موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٤

بوح المهاجر

جانب من حفل توقيع «بوح المهاجر» و«قربانو»

جانب من حفل توقيع «بوح المهاجر» و«قربانو»

الأب رفعت بدر :

 

بعد ربع قرن من الهجرة خارج الوطن، يعود الزميل الإعلامي والكاتب بشار جرّار، إلى الأردن، ليوقع كتابيه: «بوح المهاجر» و«قربانو»، على مسرح كلية التراسنطة حيث أتمّ دراسته الثانوية. ويقول بكلّ وضوح لا يخلو من الحرقة: «لا أشجع أبدًا على الهجرة»، أو «سافر، ولكن لا تهاجر»، وكأنّه يقول لأجيال اليوم الراغبة في البحث عن حياة أفضل في مكان أبعد من الوطن والتراب الأصلي: «لا تفكر أبدًا أن السعادة تنتظرك في بلاد الغربة. الوطن هو موطن السلام والاستقرار والطمأنينة».

 

أشرف المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بحكم الصداقة، على إشهار الكتابين معًا. وتحدّث في الجلسة كل من كاتب هذه السطور، ومعالي الدكتور منذر حدادين وجاهيًا، ومعالي الدكتور جواد العناني، وقرأت ورقته الإعلاميّة كارول علمات، وزميلة العمل الإعلاميّة لينا مشربش، وشقيقة بشار الدكتور أماني جرار، ثم الكاتب المصرّح: لا تهاجر!

 

يحمل الكتاب الأوّل عنوانًا رئيسيًا: «بوح مهاجر»، وفرعيًّا: «على ضفاف نهر الأردن ونهر بوتوماك»، علامة على الجنسيتين اللتين يحملهما، أي الأردنيّة والأميركيّة. فنهر الأردن يمثّل له القداسة، والأصل والأصالة. أمّا نهر بوتوماك فيعبّر عن الشخصية التي نالها مع جنسيته الجديدة على ضفة النهر الذي يمرّ بواشنطن العاصمة، حيث يجلس ويعيش مع أهله وذويه.

 

أما الكتاب الثاني فيحمل عنوانًا عريضًا: «قربانو»، وفرعيًّا: «أحلى القصص أتلوها جاثًيا بين راحتي أمي». وفيه، يعود بشار–المهاجر، وكلما دبّ فيه الحنين والتلهّف، والتوق والشوق، ليجلس بين أحضان والدته العزيزة، ويقول لها: شكرًا على إنكِ «قربانو» الكلمة الآرامية العزيزة، أي القربان الذي يعطي الحياة، وبأنكِ العطاء اللامحدود.

 

تحدّثتُ في الكلمة عن صداقتي مع بشار جرّار منذ عام 2000 حين كان يغطي أخبار التلفزيون الأردني، في قداس البابا يوحنا بولس الثاني في زيارته للأردن، في 21 آذار من العام 2000، وكان ذلك عام بدء الحج في العصر الحديث إلى موقع معموديّة السيّد المسيح (المغطس).

 

استوقفني في صفحات الكتاب الأوّل الروح الطيبة والانفتاحية، فهو يؤمن بأنّ الأردن أرض مقدّسة، وفيها المسلم إلى جوار المسيحي، ويعملان معًا في خدمة مستقبل الوطن الواحد. ويقول إنّ الأردن بلد نموذجي بقيادته الهاشميّة لجلالة الملك عبدالله الثاني الذي يدير بحكمة كبيرة الدفّة السياسيّة، والدفة الدبلوماسيّة، والدفة الاجتماعيّة، كما ودفة التوازن والاعتدال الديني، في أردن الخير والبركة والقداسة.

 

أما الإيمان الذي يدافع عنه بشار في كتابه، فإنّه لا يدافع عن دين دون الآخر. إنّه يدافع عن الأصل والأصالة. ويعتبر الكاتب التنمّر إرهابًا، ومعه الكراهيّة، لأنها ترغب بإلغاء الآخر السياسيّ والدينيّ والعرقيّ. وما أجمل من تزامن إشهار الكتابين بفرح الرهبان الفرنسيسكان المهتمين بكلية تراسنطة، بإعلان قداسة «شهداء دمشق الأحد عشر»، من قبل البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، وهم ثمانيّة رهبان فرنسيسكان وثلاثة مؤمنين من الموارنة، استشهدوا في عام 1860 لأنّهم رفضوا الخنوع للاضطهاد الديني، وصمدوا بإيمانهم المسيحي.

 

مبارك للصديق بشار جرّار، ونشكره على كتابيه «بوح المهاجر» وعلى «قربانو». ونقول له: كلما جلست جاثيًا بين راحتي أمك، وكلّما جلست على ضفاف نهر الأردن، وكلّما جلست على ضفاف نهر أوتوماك، أذكر أنّ لك أحباء يمدّونك دائمًا بأجمل الأدعيّة. ونحن معك، هنا وهناك، نرجو من الله العليّ، أن يمنحك، ويمنح هذه المنطقة، «الخير والسلام»، وهي التحيّة الفرنسيسكانيّة المعهودة، والرسالة الأردنيّة النبيلة والمتواصلة.