موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
شدد نيافته خلال المؤتمر، الذي عُقد عبر الإنترنت، على ضرورة حصول تغيير ينبع من حياة معاشة بتناغم مع الخليقة، في إطار الإيكولوجيا المتكاملة والاحترام التام لحقوق السكان الأصليين، والبحث عن الخير العام. مع العلم أن هذا اللقاء سيمهد الطريق للاجتماع المرتقب في شهر أيلول سبتمبر المقبل، الذي سيتناول نشاط الحركات الشعبية في زمن الجائحة، وسيشكل مناسبة لصب الاهتمام على تعاليم البابا في هذا الإطار.
دعا الكاردينال توركسون للنظر إلى الآثار التي تركها فيروس كورونا المستجد على العمال وشرائح المجتمع المهمشة، وهو موضوع تصدّر نقاشات المشاركين في اللقاء العالمي. وقد أُخذ في عين الاعتبار العمال الضعفاء شأن الحرفيين والفلاحين وعمال البناء وعمال المناجم، المتواجدين في مختلف أحياء المدن والقرى، مع التأكيد على ضرورة عيش ثقافة اللقاء والسير معا. وأوضحت الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة أن الهدف من هذا اللقاء العالمي يتمثل في إعطاء صوت لمخاوف الأشخاص الذين يشعرون بأنهم مهمشون ويريدون أن تُصان حقوقهم، وهي مسألة سلط عليها الضوء البابا فرنسيس في مناسبات سابقة، مشددا على مفاهيم ثلاثة: الأرض والبيت والعمل. وقال إن هذه هي ركائز أساسية للعدالة الاجتماعية. وتخللت اللقاء الرابع شهاداتٌ لأشخاص من البرازيل والهند وإسبانيا، ملتزمين في الصفوف الأمامية لصالح العمال الضعفاء والمهمشين.
وقد طلب الكاردينال بيتر توركسون من هؤلاء الأشخاص، ومن غيرهم أيضا، أن يعملوا على تبديل القلب لافتا إلى أن هذا الأمر يبصر النور من اللقاء مع معاناة الآخرين، مع معاناة من يتألمون نتيجة الظلم والتهميش. وحثّ نيافته الجميع على الالتزام والتصرف بلا تأخير كي توضع المنظومة الاقتصادية في خدمة الكائن البشري، لتصير منظومة عادلة. وقال إن الفقراء لا يعانون من الظلم وحسب، لكنهم أيضا يناضلون في وجه هذا الظلم. واعتبر أنه من الأهمية بمكان ألا تمثّل الحركات الشعبية الأشخاص الذين يناضلون من أجل المظلومين وحسب إنما أيضا من يسعون جاهدين إلى بناء منظومة اجتماعية واقتصادية عادلة.
تابع المسؤول الفاتيكاني مداخلته مؤكدا أن التحديات المطروحة اليوم أمامنا لا يمكن أن نواجهها لوحدنا، مشيرا إلى الحاجة الملحة للتضامن بين الجميع، وهي ركيزة أساسية في الثقافة الشعبية التي تنطلق من ضواحي المدن، وتساهم في نسج علاقات وطيدة بين الأشخاص وتعزز الاندماج في المجتمع. وأكد أن التضامن هو عامل موحِّد يساهم إلى حد كبير في دفع المنظومات السيئة في المجتمع نحو المساواة والعدالة الحقيقية والتعاضد الاجتماعي والسلام. وقال نيافته بهذا الصدد: إننا نصنع التاريخ من خلال هذا النضال الهادف إلى التغلب على مسببات الفقر والظلم، وهذا ما نفعله – كما يدعو البابا فرنسيس – بشجاعة وذكاء ومثابرة، لا من خلال التعصب والعنف.
لم تخلُ مداخلة الكاردينال بيتر توركسون من الإشارة إلى أهمية السير نحو الهدف المشترك، حتى إذا تم سلوك دروب مختلفة. وهذا الأمر يتطلب تمتين بنيات الحكم، على الصعيد المحلي والوطني والدولي، كما يفسح المجال أيضا أمام المنتسبين إلى الحركات الشعبية كي يصيروا رواداً للخير. وكل ذلك يتطلب الدفاع عن العمل اللائق، والسعي إلى خلق فرصٍ للعمل الكريم، والترويج لاقتصاد اجتماعي عادل، يحمي حياة الجماعات، حيثُ يطغى التضامن على مفهوم الربح وحسب. وختم عميد الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة مداخلته داعيا إلى النضال في وجه ثقافة اللامبالاة، مع البحث عن كرامتنا والسعي – في الوقت نفسه – إلى حماية كرامة الآخرين.