موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في قلب الأرض التي مشى عليها يسوع، وفي أرض عرفت الألم كما تعرف الإيمان، تسطع اليوم أنوار عيد سيدة فلسطين وسائر الأرض المقدسة، الذي أعلنته الكنيسة لتكون مريم شفيعة الأرض، ولتبقى رمزًا للرجاء الذي لا ينطفئ مهما اشتدت الظلمات.
في زمن تتنازع فيه الحروب والقلوب، وفي أرض ما زالت تصرخ طلبًا للسلام، يأتي العيد كهمسة سماوية تقول لنا: "لا تخافوا، فالنور أقوى من الظلمة، والرجاء أقوى من اليأس."
مريم ليست مجرد رمز ديني، بل أم صامدة في صمتها، وواقفة في وجه الالم، تبكي مع الحزنى، وتفرح مع المنتظرين، وتعلمنا أن الله لا يترك أولاده أبدًا، بل يسير معهم خطوة خطوة نحو النور.
في الإنجيل نراها دائمًا قريبة من الناس:
في عرس قانا تلتفت للحاجات الصغيرة؛
عند الصليب تبقى واقفة رغم الجروح؛
وفي العلية تصلي مع الكنيسة الوليدة بصمت عميق.
هي هناك دائمًا، حيث يزرع الرجاء في قلوب تبدو خاوية أحيانًا.
وهكذا، في هذا العيد، ندعى أن ننظر إلى حياتنا بعين مريم:
بعين تؤمن أن الله يعمل في الخفاء، وأن كل ألم قد يتحوّل إلى فرصة جديدة للرجاء والنمو.
كم نحتاج نحن، أبناء هذه الأرض، أن نحمل هذه النظرة!
أن نكون "ملتحفين بالشمس"، نواجه تحديات الحياة بنور الإيمان، ونزرع الأمل في عائلاتنا ومدارسنا وأحيائنا، كما زرعته مريم في قلب كل انسان التقت به.
في هذا العيد، لا نكتفي بتكريم العذراء، بل نتعلم منها كيف نعيش الإنجيل بحب، وبسمة، وبقلب مفتوح على العالم.
نقول كما قالت:
"تعظم الرب نفسي، وتبتهج روحي بالله مخلصي."
هي صلاة من أجل أرضنا، ومن أجل كل قلب متعب أو حائر أو فاقد للأمل، لكي تبقى هذه الأرض، أرض الرب، أرض السلام والرجاء والقيامة.
يا سيدة فلسطين، ضمي أرضنا الجريحة بين يديك، وعلمينا أن نحيا كما عشت أنتِ:
بالإيمان، وبالصبر، وبالرجاء الذي لا يموت.