موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
العالم على مركب بطرس: البابا فرنسيس والجائحة.
كان هذا عنوان مقال نشرته صحيفة أفينيريه التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا لمناسبة مرور سنة على تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد، موقعاً عشرات آلاف الضحايا. سلط المقال الضوء على أبرز المواقف والكلمات التي صدرت عن البابا فرنسيس خلال العام المنصرم.
أوضح المقال أن سنة مضت على الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى مدينة باري الإيطالية في الثالث والعشرين من شباط 2020 وكانت آخر زيارة له قبل الإقفال العام، وتلتها زيارة واحدة إلى مدينة أسيزي حيث وقّع على الرسالة العامة Fratelli tutti. ولفتت الصحيفة الكنسيّة الإيطالية إلى أن مواقف البابا وكلماته رافقت إيطاليا والعالم في زمن الجائحة، وتناول فيها أيضًا التبعات السلبية لهذا الفيروس على الصعيد الاقتصادي والسياسي والبيئي فضلا عن العمل الخيري.
في 26 شباط من العام الماضي كانت آخر مقابلة عامة للبابا مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان قبل أن يدخل العالم هذا النفق المظلم، فتابع البابا مقابلاته من مكتبة القصر الرسولي، واستأنفها بحضور عدد ضئيل من المؤمنين في 2 أيلول، قبل أن يعود إلى المكتبة في 4 تشرين الثاني الماضي على أثر الموجة الثانية من الوباء. وقد اتّبع البابا النهج نفسه فيما يتعلق بتلاوة صلاة التبشير الملائكي إذ كانت إطلالته الأخيرة في 1 آذار قبل أن يعود إلى شرفة مكتبه الخاص يوم عيد العنصرة في 31 أيار. وفي 8 كانون الأول الماضي قام البابا بالزيارة التقليدية في عيد الحبل بلاد دنس إلى تمثال العذراء الكائن في ساحة إسبانيا بوسط روما، وذلك عند الساعة السابعة صباحًا تفاديًا لتجمّع المؤمنين.
في 9 آذار من العام الماضي وبعد أن تعذر على المؤمنين حضور القداديس بدأت وقائع قداس البابا الصباحي في كابلة القديسة مارتا بالفاتيكان تُنقل مباشرة عبر شبكة الإنترنت. وبهذه الطريقة تمكّن فرنسيس من الاقتراب من المؤمنين المنتشرين حول العالم خلال احتفاله بسر الإفخارستية. واستمر هذا النقل المباشر لغاية 19 أيار. في الأحد الأول من الإقفال العام في إيطاليا، توجّه البابا إلى بازيليك القديسة مريم الكبرى وكنيسة القديس مارشيلو حيث يُحتفظ بالمصلوب العجائبي الذي –وبحسب التقاليد– أنقذ روما من الطاعون في العام 1522. وفي 11 آذار، وخلال يوم الصوم والصلاة الذي دعت إليه أبرشية روما، رفع البابا صلاته من أجل نهاية الجائحة، وكرر ذلك في 19 من الشهر عينه مصليًا السبحة الوردية مع مؤمني روما وإيطاليا على النية نفسها.
صلوات ومساعدات
ولم تقتصر مواقف البابا فرنسيس على الصلوات. ففي خضم الأزمة الصحية التي ضربت إيطاليا قام البابا بتقديم مساعدة بقيمة 100 ألف يورو إلى هيئة كاريتاس الإيطالية، وكانت المبادرة الأولى من سلسلة طويلة من النشاطات الإعانية التي استفاد منها عدد كبير من الفقراء والمرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد. وشاء البابا أن يمد يد العون إلى عدد من المستشفيات فأرسل إليها المئات من أجهزة التنفس، وشملت المساعدة القارات الخمس. كما قدّم مساعدة مباشرة للفقراء في مختلف أنحاء العالم.
مما لا شك فيه أن صورة البابا المصلّي منفردًا تحت المطر في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان في السابع والعشرين من آذار عَلِقت في أذهان الكثيرين، فصارت الصورةَ – الرمز لهذه المرحلة الصعبة. صلى البابا نيابة عن البشرية بأسرها وقال إننا نوجد جميعنا على متن المركب نفسه. وحالت الجائحة دون إقامة الاحتفالات التقليدية لمناسبة أسبوع الآلام وعيد الفصح. فتمت بغياب المؤمنين كما لم يطل البابا من على شرفة البازيليك الفاتيكانية ليقرأ رسالته التقليدية إلى مدينة روما والعالم، لكنه فعل ذلك مباشرة على الهواء وتحدث عن عدوى من نوع آخر تنبعث من قيامة المسيح وتنتقل من قلب إلى آخر ألا وهي عدوى الرجاء.
مع حلول فصل الصيف خصص البابا سلسلة من تعاليمه الأسبوعية للتطرق إلى الجائحة، وذلك من 5 آب وحتى 30 أيلول. وشاء أن يسلط الضوء على الخطوط التوجيهية التي تساعدنا على متابعة السير إلى الأمام وهي تتمثل في الدفاع عن كرامة الشخص البشري، والخير العام، والاهتمام بالفقراء، والتوزيع العادل للخيور والتضامن والاعتناء ببيتنا المشترك. وكل ذلك يرتكز إلى العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية.
ولم يخلُ مقال صحيفة أفينيريه من الإشارة إلى 4 تشرين الأول الماضي، تاريخ صدور الرسالة العامة Fratelli Tutti التي حذرت الإنسان من مغبة اعتبار نفسه سيدًا على كل شيء في هذا الوجود. وعبر البابا فرنسيس في الوثيقة عن نبذه فكرة اعتبار جائحة كوفيد-19 عقابًا إلهيًا. وفي الأشهر التالية شدد البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة على أهمية التضامن بين الناس خلال الأزمة الصحية وشارك في اللقاء الدولي الذي نظمته جماعة سانت إيجيديو بروما، في العشرين من الشهر ذاته، حول موضوع "لا أحد ينجو لوحده: سلام وأخوة". وختمت صحيفة أفينيريه الإيطاليّة مقالها مشيرة إلى أن الأوضاع الصعبة التي نمر بها يمكن أن تساعد البشرية على التخطيط لمستقبل أفضل.