موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
آية 1: "ثم كلم يسوع الجموع والتلاميذ قائلاً..."
إنها المرة الأخيرة، في إنجيل متى، التي تحدث فيها يسوع "إلى الجموع" (ومن بينهم أيضًا التلاميذ). وهذا يعني أن كلماته هذه يجب أن تُقرأ اليوم على أنها موجهة إلى الجماعة المسيحية بأكملها. وإذا وجدنا لهجات جدلية تجاه "الكتبة والفريسيين" فهذا فقط لتجنب تكرار بعض سلوكياتهم المنكرة في الجماعة المسيحية. فما هي؟
آية 3: "كل ما يقولونه لكم، افعلوه واحفظوه، ولكن لا تفعلوا افعالهم، لأنهم يقولون ولا يفعلون"
أول شيء يمكننا استخلاصه من كلمات يسوع هذه: بالطبع، إن التناقض بين القول والفعل لهو شيء خطير في الجماعة المسيحية. إنه يربك، ويثبط العزيمة. ومع ذلك، يؤكد يسوع أن التناقض في أولئك الذين يتكلمون ولا يفعلون لا يشكل، بالنسبة لأولئك الذين يسمعون الكلمة، ذريعة كافية للتخلي عن الطريق الجيد الذي تم تحديده.
وربما يمكننا استخلاص ملاحظة ثانية. في أولئك الذين "يقولون ولا يفعلون" لا نأسف عليهم لأجل التناقض فحسب. إنهم يظلون محرومين من تجربة شخصية للجهد الذي يتم بذله: جهد الإخلاص والمثابرة المطلوبة للـ"الفعل". وبالتالي يمكن أن يصبحوا قاسيين ومتطلبين تجاه الآخرين، ولا يفهمون صراعهم لأنهم لا يعرفون ذلك.
آية 4: "إنهم يربطون الأحمال الثقيلة ويضعونها على أكتاف الرجال، ولا يريدون أن يحركوها ولو بإصبع"
هناك معنيان محتملان:
أ) يفرضون قواعد وواجبات صعبة ولكنهم يتجنبونها. أما هم فيهربون.
ب) يضعون الأعباء على عاتق الآخرين، ولا يفعلون شيئاً لمساعدتهم. لا يساعدون.
وهذا المعنى الثاني هو الأفضل. لأنه يسمح لنا بمقارنة أنفسنا بيسوع:
- عندما يتحدث يسوع عن "النير" فهو يسميه "نيره" (متى 11، 28 – 30). النير مصنوع ليحمله اثنان. لذلك فإن يسوع لا يتركنا وحدنا. إنه يأخذه معنا ويحمله معنا، وهكذا يجعله محمولاً، بل "خفيفًا" حقًا.
- لذلك، يجب على من يعمل كمرشد في الجماعة المسيحية أن يكون مستعدًا لوضع نفسه تحت النير مع أخيه ليخفف عنه. لا يجب أن "نُحمّل" الأخ فحسب، بل أن "نرفعه". (انظر مثال بولس في القراءة الثانية: "كنا نود أن نضحّي بحياتنا من أجلكم"، 1 تسالونيكي 2: 8).
آية 5: "إنهم يعملون كل أعمالهم لكي يتأملهم الناس"
يستخدم الإنجيل هذا الفعل: "تأمل"، مرة واحدة فقط: عندما كان يسوع على الصليب "معارفه والنساء واقفين يتأملون هذا كله" (لو 23، 48). لذلك، هناك حدث واحد فقط يجب أن نضعه أمام أعيننا. لا ينبغي أن يكون هناك أحد يجلب انتباه الجماعة إليه بدلا من ان تبقى نظرات الجماعة متجهة نحو يسوع.
آيات 8 و10: "لا تدعوا احدا يدعوكم معلم"
بهذه الكلمة يسوع يشير إلى ما يدل على الجماعة المسيحية:
أ) من المعلم الذي لديها.
إنه معلم لم يسبق له مثيل من قبل. لأن الكلمة التي يعلمها هي هو بشخصه؛ الإنجيل الذي يعلنه هو هو شخصيًا. هو المصدر، هو الضامن، هو المترجم. إنه الشخص المتوافق تمامًا: كلماته وأعماله في اتحاد متماسك.
وبذلك يبقى لقب واحد فقط لكل فرد في الجماعة: "الأخ التلميذ"
وطموح واحد فقط: هل سنكونوا قادرين على الاصغاء إلى هذا المعلم الواحد واتباعه؟
ب) وهو مؤهل من قبل ابيه:
آية 9: "ولا تدعوا لأحد منكم أبا على الأرض، لأنه ليس لديكم إلا أب واحد الذي في السماء"
"على الأرض" هناك أب واحد يعطي الحياة.
"على الأرض" ما زال يكمل تحفته كأب: إذ يجعل مننا نحن أيضًا أبناء في ابنه الوحيد.
"على الأرض" من الممكن أيضًا أن نتمتع بمشاركته في أبوته وأمومته. انظر مرة أخرى في القراءة الثانية: "مثلما الأم التي تعتني بأولادها... وكما يعتني الأب بأولاده..." 1 تس 2، 7. 11).
آية 11: "إن أعظمكم يكون خادما لكم"
انه منزل مليء بالإخوة الصغار. حيث هناك "تميز" واحد فقط "عظمة" ممكنة: ألا وهي الخدمة.
آية 12: "من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع"
لدينا أفضل الأخبار: بالنسبة للتلميذ، بمجرد نزوله إلى الأسفل، فهذا بالفعل انتصار منذ البداية. لأنه هناك (وهناك فقط) سيجد الله الذي قرر، في الابن، أن ينزل إلى الأسفل وأن نجده هناك فقط.
(هذا الصباح، الأحد 5 تشرين الثاني، قال البطريرك ميشيل صبّاح في عظته في القدس: "نحن نبقى مع لقب الشرف: تلاميذ يسوع، الوديع والمتواضع القلب، مقدمين الخدمة الأعظم: مساعدة الناس على رؤية الله").