موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٥

الأحد الثالث بعد العنصرة 2025

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأب بطرس ميشيل جنحو

الأب بطرس ميشيل جنحو

 

الرِّسالَة

 

قوتي وتسبحتي للرب

ادبا ادبني الرب

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية (1:5-10)

 

يا إخوة إذ قد بُررنا بالإيمــان فلنا سلامٌ مع الله بربنـا يسوع الـمسيح الذي به حصل أيضاً لنا الدخول بالإيمـان إلى هـذه النعمة التي نحن فيهـا مقيمون ومفتـخـرون في رجاء مجد الله. وليس هـذا فقط بل أيضاً نفتـخر بالشدائد عـالمين أن الشدة تنشئ الصبر، والصبر ينشئ الامتحان، والامتحان الرجاء، والرجاء لا يُخـزي، لأن محبة الله قد أفيضت في قلوبنـا بالـروح القـدس الذي أعطي لنا، لأن المسيـح إذ كنـا بعـد ضعـفاء مـات في الأوان عن الـمنـافقين ولا يكاد أحدٌ يمـوت عن بار. فلعـل أحداً يُقدم على أن يمـوت عن صالح؟ أمّا الله فيدل على محبتـه لنـا بأنه، إذ كنا خطأة بعد، مات المسيح عنا. فبالأحرى كثيراً إذ قد بُـرّرنا بدمـه نخلـص به من الغـضب، لأنّا إذا كنا قد صولحنا مع الله بموت ابنـه ونحن أعداءٌ، فبالأحرى كثيراً نخلُص بحياته ونحن مُصالَحون.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس متى (6: 22–33)

 

قال الربُّ: سراجُ الجسدِ العينُ. فإنْ كانت عينُك بسيطةً فجسدُك كلُّهُ يكونُ نيِّرًا. وإن كانت عينُك شرّيرةً فجسدُك كلُّهُ يكونُ مُظْلماً. وإذا كان النورُ الذي فيك ظلاماً فالظلامُ كم يكون! لا يستطيع أحدٌ أنْ يعبُدَ ربَّينِ، لأنُّهُ إمَّا أنْ يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخَرَ أو يلازِمَ الواحِدَ ويَرْذُلَ الآخَر. لا تقدرون أن تعبُدوا اللهَ والمالَ. فلهذا أقولُ لكم لا تهتمُّوا لأنفسِكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادِكم بما تلبَسون. أليستِ النفسُ أفضلَ مِنَ الطعامِ والجسَدُ أفضَلَ من اللباس؟ أنظروا إلى طيور السماءِ فإنَّها لا تزرعُ ولا تحصِدُ ولا تخزُنُ في الأهْراءِ وأبوكم السماويُّ يَقوتُها. أفلستم أنتم أفضلَ منها؟ ومن منكم إذا اهتمَّ يقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامتهِ ذراعاً واحدة؟ ولماذا تهتمّونَ باللباس؟ اعتبِروا زنابقَ الحقلِ كيف تنمو. إنَّها لا تتعبُ ولا تَغْزِل، وأنا أقولُ لكم إنَّ سليمانَ نفسَه، في كلِّ مجدِه، لم يلبَسْ كواحِدَةٍ منها. فاذا كان عشُب الحقلِ الذي يُوجَدُ اليومَ وفي غدٍ يُطرَحُ في التنُّورِ يُلبِسهُ اللهُ هكذا أفلا يُلبِسُكم بالأحرى أنتم يا قليلي الإيمان؟ فلا تهتمّوا قائلين ماذا نأكلُ أو ماذا نشربُ أو ماذا نلبَسُ، فإنَّ هذا كلَّهُ تطلُبهُ الأُمم. لأنَّ أباكم السماويَّ يعلمُ أنَّكم تحتاجون إلى هذا كلِّهِ. فاطلبوا أوّلاً ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ وهذا كلُّهُ يُزادُ لكم.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

يُشبّه الرب عقل الإنسان بالعين. يقول إن العين هي السراج الذي يُنير الجسد كله. عندما تكون العين سليمة يُنير الجسد كله. أما عندما تكون العين معطوبة، فيغرق الجسد كله في ظلام. فإذا كان العقل الذي وُضع في داخلي ظلامًا، كما يُشير الرب، فكم بالحري ظلمتك الداخلية؟

 

هذا السؤال المُثير للدهشة من الرب ينبغي أن يُقلقنا جميعًا. أي: لنرَ إن كان عقلنا، وهو عين النفس، أعمى، ففي هذه الحالة ستغمر نفسنا بأكملها في ظلام روحي.

 

متى يكون العقل أعمى، ظلامًا، كما يُسميه الرب؟ في الواقع، يُصبح ظلامًا حقًا عندما يكون بعيدًا عن الله، النور الحقيقي. ويكون بعيدًا عن الله عندما لا يرغب في العيش وفقًا لمشيئته ولا يستنير بتعاليمه.

 

النتائج نلمسها جميعًا الآن. الروح، إذ تفقد نورها، تفقد توجهها وتسير في اتجاهات خاطئة. تتوقف عن السعي وراء الحياة الأبدية في ملكوت الله الذي خُلقت من أجله، وتسعى وراء ملذات الدنيا. تنسى خالقها وتتجه بجنون نحو المخلوقات، فتقع ضحيةً لآلهة وأصنام زائفة متنوعة. أي أنها تنجذب إلى البدع، والمنظمات المظلمة ، والأنظمة شبه الدينية التي يرأسها مرشدون روحيون مختلفون، بل وحتى إلى عبادة الشيطان! قال الآباء القديسون: "العقل المنعزل عن الله إما أن يصبح وحشيًا أو شيطانيًا". العقل الذي ينأى عن الله يصبح كالوحوش أو الشياطين! (القديس غريغوريوس بالاماس).

