موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
<p dir="RTL"><strong>مقدمة للسر:</strong> في رسالة يسوع المسيح العلنية طلب منا أن نكون رحماء كما أن أبانا السماوي رحيم، وأن نقول ونعمل ونعيش برحمة مثله، لأنه قد عاشها من أول لحظة وطئت قدميه هذه الأرض. فكان أول من عمل بشريعة الرحمة والمحبة، بنهاية حياته الأرضية وصلت الرحمة إلى قمتها حين غفر ورحم بمحبة لصاليبه ولأهل الأرض جميعا. على مر تاريخ الكنيسة العريق نجد قديسين وقديسات عاشوا بعمق رحمة الله وبشروا بها من خلال حياتهم.</p><p dir="RTL">لهذا سنتأمل في حياة القديسة مريم العذارء التي شعّ نورها من رحمة الله وكانت وما زالت وجه رحمة الله في هذا العالم، وتجلّت فيها محبّة الله ورحمته للبشر بأبهى صورة<span dir="LTR">.</span> نجد مريم العذراء في مخطط الله الخلاصي منذ نشأة العالم، فهي أسمى خليقة عَبر الله من خلالها عن رحمته اللامتناهية وأودعها فيها، وعاشت الرحمة الإلهية وعبرت عنها في حياتها.</p><p dir="RTL"><strong>السر الأول: فالنتأمل إننا نجد الرحمة في أول حدثٍ غير تاريخ البشرية وهي البشارة</strong></p><p dir="RTL">حين قال لها الملاك "أيتها الممتلئة نعمة، لقد نلت حظوة عند الله"(لوقا 1/ 28- 30) فقد اختارها منذُ الأزل لتكون أم يسوع، كلمة الله المتجسد، الوجه المنظور لرحمة الله غير المنظورة. وهي أسمى نمودج بشري للرحمة عاشتها لانها تلميذة إبنها الأكثر امانةً له والأكثر شبها به.</p><p dir="RTL"><strong>السر الثاني: نتأمل في ثاني حدثٍ قلب موازين البشرية حين عبرت مريم العذراء عن رحمة الله بنشيدها الخالد "تُعظم"</strong></p><p dir="RTL">عندما قالت: "ورحمته من جيل إلى جيل للذين يتقونه"(لوقا 1/50). فإذا ما صنعه الله معها هو رحمة، فهي إذًا علامة ملموسة ومتجسدة لهذه الرحمة، فالذي ينظر إليها، ينظر إلى رحمة الله للبشرية أجمع.</p><p dir="RTL"><strong>السر الثالث: نتأمل في ثالث حدثٍ عرفت مريم العذراء بطريقة فريدة الرحمة الإلهية في سر الصليب</strong></p><p dir="RTL">وما من أحد اختبر كمريم، أم المصلوب، سرّ الصليب، أي هذا اللقاء المذهل بين العدالة الإلهية السامية والمحبة: هذه "القبلة" التي طبعتها الرحمة على جبين العدالة وما من أحد تقبّل في نفسه، كمريم، هذا السرّ، سرّ الفداء الإلهي الذي تحققّ بموت الابن على جبل الجلجلة، تواكبه تضحية قلبها، قلب الأم، وقولها الحاسم الجازم "فليكن لي بحسب قولك".</p><p dir="RTL"><strong>السر الرابع: نتامل في رابع حدثٍ مريم العذراء شاهدة بأن الرحمة الإلهية أعادت خلق الإنسان من جديد ببشرى القيامة</strong></p><p dir="RTL">قام المسيح وأقام البشرية كلها التي صلبت معه وحملها إلى قلب الحب الإلهي. فهو المتحد بالبشرية حررها من آخر عدو وهو الموت. فها هي مريم شاهدة حقيقة بإن المسيح أعاد خلق الإنسان من جديد، ليعاين الحقيقة الإلهية. هوذا الكل صار جديدا وبعيدا عن الفساد والفناء. فأين شوكتك يا موت، وأين إنتصارك يا جحيم؟. قام المسيح...حقا قام. </p><p dir="RTL"><strong>السر الخامس: نتأمل في خامس حدثٍ رحمة الله مستمرة (في عالم لم يعد به رحمة) من خلال أم الرحمة مريم العذراء</strong></p><p dir="RTL">في خضم ما نعيشهُ في القرن الواحد والعشرين لا نرى سوى الكثير من النزاعات، والمجموعات القوميه التي تسعى الى تدمير العالم، وفصل الانسان عن الله، ونرى في تاريخ عالمنا المؤسف انه لا يوجد فيه اي علامه على الرحمة، ونرى الناس تسعى الى الحكم وتسعى الى مصلحةِ الذات وتدمير الاخرين واشباع الرغبات وننسى الامر الأهم الاساسي لحياتنا الذي دعانا اليه السيد المسيح وهو التقرب من الله ونسيان الذات والتفكير بالاخر والتوبه الحقيقيه المبنية على رحمةِ الله الشفوقه التي تخلقُني من جديد وتجعلُني انساناً جديداً محباً وشفوقاً ورحيماً.</p><p dir="RTL">إن رحمةُ الله مستمرة وما زال الله ينشرُ رحمتهُ علينا، والدليل على رحمةِ الله في هذا العالم هي مريم العذراء التي ما زالت تبدع في الكنيسه الجامعه التي تدعو الى التوبه والمصالحه مع الله.</p><p dir="RTL"><strong>خاتمة للسر:</strong> فهل نعكس نحن اليوم وجه رحمة الله؟ ليبدأ كل واحد بطرح هذا السؤال على نفسه أوّلاً، مبتدئًا من أقرب الناس إليه. هل يعكس أبي وجه رحمة الله لأمي؟ والعكس بالعكس؟ هل يُجسّد الأهل اليوم بالنسبة لأولادهم وجه رحمة الله؟ هل يجسد الكاهن وجه رحمة الله؟ هل أنا وجه رحمة الله في قريتي ومدينتي ورعيّتي ومعهدي وعملي وبين العالم؟ أي وجه يعكس حضوري اليوم؟.</p><p dir="RTL">إذا أردتُ فعلاً أن أعكس وجه رحمة الله في حياتي أسألُ نفسي بشجاعة وصُدق هذه الأسئلة وأنظر في الجواب بتواضع<span dir="LTR">.</span> إذا أردنا حقيقةً أن نكون قدّيسين كمريم العذراء فيجب أن نكون بالفعل وجه رحمة الله لجميع الناس الذين نلتقيهم. وجه المحبّة والخدمة، وجه الفرح والسلام، وجه التواضع والتجرّد والتضحية. أن نبدأ بالصمت والصلاة ونمرّ بالإيمان والمحبّة والخدمة لبلوغ السلام فنستحقّ أن نُدعى أبناء الله بلا عيب.</p>