. إرضاء لطفك، والشفقة على خليقتك، والعطف على أعمال يديك، وأرحم من اعتمد باسمك، وتذكر أنك أتيت إلى الأرض من أجل الخطاة وليس من أجل الصالحين حتى يتم تمجيد اسمك القدوس.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الأوَّل

إنَّ الحجرَ لمَّا خُتِمَ من اليهود، وجسدَكَ الطَّاهِرَ حُفِظَ من الجُنْد، قُمْتَ في اليوم الثَّالِثِ أيُّهَا المُخَلِّص، مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قُوَّاتُ السَّمَاوَات هَتَفُوا إليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لقيامَتِكَ أيُّها المسيح، المجدُ لمُلْكِكَ، المجدُ لِتَدْبِيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.

 

الطروبارية للمنديل الشريف باللحن الثاني

 لصورتكَ الطَّاهرة نسجدُ أيُّها الصَّالح، مُستمدِّينَ مَغفرةَ خطايانا أيُّها المسيح إلهنا. لأنّ بمشيئتِكَ سُررتَ أن تَصعدَ بالجسدِ على الصَّليب، لتُنَجِّي الذين خلقتَ من عبوديَّة العدوّ، فلذلك نهتف إليكَ بشكر، لقد ملأتَ الكلَّ فرحاً يا مُخلِّصنا إذ أتيتَ لتخلِّص العالم.

 

طروبارية عيد رقاد والد الإله

في ميلادِك حفظتِ البتوليّة وصنتِها، وفي رقادِكِ ما أهملتِ العالمَ وتركتِه يا والدة الإله، لأنّك انتقلتِ إلى الحياة بما أنّك أمّ الحياة، فبشفاعاتِك أنقذي من الموتِ نفوسَنا.

 

قنداق رقاد العذراء باللّحن الثاني

إنّ والدةَ الإلهِ التي لا تغفَلُ في الشَّفاعات، والرّجاءَ غيرَ المردودِ في النجدات، لم يضبطُها قبرٌ ولا موتٌ، لكن، بما أنّها أمُّ الحياة، نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعِها الدائم البتوليّة.