موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لا وألف لا. لم ولن تسمح الكنيسة الكاثوليكية بمنح سر الزواج المقدس للمثليين. فقد أوضحت حاضرة الفاتيكان أن الإعلان هذا لا يتعلق مطلقًا بقبول وضع المثليين ولا تعديلاً لأي تعليم من تعاليم الكنيسة الثابتة حول سر الزواج، ولا أيضًا بداية أو مقدمة لمنظومة جديدة تتعلق بهذه الفئة.
لقد سمحت الكنيسة الكاثوليكية مؤخرًا للكهنة بأن يمنحوا بركة خاصة للمثليين، وهذا يختلف تمامًا عن سر الزواج في الكنيسة الذي أسسه الله بين رجل وامرأة. فتُعتبر بالتالي العلاقات الجنسية شرعية فقط في سياق الزواج بين رجل وامرأة، أمّا العلاقات المثلية فهي خطيئة.
تحدث قداسة البابا فرنسيس مؤخرًا عن "الأوضاع غير المنتظمة"، والمقصود هنا العلاقة أو اتحاد شخصين من نفس الجنس والذيْن يعيشان مع بعضهما البعض، علمًا بأن هذه "الأوضاع غير المنتظمة" في حالة تزايد كبير في المجتمعات الغربية كما وأيضًا في مجتمعاتنا الشرقية. إنّ مثل هذه الظاهرة المقلقة تدعو المسؤولين في الكنيسة لتقديم بعض النصائح الرعوية للكهنة حول كيفية التعامل مع هذا الوضع. وهذا ما قام به قداسته.
يؤكد الكرسي الرسولي على أن صلاة البركة هذه هي صلاة عفوية من الكاهن وليست ليتورجية، أي أنه لا يوجد نص ليتورجي معين لها. كما أن هذه البركة لا يجب أن تمارس داخل الكنيسة، وهذا دليل على اختلاف هذه البركة عن البركة التي تمنح خلال الاحتفال بسر الزواج المقدس.
إن البركة تعطى للناس على أمل أن يغيّرهم الروح القدس، فيحلّ عليهم ويقودهم إلى طريق التوبة. فمنح البركة للمثليين قد يفتح لهم باب التوبة والحياة الأبدية. وهذا ما تنادي به الكنيسة عندما تدعو أعضائها إلى التوبة وطلب المغفرة. وعلينا تذكير الجميع أن الكنيسة لا تعطي البركة الفردية أو الجماعية بناء على ميول الناس الجنسي، فهذه البركة هي بمثابة علامة احتياج للإنسان الخاطئ لوجود الله بجانبه ليصل إلى التوبة والقداسة.
وإذا تعمقنا في تحليل الوضع المشار إليه فإننا نرى أن للكنيسة صبغتين: واحدة إلهية وأخرى بشرية. إلهية لأن الله قد أسسها. وبشرية لأنها مكونة من بشر، والبشر يخطئون. فطبيعي جدًا أن الكنيسة مليئة بالخطأة، وبالتالي فإن عدم قبول الكنيسة للخطأة يعني أنه يوجد خلل فظيع في بنيتها الأساسية.
إنّ الكنيسة الكاثوليكية لا ولن تسمح بالخطيئة، ولن تعترف يومًا ما بزواج المثليين كزواج مقبول. لكن الكنيسة تقبل الجميع ومنفتحة على الجميع، ولا يجوز للكنيسة أن ترفض من يطلب البركة والتوبة. إن الكنيسة تبارك الشخص، ولكنها لن تعترف بالميول الشاذ اطلاقًا. وعليه، فإن منح البركة للأوضاع الشاذة للمثليين لا يعني أنهم في المستقبل قد يتلقون سر الزواج المقدس. وكما أن بركات إله السماء تطال الجميع، الصالح والطالح على حد سواء، فكذلك الكنيسة تبارك الجميع من دون تفرقة، فتضعهم على الطريق الصحيح.
إنّ اعلان الكنيسة الكاثوليكية هذا يتعلق بالعمل الرعوي مع وضع موجود في الدول الغربية وفي تزايد مقلق في مشرقنا العربي، وهذا الإعلان لا يتناقض أبدًا مع التعاليم العقائدية أو الكتابية التي تخص الكنيسة المقدسة والمرتكزة على الكتاب المقدس وتعاليم الآباء والمجامع المقدسة والتقليد المقدس.
لقد كان أمام الكنيسة المقدسة طريقين: إما أن تدفن رأسها في الرمال فتتناسى ما يجري على الأرض، وهذه خطيئة، وإما أن تضع نفسها في موضع المسؤولية تجاه الجميع. لقد اختارت الكنيسة أن تكون بين الناس وخصوصًا الخطأة منهم، على مثال يسوع المسيح الذي جاب أرضنا بحثًا عن الخطأة والمشردين والجياع والعطاش ومنحهم الحياة. والكنيسة المقدسة ما زالت تمارس ما بدأ به يسوع المسيح من تقديس وتعليم ورعاية لتعطي البشر الحياة باسمه.