موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١

الأحد الذي قبل عيد ميلاد المسيح

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
اليوم العذراء تأتي إلى المغارة لتلد الكلمة الذي قبل الدهور، ولادةً لا تفسّر ولا يُنطق بها

اليوم العذراء تأتي إلى المغارة لتلد الكلمة الذي قبل الدهور، ولادةً لا تفسّر ولا يُنطق بها

 

الرِّسالَة

 

مُباركٌ أنتَ يا ربُّ اله آبائنا، لأنَّكَ عَدلٌ في كلِّ ما صَنَعْتَ بنا

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين (11: 9-10، 32-40)

 

يا إخوةُ، بالإيمانِ نَزَل إبراهيمُ في أرضِ الميعاد نزولَهُ في أرضٍ غريبةٍ، وسَكَنَ في خِيَامٍ معَ إسحقَ ويعقوبَ الوارثَيْن معهُ للموعِدِ بعينهِ، لأنَّهُ انتظرَ المدينةَ ذاتَ الأُسسِ التي الله صانِعُها وبارئُها. وماذا أقول أيضاً. إنّه يضيق بيَ الوقتُ إن أخبرتُ عن جدعون وباراقَ وشَمْشُونَ ويَفْتَاحَ وداودَ وصموئيلَ والأنبياء، الذين بالإيمانِ قهَرُوا المَمَالِكَ وعَمِلُوا البِرَّ ونالوا المواِعد وسدُّوا أفواهَ الأسودِ وأطفأوا حِدَّة النارِ ونجَوا من حَدِّ السَّيفِ وتقوَّوا من ضَعْفٍ وصاروا أشِدَّاءَ في الَحْرِب وكَسَرُوا مُعَسْكَرَاتِ الأجانِب، وأخَذَتْ نساءٌ أمواتَهُنَّ بالقيامة. وعُذِّبَ آخرونَ بتوتيرِ الأعضاءِ والضَّرْبِ، ولم يَقْبَلُوا بالنَّجاةِ ليحْصُلُوا على قيامةٍ أفضل. وآخَرُونَ ذاقُوا الهُزْءَ والجَلْدَ والقُيُودَ أيضاً والسِّجْن، ورُجِمُوا ونُشِرُوا وامْتُحِنُوا وماتُوا بحدّ السَّيفِ، وسَاحوا في جلودِ غَنَمٍ ومَعَزٍ وهم مُعْوَزُون مُضَايَقُون مَجْهُودُونَ (ولم يَكُنِ العالم مُسْتِحقًّاً لهم). وكانوا تائِهِين في البراري والجبالِ والمغاوِرِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاء كُلُّهُم مشهودًا لهم بالإيمان لم ينالوا المواعِد، لأنَّ الله سبقَ فنظرَ لنا شيئاً أفضلَ أنْ لا يَكْمُلُوا بدونِنَا.

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى (1: 1- 25)

 

