موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
كلُ شيءٍ في قراءَات هذا الأحد يدعو إلى الفرح، تأملوا في الكلمات: صفنيا النبي يقول: ترنمي.. اهتفوا.. افرحي وتهللي بكل قلبك.. ولكن السؤال لماذا كل هذا التشديد على الفرح خاصة وانه يتكلم عن أورشليم؟ ويجيب: لأن الرب ألغى قضاءك، وأقصى أعداءك، هذا من جهة ومن جهة أخرى: لأن في وسطك الرب فلا ترين شراً من بعد. لا بل يعيد ويشدد قائلا: لا تخافي.. لا تسترخي يداك.. لماذا؟ من جديد يقول: لأن الربَّ في وسطك، فهو يُخلِّص، لا بل ينهي بأن الله نفسه يفرح ويُسر ويبتهج.. ويترنم .. لماذا؟ لأن الله يسكن في وسطك.. إذن هنا سر الفرح الحقيقي والسرور والابتهاج: أن يكون الرب في وسطنا فهو مصدر فرحنا الحقيقي. عندما نعرف كلنا الرب ويكون أباً لنا جميعاً فالربُّ يجمعُنا ولا يُمكن أن يُفرقنا...! أما بولس الرسول في رسالته لأهل فيلبي فيطلق دعوة إلى الفرح: افرحوا في الرَّب دائماً، وأكررُ القول: افرحوا.. لماذا؟ لأن الربَ قريب. لا بل يضيف: لا تكونوا في همِّ أبداً.. ولكن دائماَ نتعرض للهموم والغموم والغيوم.. فماذا نفعل؟ فيجيب: ارفعوها إلى الله في الصلاة والابتهال والحمد. فتكون النتيجة: بأن سلام الله الذي يفوق كل ادراك، يحفظ قلوبكم وأذهانكم في المسيح يسوع. اذا مصدر السلام الحقيقي هو القلب والذهن ويأتي من الله في المسيح يسوع فمن هو السعيد أذن: هو الهادي البال في كل الاحوال، الذي لا يخاف فانه ينام هادئاً ناعماً مطمئناً. أما يوحنا المعمدان الصوت الصارخ في البرية فانه يرسم معالم الطريق لراحة البال والفرح والسعادة في الحياة: - المقاسمة والمشاركة والعطاء في الملبس والمأكل، لا يمكن أن نرى فقيراً أو جائعاً أو عريانا ونتركه. - العدالة والانصاف والمساواة بين الناس لا ظلم ولا تعسف، بأن نعطي لكل ذي حق حقه. - القناعة والاكتفاء بما تيسير لنا لا طمع ولا لف ولا دوران، انما اعطنا خبزنا كفاف يومنا. بكلمة: لا تظلموا أحداً وكونوا عادلين. هذه تعاليم سامية تلقى بشجاعة وتثير اعجاب الشعب لدرجة أنهم اعتقدوا بأن المعمدان هو المسيح المنتظر ولكن رحم الله أمريء عرف قدر نفسه، فإنه يتواضع ويُصرِّح: يأتي بعدي من هو أقوى مني، ولست أهلاً لأن أفك رباط حذائه. اذن التواضع والبساطة هما مفتاح النجاح والسعادة، لا بل مفتاح لقلوب كل الناس وراحة الراس. أن نقبل انفسنا كما نحن دون تأفف ولا تذمر ولا تكبُّر، فالعظمة الحقيقية تأتي من التواضع والفرح الحقيقي ينبع من الذات. كلامٌ جميلٌ ولكنه صعبٌ في هذا الزمان وهذه الظروف، مع كل الصعوبات الجمة في بلادنا وفي شرقنا وفي عالمنا، وكأنه من عالم الخيال لا بل الاحلام لأن الواقع ليس كالكلام. ولكن كم نحن بحاجة الى الفرح الداخلي والسلام الحقيقي..؟ ومع ذلك لن نيأس ولن نرجع الى الوراء، فدعوات الفرح هذه تقودنا الى رفع صلاتنا مع صاحبِ المزامير: لنفرح ونبتهج: إن القدوسَ عظيمٌ في وسطِنا، لأن الله خلاصي فأطمئن ولا أفزع.