موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
إيليا النبي هو أحد أنبياء العهد القديم، قال له الله: "اذهب الى الملك آحاب". أصبح هذا الملك ملكاً على إسرائيل ما بين الأعوام 875 و853 قبل الميلاد، وكانت المدة التي بقى فيها ملكاً على إسرائيل 22 سنة، لأنه صنع الشر في عين الرب وسار في الخطايا. من بين خطاياه الكبرى، أنه تزوج ايزابل، بنت اتبعل، ملك الصيدونيين، وراح يعبد الأصنام وعمل مذبحاً للبعل في السامرة، فزاد الشر في عين إله إسرائيل. أرسل الله إيليا ليقول لهذا الملك: "إن الله أمرني، وقال لي أنه لا يكون في هذه السنين ندى ولا مطر إلا بأمري، أي بأمر الله، بمعنى أنه سوف يحدث جفاف في إسرائيل بسبب أعمالك الشريرة". بعدها أمر الرب النبي إيليا أن يذهب إلى نهر اسمه نهر كريت، الواقع في شرق الأردن، فيبقى عند النهر ويشرب من ماء النهر، والغربان، بأمر الله، تأتيه بخبز ولحم صباحاً ومساءً، وكان يشرب من ماء النهر إلى أن جفّ ولم يبقى فيه ماء. هذه القصة تذكرنا بزمن النبي موسى، عندما قال الرب لموسى إنه سوف يعطي بني إسرائيل خبزاً في الصباح ولحماً في المساء (المن والسلوى)، كما ورد في سفر الخروج الفصل 16. من بعدها، دعا الرب لإيليا بأن يذهب إلى مدينة صرفت، التابعة إلى صيدون، وأن يبقى فيها، لكنه لم يخبره بأنه سوف يعمل معجزة في هذه المدينة، بل أوحى إليه بالروح بأنه سوف ينقذ أرملة من جوعها. فذهب إيليا النبي إلى مدينة صرفت، وعند وصوله إلى بابها مباشرة، التقى بالأرملة الفقيرة التي خاطبها الله في الرؤيا، فقال لها هاتي إليّ القليل من الماء في إناء لأشرب، فلما أرادت جلب الماء إلى النبي إيليا، قال لها ثانية: وهاتي لي أيضاً كسرة خبز في يدكي، فكان جواب المرأة الأرملة الفقيرة: "حي هو الرب إلهك، إنه ليس لي خبز إلا القليل من الدقيق، وقليل من الزيت، وأنا ذاهبة الآن لأجمع القليل من الحطب لأعملهما لي ولابني فنأكلها، وبعد ذلك نموت". فأجابها النبي إيليا، وبوحي من الله، "لا تخافي ما عليك إلا دخول البيت، واعملي لي قطعة صغيرة من الخبز، وآتي به لي أولاً، وبعدها أعدي لك ولابنك". بعد كلام إيليا، كشف سر الله لها وقال: "حي هو الرب، إن إله إسرائيل أخبرني بأن جرة الدقيق لا تفرغ، وقارورة الزيت لا تنقص إلى يوم يرسل الرب مطراً على وجه الأرض". ففي الحال عملت الأرملة بكل ما قال لها رجل الله ايليا، وبمعنى آخر فإن الأرملة آمنت فوراً بكلام إيليا الذي قاله له الله، وفعلاً لم تفرغ جرة الدقيق وقارورة الزيت، وأكلت منهما هي وابنها وكل أهل بيتها إلى أن نزل المطر على الأرض ثانية. إن العبرة من هذه المعجزة تكمن في أن الله لا يتركنا بدون مساعدة، ودائماً يكون إلى جانبنا. تأملوا قصة إيليا النبي، حيث كانت الغربان تأتيه بالأكل كل يوم، بحسب قول الرب، وهكذا نحن أيضاً، فالله يعطينا الخبز كل يوم، وهذا الخبز هو الغذاء الروحي اليومي لنا، وكما قال له المجد "أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء، من يأكل من هذا الخبز، يحيا للأبد"، فالخبز الذي كان يأكله النبي إيليا هو خبز روحي وطعام روحي، وهو كلام الله. وكما قال له المجد أيضاً: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله"، وكذلك آمنت المرأة الأرملة بكلام إيليا، وكان اتكالها عليه في كل لحظة من حياتها، وعملت بكل ما قال لها، ولم تتردد أبداً، ولم تخاف!، بل فرحت في الرب لأنه أنقذها من محنتها، فنحن أيضاً عندما نقع في محنة فيجب علينا أن نلتجىء إلى الله فوراً، وفي كل وقت، وليس فقط في وقت المصائب، لأنه هو مخلصنا من الضيقات والشدائد، وكما قال يسوع: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقلي الأحمال وأنا أريحكم"، وفي مكان آخر قال: "بدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً". والمجد لله آمين.