موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يُعرف شهر حزيران بأنّه شهر قلب يسوع الأقدس، لأنه يتم خلاله الاحتفال بعيد القلب الأقدس. هذا العام، يُصادف عيد قلب يسوع الأقدس يوم 16 حزيران. مع الإشارة إلى أنّه في كل عام يتغيّر يوم الاحتفال، حيث يتم الاحتفال به في اليوم الذي يلي ثمانية عيد جسد الرّب، أو يوم الجمعة بعد الأحد الثاني من العنصرة.
ومع ذلك، توجد أسباب أخرى وراء تكريس شهر حزيران للقلب الأقدس.
يعود تاريخ العيد إلى عام 1673، عندما بدأت راهبة فرنسيّة تنتمي إلى رهبنة الزيارة، في شرق فرنسا، في الحصول على ظهورات حول القلب الأقدس. لقد ظهر السيّد المسيح للأخت مارغريت ماري ألاكوك، وكشف لها عن طرق لتكريم قلبه الأقدس، وشرح محبته اللامحدودة للبشريّة جمعاء، وظهر قلبه مرئيًا خارج صدره، مشتعلاً، ومُحاطًا بتاجٍ من الأشواك.
وقد استمرت هذه الظهورات لمدة 18 شهرًا.
في 16 حزيران 1675، طلب يسوع من الراهبة ألاكوك أن يتم تخصيص يوم لتكريم قلبه الأقدس. كما أعطاها 12 وعدًا لكل من يكرّم قلبه الأقدس. قال: "أطلب أن يتم تخصيص يوم الجمعة بعد عيد الجسد لتكريم قلبي. فمن خلال تكريس هذا اليوم، وفعل أعمال توبة تعويضًا عن الإهانات التي تلقيتها، فإنني أعد بأن يتسع قلبي ليُلقي بوفرة محبته الإلهيّة على أولئك الذين سيكرمونه".
وفي 28 آذار 1687 ظهر يسوع لألاكوك وكلفها بأن تنشر عبادة قلبه الأقدس. قال لها: "إني أعدك، بدافع رحمة قلبي الغامرة، أن حبّي الإلهي يمنح كلّ من يتناول الجمعة الأولى من الشّهر، لمدّة تسعة أشهر متتالية، نعمة التّوبة في آخر الحياة، بحيث لا يموتون في حال الخطيئة المميتة، بل يقبلون الأسرار المقدّسة، ويكون قلبي ملجأ أمينا لهم في السّاعة الأخيرة".
توفيت الأخت مارغريت ماري عام 1690 وأعلن قداستها البابا بندكتس الخامس عشر في 13 أيار 1920.
مع انتشار الصلوات والعبادات في جميع أنحاء فرنسا، سمح الفاتيكان لفرنسا أن تحتفل بعيد قلب يسوع الأقدس في عام 1765. وفي عام 1833 انطلقت فكرة تكريس شهر حزيران لقلب يسوع الأقدس من دير القديس أوغسطينوس في باريس.
ويمكن فهم سبب هذا التكريس كالآتي: يأتي شهر حزيران بعد شهر أيار المخصّص لمريم العذراء منذ القرن الخامس عشر. رتبت الكنيسة ذلك لأن مريم العذراء تسهر على أبنائها في مسيرتهم الأرضيّة نحو الملكوت، وهي تحتضن أبناءها في شهر أيار وتأخذ بأيديهم لتقدمهم في شهر حزيران لقلب ابنها المخلص.
في عام 1856، حدّد البابا بيوس التاسع يوم الجمعة التالي لعيد الجسد، عيدًا للقلب الأقدس للكنيسة الجامعة. ومنذ ذلك الحين، تم تكريس شهر حزيران لقلب يسوع الأقدس وللتأمل في محبّته الكبيرة للبشريّة. أمّا في سنة 1899 طلب البابا لاون الثالث عشر أن يكرّس المؤمنون أنفسهم لقلب يسوع الأقدس.
وبعدها حثّ الباباوات الشعب على اللجوء لقلب يسوع والتعبد لقلبه الأقدس. وفي سنة 1956 أصدر البابا بيوس الثاني عشر رسالة بابوية بعنوان: "تستقون المياه"، حثّ فيها المؤمنين على العبادة لقلب يسوع الأقدس وعلى تكريس الذات والعائلة له.
وفي التقويم الليتورجي الحالي، يُعتبر عيد قلب يسوع الأقدس احتفالاً.
أمّا سبب تكريس يوم الجمعة، طيلة أيام السنة (لاسيّما الجمعة الأولى من كل شهر)، فقد اختار يسوع يوم الجمعة للتعبد له لأنه مات يوم الجمعة على الصليب لأجل خلاص البشر. ففي هذا اليوم يتذكرون في الساعة الثالثة بعد الظهر أن يسوع، في مثل هذه الساعة، مات على الصليب من أجل خلاصهم وخلاص البشر أجمعين. هذا ويلتزم محبو القلب الأقدس بحضور القداس والمناولة التعويضية عن خطاياهم وخطايا العالم.
وهذه هي وعود قلب يسوع الأقدس للقديسة ألاكوك:
1) سأعطيهم كافة النعم الضروريّة لحياتهم.
2) سأُحلّ السلام في بيوتهم.
3) سأعزيهم في جميع محنهم.
4) سأكون ملجأهم الآمن في حياتهم، وبخاصة في موتهم.
5) سأغدق بركات وافرة على أعمالهم.
6) سيجد الخطأة في قلبي منبع الرحمة ومحيطها اللامتناهي.
7) ستصبح النفوس الفاترة حارّة.
8) ستسمو النفوس الحارة بسرعة إلى الكمال.
9) سأبارك كل مكان تُعرَض فيه صورة لقلبي وتُكرَّم.
10) سأمنح الكهنة هبة التأثير في القلوب الأكثر تحجّرًا.
11) ستُكتب أسماء ناشري هذه العبادة على قلبي.
12) كما وعد السيد المسيح بأنّ حبه سيمنح أولئك الذين يتناولون القربان في أيام الجمعة الأولى، لمدة تسعة أشهر متتالية، نعمة التوبة النهائيّة: لن يموتوا وأنا غاضب منهم، ولا من دون قبول الأسرار. إنّ قلبي سيكون حصنهم الأمين في تلك الساعة الأخيرة.