أشارككم اليوم بتلك الكلمات وأنا واثق أكثر مما مضى بمحبة ورحمة الله ولكن لدي ثقة أقل بالإنسان وبالإنسانية.

 

تحيّة المحبة والسلام من عالم ماتت فيه المحبة ودفنت فيه روح السلام!

 

فترة صعبة

 

الإنسانية تمر اليوم بفترة صعبة جدًا من حياتها، فوضى عارمة تجتاح العالم، فوضى ليس فقط في الأخلاق والقيم والمبادئ، بل أيضًا خلل في الأنظمة الكونية التي وضعها الإنسان يومًا ما لتنظيم حياته وحياة الآخرين.

 

الشرق الاوسط

 

لفترة طويلة كان الشرق الأوسط أحد ضحايا تلك الفوضى غير المسؤولة من بداية الأزمة الفلسطينية التي بدأت ولم ولن تنتهي منذ أكثر من 75 عامًا، مرورًا بسقوط دول كبرى كالعراق وسوريا، وحرق لموارد الخليج العربي، ودمار لليبيا واليمن، وإغراق مصر بالديون، وخلق عدم الاستقرار الدائم في لبنان، وباقي دول الشرق الأوسط سيكون لها من الطيب نصيب ولكن في الوقت المناسب!

 

أين العالم؟

 

لكن اليوم أين باقي دول العالم من تلك الفوضى؟ هل الحل أن نهاجر من الشرق الى الغرب؟ من مئات السنين هاجر أجدادنا إلى دول العالم أجمع خوفًا من استمرار النزاع في منطقتنا، وحتى لو عاشوا مرتاحي البال لسنوات قليلة اليوم هم ضحية الفوضى مجددًا، هم ضحية الاستعباد الغربي، هم ضحية اللاعدالة التي تسود كالفيروس في معظم دول العالم، هم ضحية عدم التكيف وعدم الإنخراط بالحياة العامة هناك، وعدم فتح المجال لهم بأن يكونوا بنائين وليس مهاجرين، هم ضحية قوانين حقوق إنسان لا تطبق الا على أبناء تلك الدول ويستثنى منها كل من هو مُهجر ولاجئ، وهم ضحية إستعمار الغرب للشرق وهم ضحية سياسات تم تصديرها الى دول الشرق من الغرب.

 

المعاناة

 

المعاناة اليوم تكبر وإستنزاف الدماء كشلالات مياه، والجميع يدفع الثمن دون تفرقة بين دولة وآخرى، شعب أو شعب آخر، حضارات إنتهت وأصبحت ذكرى في كتب التاريخ، واليوم بأيدينا سننهي حضارة الحضارة، عالم التطور والتكنولوجيا، ذلك العالم الذي يحلم بأن تكون الكرة الأرضية قرية صغيرة! اليوم نبدأ نهارنا بتفجيرات هنا وهناك! موتى في كل الأرجاء! ضحايا لا ذنب لهم بتلك الصراعات!

 

موتى وجرحى

 

كل يوم نجمع عدد الموتى في كل مكان على هذه الأرض كأننا تحولنا بلمح البصر الى أعداد وليس الى إنسان، لا قيمة لنا سوى عددنا بين الضحايا، اليوم هم وغدًا ربما نحن، والمجتمع الدولي يتفرج ويستنكر ويبدي إنزعاجه ويغسل يده ويتبرأ من المسؤولية الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية.

 

السؤال

 

أتساءل كما تساءلت مررًا وتكررًا الى متى سيبقى المجتمع الدولي نائمًا؟ الى متى شعوب الأرض ستبقى تتعذب؟ الى متى ضحايا بكل أرجاء المعمورة؟ الى متى سنبقى رهينة أحكام فُرضت علينا دون سماع صوتنا؟ الى متى أبنائنا وشبابنا وحاضرنا ومستقبلنا تحت القصف وتحت عجلات المدرعات تجرفهم كل لحظة والسيارات المفخخة تقضي على آمال ورجاء شعوب الأرض؟ الى متى أيها المجتمع الدولي ستبقى تَذكرنا فقط في الأخبار وتحت قُبب القاعات وخلال مأدبات الغداء والعشاء؟ الى متى؟

 

نحن أين

 

واليوم أين نحن من الذي يحصل هنا وهناك؟ أليس من الأسهل العمل من أجل الحل السياسي والعمل من أجل إعادة بناء دول تهدمت وشعوب تشردت بدون سبب؟ أليس من الأسهل العمل من أجل بناء السلام والمصالحة بدل قبول واقع حالة الفوضى التي تجتاح العالم؟ أليس أقل تكلفة إعادة بناء الإنسان وخلق جيل جديد منفتح، مُحب، مُبادر، مُتواضع، مُثقف ومُتعلم؟

 

نطلق صرخة

 

لنطلق صرخة جديدة من شرقنا المتألم إلى أرجاء المعمورة، لنقل للعالم؛  بدنا سلام، الآن هو وقت السلام، الآن هو وقت التضامن، الآن هو وقت الأخوة، الآن هو وقت المصالحة، الآن هو وقت قبول الآخر، الآن هو وقت المحبة بدون مصلحة، الآن هو وقت إنهاء الصراعات، الآن هو وقت البناء والإعمار، الآن هو وقت السلام.

 

ساعة الحسم

 

أعتقد بأنها ساعة الحسم حتى العالم يبدأ بتضميد الجراح، ومسح الدمعة وإرجاع الإبتسامة وإحياء الأمل أتت الساعة لنَغسل الدماء في كل زاوية من زوايا الكرة الأرضية، لقد أتت الساعة حتى نجعل من عالمنا قرية صغيرة محكومة بمبادئ إنسانية ومنظمة بقوانين لخير الإنسان والطبيعة، والوقت حان لبناء مجتمع عادل ونقي والأخوة الشاملة هي الرابط بيننا والإنسانية الجديدة هدفنا والمدينة الفاضلة بيتنا.

 

الرجاء ثم الرجاء

 

الرجاء الحار أن نفتح قلبنا وعقلنا وضميرنا لمرة واحدة، لنصغ الى صوت صدى تلك الاطفال الملائكة التي غادرت الأرض ملطخة بدماء الكراهية والحقد والانانية واللامبالاة، لنعمل من أجل إعادة  الآمل والرجاء. فلنجدد العهد للعمل من أجل مستقبل أفضل لمنطقتنا وللعالم أجمع.