موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بطريرك الأقباط الكاثوليك يستقبل التهاني بمناسبة عيد القيامة المجيد
ترأس بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك إبراهيم إسحق القداس الإلهي، بمناسبة الاحتفال بعيد القيامة المجيد، وذلك بكاتدرائية السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك، بمدينة نصر، بمشاركة النائب البطريركي لشؤون الأبرشيّة المطران باخوم، وعدد من الكهنة والشمامسة، والمؤمنين.
وفيما يلي عظة البطريرك اسحق:
"ودنا منهما يسوع، وأخذ يسير معهما"
بعد مسيرة الصوم الأربعيني وأسبوع الفصح المقدس، نحتفل هذا المساء بعيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات. هذا الحدث الأهم في الأيمان المسيحي. فالمسيح القائم هي قلب الأيمان المسيحي والحياة الروحية. وهي محور الترتيب الطقسي فكل يوم أحد هو عيد قيامة اسبوعي وكل قداس إلهي هو استمرار وتحقيق لها.
بالقيامة يتحقق الخلاص الذي شاء الرب أن يتممه بتجسده وصلبه، انها برهان خلاصنا. لذلك فهي الركيزة الأساسية للبشارة المسيحية، وقد كان الرسل قبل كل شيء شهوداً المسيح القائم." ودنا منها يسوع، وأخذ يسير معهما". يأتي احتفالنا هذا وسط أحداث عالمية: الحروب والأوبئة وتدهور الاقتصاد. وأحداث كنسية: خبرة السينودسية التي تعيشها الكنيسة الكاثوليكية، تحضيرًا لسينودس الأساقفة سنة 2023، أي "السير معًا"، كشركة ومشاركة ورسالة، وأيضا وسط ظروف عائلية وشخصية. ما أشبه حياتنا بحياة تلميذي عماوس اللذين التقى بهما يسوع القائم وأخذ يسير معهما، أحداث مؤلمة وأخرى مفرحة فيها نختبر المسيح حياَ.
أتامل معكم انطلاقًا من لقاء المسيح القائم بتلميذي عمواس الوارد في انجيل القديس لوقا. يتحدث التلميذان بشأن ما حدث ليسوع من الآلام والموت، وكم خاب رجاؤهما في امكانية تدخل الله. "كنا نرجو..." الشركة: "ودنا منهما يسوع"، يسوع يقترب منهما ويسمع ما في قلبيهما، وكيف فهما الأحداث المتعلقة به. فموقف الرب هو من يصغي الينا حتى حين نظن أنه لا يردّ وسط الآلام، وفي وقت احساسنا وشعورنا بغيابه يكون هو بجوارنا، يمشى معنا ويقترب منا، يسوع الحي يسير معنا ويرافقنا. ويصير هو طريقنا "أنا هو الطريق".
مشاركة: "أخذ يسير معهما". يسوع يلتقي بنا على طريقنا ويعيش معنا خبرة السير معًا، يتبنى خبرتنا ويشاركنا حياتنا ويبدأ يدخلنا في مسيرة الفصح من خلال كلمته الحية التي تلهب قلوبنا كما عبر التلميذان بقولهما "أما كان قلبنا يحترق في صدرنا، حين حدثنا في الطريق وشرح لنا الكتب المقدسة"، وتجدد فينا الرجاء وتحقق فينا القيامة وخبرة كيف أن المسيح "حيّ فيّ" كما يقول لنا بولس الرسول. لم يغيّر يسوع الأحداث ولا الظروف بل حوّل التلميذين: من عيون مقفلة عمياء إلى عيون مستنيرة من الجهل الى المعرفة بالاختبار، من الشك الى الايمان، من اليأس والإحباط الى الرجاء والانطلاقة. فمهما كانت الأحداث والظروف فهي لا تمنع خبرتنا بأن الرب حي، وإنما هي فرصة كي نعلن أنه حي ونحن به نحيا ونتحرك ونوجد. التجربة كبيرة أن نفكر في القيامة وكأنها مجرد حقيقة لاهوتية نظرية بعيدة عنا. إن نص تلميذي عماوس هو احتفال ليتورجي، فيه يستقبلنا يسوع بما نحن عليه ويجدد قلوبنا بكلمته ويعرفنا بنفسه بأن يكسر الخبز معنا. فكل مرة نتقاسم كلمة الله معًا، يكشف المسيح لنا بروحه عن نفسه، ويطهّر قلوبنا ويجددها. كل عائلة تجتمع حول كلمة الله يعمل فيها الروح القدس لتعيش خبرة لقاء بالمسيح الحي. لا يزال المسيح يقترب منا ويصغى الينا، ويعلن لنا أنه حي ويعدّ قلوبنا من خلال خبرة معايشة الكلمة وكسر الخبز التي نعيشها في كل قداس.
كم من مرة نتقدم فيها إلى التناول دون استعداد!؟ ودون أن نعيش خبرة حقيقية مع المسيح القائم؟ السينودس هو شركة ومشاركة من أجل رسالة. رسالة: كيف نكون على مثال تلميذي عمواس، نعيش خبرة لقاء بالمسيح الحي؟ فننطلق للبشارة بها. فكم من أحداث عديدة لم نضعها بعد على نور كلمة الله ونور المسيح الحي! دعوة إلى كل شخص مرَّ بخبرة مؤلمة اختبر فيها صمت الله، إلى أن يقرأها على نور المسيح القائم، الذي يقاسمه هذه الخبرة. المسيح يحررنا من الخطيئة بموته المحي وبقيامته يفتح لنا المدخل الى حياة جديدة. هكذا فكما أدخل يسوع تلميذي عماوس يدخلنا نحن أيضاً في شركة جديدة معه، بها ننتصر وننضم الى شهود القيامة والرجاء ونحمل إلى اخوتنا وعائلاتنا وجماعاتنا ومجتمعنا رسالة فرح ورجاء بلقاء الرب القائم.
لنرفع صلاتنا متحدين مع قداسة البابا فرنسيس وسائر اخوتنا البطاركة والأساقفة وكل المحتفلين بعيد القيامة، داعين أن يبسط القائم من بين الأموات سلامه على عالمنا المثقل بالحروب والمعاناة، ويعمِق الرجاء في قلوب البشر جميعًا. لنصلي من أجل العائلات المكافحة الأمينة، والعائلات المجروحة قلوبهم والمتألمين بكل نوع. نصلي معًا من أجل وطننا الغالي مصر خاصة في هذه الأيام المباركة التي نعيش فيها معًا عيد القيامة المجيد وشهر رمضان المبارك حتى تكون فرصة لاسترداد مزيد من السلام والرجاء والعمل من أجل بناء ونشر ثقافة الحياة. نصلي من أجل رئيس الجمهورية وكل المعاونين له في خدمة الوطن وقيادته، لكي يؤيد الرب مسعاهم ويكلل جهودهم بالنجاح والتوفيق لبناء مستقبل أفضل لكل المصريين.
ختامًا نصلي: أيها المسيح القائم، أقمنا معك لحياة جديدة، أقم عقولنا الى نور الايمان العامل بالمحبة، وارادتنا الى طريق الخير والرجاء وقلوبنا الى الشركة والمشاركة حتى نصير رسلاً وشهود للقيامة والحياة والرجاء ويكون هذا العيد لخلاص نفوسنا وتقديسها. بشفاعة أمنا مريم العذراء الشاهدة الأمينة للقيامة. أمين