موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الفنان فرانشيسكو كاناليه
إنها عادة جميلة تقوم بها خدمة البريد والطوابع في الفاتيكان منذ عدة سنوات بالتعاون مع الدائرة من أجل خدمة المحبة. يتعلق الأمر بالنظر إلى عيد الميلاد بعيون جديدة. في العام الماضي، كانت نظرة آدم، الرسام المشرد، أما نظرة عام 2022 فهي نظرة فرانشيسكو كاناليه، فنان شاب ولد بدون ذراعين وبدون رجلين. قرر الفاتيكان تكليفه برسم طوابع عيد الميلاد، حيث أكمل العمل الثاني الذي كان من المقرر أن تقوم به الفنانة سانتينا بورتيلي، فنانة كانت ترسم بفمها، توفيت قبل أن تكمله.
يوم الثلاثاء المصادف 15 تشرين الثاني سيكون هناك إصدار طوابع تمثِّل إعلان ولادة يسوع للراعي وعبادة الراعي نفسه للطفل يسوع. إنَّ ألوان الملابس حية، وتؤثِّر بشكل خاص هذه النظرة الثابتة بين رواد هذا الرسم في حوار عميق يتم وجهاً لوجه. "إنَّ المقصود -كما يقول فرانشيسكو- هو وضع الشخصيات في مواجهة بعضها البعض من أجل إعطاء الحياة لقصة تنتقل بعد ذلك من لوحة إلى أخرى".
اكتشف فرانشيسكو كاناليه الرسم في سن السادسة. يقول: "عندما كنتُ في المدرسة، كنتُ أبحث عن طريقة لكي أكتب بمفردي دون المرور دائمًا بمعلم الدعم الذي كان يشكل مساعدة ودعمًا بالتأكيد ولكن يمكنه أن يكون أيضًا حاجزًا بينك وبين الصف".
تتميز حياة هذا الفنان الشاب بشعار يتكرر: "العيش على الدوام، وليس البقاء على قيد الحياة"، لقد اختار فرانشيسكو فورًا اغتنام الفرص التي تقدّمت له. بعد أن تمَّ التخلي عنه بعد ولادته، قبلته عائلة بعد 40 يومًا من ولادته، وفيها وجد الدفء والمودة والتشجيع ليكون على ما هو عليه: مختلف عن الآخرين، كما هو كلُّ فرد منا، ولكنه قادر على النظر داخل نفسه وعلى أن يرفع نفسه – كما يكتب في مدونته - فوق مجتمع المظاهر والهراء.
"عندما سمعت عن أشخاص استخدموا أفواههم للكتابة -يخبر فرانشيسكو- انفتح عالم أمامي. ثم فزت بمنحة دراسية سمحت لي بالانضمام إلى Ability art, VDMFK، الرابطة الدولية للرسامين الذين يرسمون بالفم أو بالقدم". تأسست الجمعية عام 1956، وهي تدعم وتنشر فن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كثقافة إدماج وتضامن واحترام التنوع، وتضمُّ أكثر من 900 فنان في جميع أنحاء العالم. "من الواضح أنها كانت لسنوات عديدة مجرّد لعبة بالنسبة لي، فقد كنت أرسم كما يرسم جميع الأطفال، لكن أثناء نشأتي، ولاسيما في مرحلة المراهقة، اكتشفت أنها كانت نارًا تتَّقِد في داخلي، إلى أن أصبحت اليوم وظيفتي الأولى، ومصدر عيشي، وهذا الأمر يوفر لي حرية ليست تافهة أو مُسلَّم بها".
رسام وإنما أيضًا كاتب وكاتب مسرحي ينظّم فرانشيسكو كاناليه منذ بعض الوقت لقاءات تحفيزية في المدارس وكذلك في الشركات التي تطلب منه أن يخلق روح فريق. وعلى عكس ما يتمُّ اعتقاده، إنَّ الأطفال أذكياء وحساسون للغاية، وأنا أجعلهم يحاولون الرسم بأفواههم لكي أجعلهم يفهمون أنه حتى إزاء الصعوبات، فإن الحياة تقدم لك حلاً". ويخبر فرانشيسكو إنه سعيد جدًا لأن الفاتيكان فكر فيه ولأنه يقدر شخصية البابا فرنسيس الذي يحمل نفس اسمه. وخلص إلى القول "لقد أدهشني تفانيه للآخرين، وبالنسبة لي أن أُصمم طوابعه هو حلم يقظة".