موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يصادف العاشر من شهر تشرين الأوّل من كلّ سنة، اليوم العالميّ لمناهضة عقوبة الاعدام. يكفل ويكرّس الاعلان العالميّ لحقوق الإنسان، الذي أقرّته الأمم المتّحدة في سنة 1948: الحقّ في الحياة والحقّ في العيش دون التعرّض للتعذيب. تعتبر دول كثيرة وشعوب متنوّعة، أنّ عقوبة الاعدام، تنتهك حقوق الإنسان الأساسيّة. تحظّر القوانين الدوليّة، والاتفاقات والبروتوكولات بين الدول، بشكل صريح استخدام عقوبة الاعدام.
يُعرَّف بعقوبة الاعدام "عقوبة الموت أو تنفيذ حكم الاعدام"، قتل شخص باجراء قضائيّ، من أجل العقاب، أو الردع العام والمنع. وتُعرف الجرائم التي تؤدّي إلى هذه العقوبة، بجرائم الاعدام، أو جنايات الاعدام".
بالرّغم من أنّ غالبيّة الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، تتّجه نحو إلغاء عقوبة الاعدام، في إطار القانون او الممارسة العمليّة، ما زالت بعض الدول، تطبّق تلك العقوبة. تعارض منظّمة العفو الدوليّة، عقوبة الاعدام، في جميع الحالات. "إنّها عبارة عن قتل إنسان، مع سبق الإصرار، وبدمٍ بارد، من قبل السلطة في الدولة باسم العدالة ]...[ إنّها منتهى العقوبة القاسية واللاإنسانيّة والمُهينة".
يضجّ عالمنا، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بحالة من الارهاب والتعصّب، وصراع الحضارات، والقتل والعنف، مع العلم أنّ تطوّر العلوم الاجتماعيّة، والإنسانيّة والروحيّة، تساعد على تنقية شخصيّة الإنسان من الشوائب والتعقيدات، والأمراض النفسيّة. ومع هذا يتجه عالمنا نحو التفتّت والتشرذم، بسبب أخطاء الإنسان وضعفه.
تُطرح الأسئلة الكثيرة، من خلال هذه الأجواء الضاغطة: كيف نعالج تلك الحالات الشاذّة والمؤذية؟ ما هي الأسباب؟ مَن المسؤول؟ لماذا تجتاح عالمنا غوغائيّة العنف وهمجيّة القتل وفوضى الارهاب؟ هل القصاص والعقوبة فقط هما الحلّ؟ أم أنّ التربية على الأخلاق والقيم هي الأنجع؟ هل العمليّة الاستباقيّة والوقائيّة تحدّ من انتشار الجريمة وتكبح سلبيّة نتائجها؟
يتّضح لنا أنّ عقوبة الاعدام تأخذ حيّزًا مهمًّا من المجتمعات البشريّة، حيث الانقسام الحاد بين مؤيّد ومعارض. إنّنا نوجّه دعوة إلى أفراد المجتمع إلى العمل معًا من أجل:
- عدم الاستسلام للخوف والترهيب.
- عدم التخلّي عن القيم والمبادئ الإنسانيّة.
- عدم الردّ على العنف بالعنف والقتل بالقتل.
- عدم الخضوع لمظاهر الارهاب وفكره ونظرياته التكفيريّة والمتطرّفة.
- عدم انجرار السلطة، إلى منطق القصاص من خلال اعتماد أسلوب التعذيب والتخلّف.
لنتّحد معًا من أجل تعزيز ثقافة الحقّ بالحياة، والإيمان بإنسانيّة الإنسان، وحقّه في الوجود، ممّا يساعد على رفض ثقافة الموت.
تعالوا معًا من أجل الضغط بهدف إصلاح القضاء، وتعزيز استقلاليّته، كما إلى تطوير منظومة العقاب، واحترام القوانين وتطبيقها.
تعالوا معًا إلى تطبيق العقوبات المؤبّدة الصارمة والرادعة.
تعالوا معًا إلى مناصرة أهل الضحايا، والتعويض عليهم بشتّى الوسائل والأساليب.
لنتّحد معًا من أجل حماية الإنسان، من الجرائم التي تُرتكب باسم القانون، تعالوا معًا لأنسنة القوانين.
تعالوا معًا إلى عدالة غير مبنيّة على القتل. تعالوا معًا إلى العمل من أجل تخفيف نسبة الجريمة، من خلال التوعية والتربية، والمحبّة والرحمة، والتعاضد والمسامحة.
تعالوا معًا "لنعدم" الحقد والكراهية، والتسلّط والعنف والغضب.
تعالوا معًا "لنعدم" اليأس والألم، والحرمان والفقر، والجشع وحبّ السيطرة.
تعالوا معًا "لنعدم" اللامبالاة والشرّ، والفساد وشهوة الربح، وعطش السلطة.
تعالوا معًا "لنعاقب" المذنبين من أجل توبتهم وندامتهم، كما لتأهيلهم.
لنتّحد معًا "لنعاقب" الفاسدين وكلّ المشاركين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في زرع القتل والعنف والدم، من خلال الردع المُبكر.
تعالوا معًا من أجل عدالة مبنيّة على الرحمة، وعلى رحمة لا تُلغي عدالة الأرض.
تعالوا لنحقّق معًا العدل والرحمة.
تعالوا معًا إلى "عدل ورحمة".