كتابُ ميلادِ يسوعَ المسيحِ ابنِ داودَ ابنِ إبراهيم. فإبراهيمُ ولدَ إسحقَ وإسحقُ ولدَ يعقوبَ ويعقوبُ ولدَ يهوذاَ وإخوتَهُ ويهوذَا ولدَ فارَصَ وزارَحَ من تامار. وفارصُ ولدَ حصرونَ وحصرونُ ولدَ أرامَ وأرامُ ولد عمِّينَادَابَ وعمِّينَادابُ ولدَ نَحْشُوَن ونحشونُ ولد سَلْمُونَ وسلمونُ ولد بُوعَزَ من رَاحَاب. وبوعزُ ولدَ عُوبيدَ من رَاعُوثَ وعوبيدُ ولد يَسّى وَيسَّى ولدَ داودَ الملك وداودُ الملكُ ولدَ سُلَيمَانَ من التي كانَت لأورِيَّا. وسليمانُ ولدَ رَحبعامَ ورحبعامُ ولد أبيَّا وأبيَّا ولدَ آسا وآسا ولدَ يُوشَافَاطَ ويوشافاطُ ولد يُورَامَ ويورامُ ولد عُزّيًّا وعُزِّيَّا ولد يُوتَامَ ويوتامُ ولدَ آحازَ وآحازُ ولد حَزقيَّا وحزقيَّا ولدَ مَنَسَّى ومنسَّى ولدَ آمُونَ وآمُونُ ولدَ يوشيَّا، ويوشيا ولدَ يَكُنْيَا وإخوتَهُ في جلاءِ بَابِل. ومن بعد جلاءِ بابل يَكُنْيا ولد شألتَئيلَ وشألتئيلُ ولدَ زَرُبابلَ وزَرُبابلُ ولدَ أبيهودَ وأبيهودُ ولد ألِياقيمَ وألياقيمُ ولد عازورَ وعازُورُ ولدَ صادُوقَ وصادوقُ ولد آخيمَ وآخيمُ ولد أليهودَ وأليهودُ ولد ألعازارَ وألِعازارُ ولد مَتَّانَ ومَتَّانُ ولد يعقوبَ ويعقوبُ ولد يوسفَ رجلَ مريمَ التي وُلد منها يسوعُ الذي يُدعَى المسيح. فكلُّ الأجيالِ من إبراهيمَ إلى داودَ أربعةَ عشرَ جيلاً، ومن داودَ إلى جلاءِ بابل أربعةَ عشرَ جيلاً ومن جلاءِ بابل إلى المسيح أربعةَ عشرَ جيلاً. أمّا مولدُ يسوعَ المسيحِ فكان هكذا: لمَّا خُطبت مريمُ أمُّهُ ليوسفَ وُجدتْ من قبلِ أنْ يجتمعا حُبلى من الرُّوحِ القُدُس. وإذ كان يوسُفُ رَجُلُها صِدِّيقاً ولم يُرِد أنْ يَشْهَرَها همَّ بتخلِيَتِها سرًا. وفيما هو متفكّرٌ في ذلك إذا بملاكِ الربّ ظهر لهُ في الحُلم قائلاً: يا يوسفُ ابنَ داود لا تَخفْ أنْ تأخذ إمرأتك مريم. فإنَّ المولودَ فيها إنَّما هو من الرُّوح القُدُس، وسَتَلِدُ إبنًا فتُسمّيهِ يسوعَ فإنَّهُ هو يخلِّصُ شعبهُ من خطاياهم. (وكان هذا كلُّهُ ليتمَّ ما قيل من الربّ بالنبي القائل: ها إنَّ العذراءَ تحبلُ وتلد ابناً ويُدعى عِمَّانوئيل الذي تفسيرُهُ الله معنا)، فلمَّا نهض يوسف من النوم صنع كما أمرهُ ملاكُ الرب. فأخَذَ إمرأتَهُ ولم يعرِفْها حتَّى ولدتِ ابنَها البكرَ وسمَّاهُ يسوع.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

عندما نقرأ قصة الميلاد كما يرويها لنا البشير متى نلاحظ اللائحة الطويلة التي تذكر أسماء أجداد مخلصنا يسوع المسيح. وقد كتب متى هذه اللائحة بإلهام ووحي الروح القدس لِيَرينا أن يسوع المسيح ظهر في مِلء الزمن حسب تدبير الله لخلاص البشرية. وكان الله قد ابتدأ بوضع خطته الخلاصية موضع التنفيذ بواسطة أناس مَعيّنين منذ أيام آدم ونوح وبصورة خاصة منذ أيام إبراهيم. مجيء يسوع أي المخلص إلى العالم لم يكن إذن أمرًا فجائيًا أوعرضيًا. أناس عديدون شكلوا الحلقات المتتالية في سلسلة تدبير الله الخلاصي الذي وصل إلى ذروته في تَجَسّد ابن الله الأزلي وولادته من مريم.

 

ربّما يتساءل البعض: لماذا يهتمّ الكتاب المقدّس بنسب السيّد المسيح، فيذكره الإنجيلي متّى في الافتتاحيّة، والإنجيلي لوقا بعد عماد السيّد (لوقا 3)؟

 

أولاً:  الغنوسيّة وإن كان قد ظهر كبار رجالها في القرن الثاني الميلادي لكن جذورها بدأت في وقت مبكر جدًا، فقد أنكرت حقيقة التأنُس، مدّعية أن السيّد المسيح قد ظهر كخيالٍ أو وهم، إذ يكرهون الجسد ويعادونه كعنصر ظلمة. ذكر الأنساب هو تأكيد لحقيقة التجسّد الإلهي، فيؤكّد الوحي الإلهي أن ذاك الذي هو فوق الأنساب قد صار حسب الجسد له نسب.

 

ثانيًا: أراد القدّيس متّى تأكيد أن يسوع هو المسيّا الملك المنتظر، لهذا يفتح سلسلة الأنساب بقوله: "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم". البشير متى يُنبِّهنا إلى أن هذا الطفل المولود هو "ابن داود" ، فهو الملك الممسوح أو المسيح الموعود: "أقسم الرب لداود حقًّا ولا يخلف أنَّ من ثمرة بطنك يجلس على كرسيك" (مزمور 131: 11)، "والأُمم كلها أُعطيها ميراثاً لك، وسلطانك إلى أقصى الأرض" (مزمور 2: 8 - أ). أراد بهذا النسب تأكيد أنه من نسل إبراهيم، أب جميع المؤمنين، الذي نال المواعيد إنه بنسله تتبارك جميع أمم الأرض. كأنه قد جاء كبركة لجميع الأمم.

