موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الخميس، ٢٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
رؤية اجتماعية جميلة

الاب علاء بعير – كاهن رعية الكرك :

 

في الأيام الأخيرة، طرح معالي وزير الداخلية مازن الفراية الأكرم، الشخصية الكركية الراقية، فكرة مميزة تهدف إلى التخفيف عن المواطنين في المناسبات الاجتماعية، مثل تقليل عدد المعزومين في حفلات الخطوبة والأعراس، والاكتفاء بيوم واحد لبيت العزاء، وعدم تقديم الطعام أثناء دفن الموتى.

 

وقد لاحظنا دعوات من الحُكّام الإداريين في مختلف المناطق لتوقيع اتفاقيات تدعم هذه المبادرة. ومن الطبيعي أن نجد من يؤيد الفكرة ومن يعارضها، فكل تغيير اجتماعي يحتاج إلى وقت وتفاهم وحوار.

 

فكّرت كثيرًا، بحكم اقترابي من الناس في مجمل مناسباتهم، ذلك انّ عملي الكهنوتي هو رعوي، ويلامس أوضاع الناس وحاجاتهم وظروفهم، وقلت لنفسي: لماذا أصبحت مثل هذه العادات الجميلة بحاجة إلى دعوات رسمية وتأييد، وربما –بصراحة- إلى نوع من الإحراج لبعض الأشخاص لتوقيعها؟

 

برأيي، من الأجدر أن ترافق هذه المبادرة لقاءات توعوية وتثقيفية من قِبل أصحاب الاختصاص والخبرة، لتهيئة المجتمع لتقبّل الفكرة عن قناعة ووعي. فهذه العادات متجذّرة منذ عشرات السنين، ولا يمكن تجاوزها أو تغييرها خلال أيام معدودة.

 

من حق كل إنسان أن يختار بحرية ما يراه مناسبًا، ما دام لا يخالف القانون ولا يتعارض مع قيمنا الاجتماعية.

 

فالحرية هي أساس الاختيار، والله خلقنا أحرارًا لنقرر بأنفسنا، عن قناعة لا عن مجاملة أو ضغط.

 

كل الشكر والتقدير لمعالي وزير الداخلية على فكره الواعي ومحبتِه الصادقة واهتمامه الكبير بالناس. فالمبادرة بحد ذاتها إنسانية وجميلة، تعبّر عن رؤية اجتماعية راقية تستحق الاحترام.

 

لكن الكرة اليوم في ملعب الشعب الأردني الحبيب، فهو القادر على تحويل هذه الفكرة من مبادرة حكومية إلى ثقافة مجتمعية راسخة، قائمة على الوعي والاختيار الحر.

 

وأقولها بمحبة وجرأة واحترام: لنتبنَّ جميعًا هذه المبادرة يومًا ما بقناعة تامة وحرية، فنسهم بالسير خطوة نحو مجتمع أكثر وعيًا وتكافلًا وبساطة.