 

فلننتبه لهذا. فلنكن قريبين من الرب، ولندرس تعاليمه باهتمام وتقوى، ولنجتهد في العيش وفقًا لمشيئته، حتى تستنير عقولنا بنعمته الإلهية، فتهدي الروح نحو غايتها الأسمى، ألا وهي اتحادها بخالقها.

 

يؤكد مسيحنا أنه لا يمكن لأحد أن يكون عبدًا لسيدَين في آنٍ واحد. فإما أن يبغض أحدهما ويحب الآخر، أو أن يتمسك بالأول ويحتقر الثاني. لذلك، يخلص إلى أنه لا يمكن أن تكونوا أنتم أيضًا عبيدًا لله والمال معًا، أي للثروة. وماذا يقترح؟ هنا: لا تهتموا، كما يقول بحياتكم، بما تأكلون أو تشربون؛ ولا بأجسادكم بما تلبسون. أليست حياتكم خيرًا من الطعام، وأجسادكم خيرًا من اللباس؟ أليس الله، الذي وهبكم الحياة والجسد، هو الذي يمنحكم ما تحتاجونه للحياة؟ انظروا إلى طيور السماء. إنهم لا يزرعون ولا يحصدون ولا يجمعون في مخازن، وأبوكم السماوي يقوتهم. أتظنون أنكم لستم أفضل منهم؟ من منكم إذا تعب يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ لا أحد. لذا توكلوا على الله، لا على أتعابكم وجهادكم. ولماذا تهتمون وتقلقون بشأن لباسكم؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو. إنها لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم: حتى سليمان العظيم لم يكن يلبس كواحدة منها. فإن كان الله يلبس هكذا الزوان الذي يُطرح في التنور، أفلا يلبسكم بالحري أنتم يا قليلي الإيمان؟

 

لذلك لا تهتموا قائلين: "ماذا نأكل؟" أو "ماذا نشرب؟" أو "ماذا نلبس؟" لأن الوثنيين يطلبون هذه الأشياء. هذا ليس من حقكم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى كل هذه الأشياء. لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله، وستُعطى لكم جميع هذه الأشياء السماوية مع الضروريات الأرضية.

 

"اطلبوا أولاً ملكوت الله". هذه هي الخاتمة النهائية لكلمات ربنا. من الواضح أن ما يُصرّ الرب على التخلص منه ليس مجرد الهم والعمل، اللذين هما واجبنا جميعًا، بل هو الهمّ المُقلق الذي يُعذب النفس ويخنقها ويمنعها من التنفس.

 

وما هو هذا الهمّ المُقلق؟ إنه هذا القلق المعروف في عصرنا، والذي يتحول إلى مشنقة للنفس. مشنقة حقًا. إنه يخنق الإنسان ويغرقه ويقوده إلى اليأس. ماذا سأفعل؟ كيف سأتأقلم؟ كيف سأربي أطفالي؟ كيف سأُعلّمهم؟ كيف سأُعيد تأهيلهم؟ أسئلةٌ طاغيةٌ تُعذبُ جموعًا من الناس، وكثيرًا ما تُغرقهم في اليأس. ماذا حدث هنا؟ الأمر واضح. أصبح الإنسان عبدًا للمال، ووقع في فخّ العالم الحاضر. ونتيجةً لذلك، نسي الله، ولم يُعزّز وطنه الحقيقي. أعطى الثانوي المكانة الأولى، والأول الثاني أو الأخير. ولذلك، فإن كل قلقه وكفاحه منصبّان على كيفية اكتساب هذه الأشياء. ليالٍ بلا نوم، جريًا، وخططًا تلو الخطط، ليلًا ونهارًا، يدور عقله حولها باستمرار، لا يتعامل إلا معها.

 

النتيجة؟ أن يكون تعيسًا، ساعيًا وراء حلمٍ بعيد المنال. لأن الإنسان المخلوق لللانهائي والأبدي، لا يمكن أن يكون سعيدًا على الأرض، مهما اكتسب. يبقى تعيسًا وغير راضٍ، حتى يأتي الوقت الذي، دون أن يتوقعه، يُدق ناقوس الخطر مُعلنًا "إخلاء المبنى" النهائي والرحيل العظيم! ثم؟ حينئذٍ يُدرك أنه فقد كل شيء. سواءً المؤقت الذي ألغاه، أو الأبدي الذي نسيه.

 

إذن الحل هو بالضبط ما أشار إليه الرب: "اطلبوا أولًا ملكوت الله". أولًا وقبل كل شيء، اطلبوا ملكوت الله. هذه هي الرؤية الأسمى لحياتنا. يجب أن تصب جميع أفكارنا وخططنا وجهودنا العظيمة في هذا، في كيفية نيل ملكوت إلهنا. وحينها سيمنحنا الرب جميع ضروريات الحياة. ستتدفق حياتنا بمعجزات. حتى تنفتح أعيننا على النبع الأبدي!

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الثاني

عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.

 

القنداق باللَّحن الثاني

يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.