 

ثالثًا: جاء النسب هنا في ترتيب تنازلي يبدأ بإبراهيم وينتهي بيوسف رجل مريم الذي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح. وهو يُعلن عن السيّد المسيح كحامل لخطايانا يذكر النسب الطبيعي، حسب اللحم والدم.

 

رابعًا: متّى البشير يتحدّث إلى اليهود ليؤكّد أن يسوع هو المسيّا المنتظر، بدأ النسب بإبراهيم المختار.

 

خامسًا: جاء النسب خاصًا بالقدّيس يوسف لا القدّيسة مريم، مع أن السيّد المسيح ليس من زرعه، ذلك لأن الشريعة الموسويّة تنسب الشخص للأب وليس للأم كسائر المجتمعات الأبوية.

 

سادسًا: لم يذكر النسب أسماء نساء عظيمات يفتخر بهنّ اليهود كسارة ورفقة وراحيل، إنّما ذكر ثامار التي ارتدَت ثياب زانية (تكوين 38)، وراحاب الكنعانيّة الزانية (يشوع 2: 1) وبَتْشبْع التي يلقّبها "التي لأوريّا" مُظهرًا خطيّتها مع داود الملك.

 

سابعًا: ذكر البشير متّى في النسب بعض النساء الأمميّات مثل راعوث الموآبيّة وراحاب الكنعانيّة، ليُعلن أنه جاء من أجل البشريّة كلها ليخصّ الأمم كما اليهود. ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم في راعوث رمزًا لكنيسة الأمم التي تركت بيت أبيها والتصقت بكنيسة الله وقبلت العضويّة فيها.

 

أما بالنسبة إلى عدد الأجيال: يقسّم الإنجيلي متى الأجيال من إبراهيم إلى مجيء السيّد إلى ثلاث حقبات، كل حقبة تضم أربعة عشر جيلاً:

1. من ابراهيم إلى داود.

2. من داود إلى سبي بابل.

3. من السبي إلى السيّد المسيح.

 

البعض ممن يقرؤون هذا المقطع الإنجيلي أو يسمعونه في الكنيسة، قد يستعجلون إلى الحكم بأنّ هذا النص موجّه إلى اليهود دون سواهم. صحيح ان الإنجيلي متّى كتب بالدرجة الأولى إلى اليهود لكن العِبَر التي نستخلصها من هذه القراءة الإنجيلية نافعة لكل المؤمنين، وإلا لما كانت الكنيسة حفظتها وخصصت لها الأحد الأخير قبل عيد الميلاد الذي تتذكّر فيه نسب يسوع.

 

وفي هذه الأيام التي نحيا بها على أمل النجاة من الوباء المنتشر في شتى بقاع المسكونة هل نحن المسيحيين نعي ذلك؟ هل نحن نعيش ذلك؟ ونستعد لأستقبال الطفل الإلهي المولود من البتول في مدينة لحم وماذا تعني لنا كلمة يسوع في أجمل المعاني: الله يخلص وهو المخلص لا نفتش عن مخلصٍ آخر! إنسان اليوم ضائع يظن أن المال والأبنية والأراضي هي التي تخلُصه. لنترك مغريات العالم الفانية وتشخص أعيننا إلى النجم الذي قاد المجوس حكماء المشرق إلى المذود الذي ولد فيه مخلصنا.

 

ولد بهذا التواضع وهذه الفضيلة الكبيرة التي تنقصنا جميعنا .علينا أيضاً في الميلاد أن نستقبله حتى يأتي ويسكن فينا ويحل فينا السلام الحقيقي. آمين

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس

لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الم ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.

 

طروباريَّة أحد النسبة باللَّحن الثاني

عظيمةٌ هي أفعالُ الإيمان، لأنَّ الفتيةَ الثلاثةَ القدّيسين قد ابتهجوا في يَنبوعِ اللهيب كأنّهم على ماءِ الرَّاحة، والنبيَّ دانيال ظهر راعيًا للسِّباعِ كأنّها غنم. فبتوسُّلاتِهم أيُّها المسيحُ الإلهُ خَلِّصْ نفوسَنا.

 

قنداق تقدمة الميلاد باللَّحن الثالث

اليوم العذراء تأتي إلى المغارة لتلد الكلمة الذي قبل الدهور، ولادةً لا تفسّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المسكونة إذا سمعتِ، ومجّدي مع الملائكة والرعاة الذي سيظهر بمشيئته طفلاً جديداً، الإلهَ الذي قبل الدهور.