موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قال البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو إن "العالم قد تغيّر وهو يتغير باستمرار من التقاليد إلى الحداثة. أصبح العالم قرية رقمية بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عن الظروف السياسية الصعبة والمقلقة التي نعيشها خصوصًا الحرب الروسيّة الأوكرانية. من هنا أقترح توجيه نداء لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وإيجاد طريق دبلوماسي للسلام".
وأضاف غبطته في مؤتمر "الكاثوليك والشيعة في مواجهة المستقبل"، الذي عقد في العاصمة الإيطاليّة روما، أن "مهمتنا ومسؤوليتنا كقادة دينيين، تشمل الجميع ولا تقتصر على دين معين"، إذ "يجب علينا أن نحارب الفكر الطائفي المتشدد من خلال خطاباتنا وتثقيف وتوعية الأجيال الجديدة. إن الله الذي نؤمن به لا يسألنا: هل أنت مسلم شيعي أم مسلم سني؟ هل أنت مسيحي كاثوليكي أم أرثوذكسي؟ السؤال الوحيد الذي يطرحه علينا هو: ماذا فعلت لأخيك؟ سيديننا على محبتنا".
وتابع "يجب أن نلزم أنفسنا بتعزيز الحوار والصداقة. تقوية التقارب والتضامن بين مختلف الشعوب والأديان والثقافات، للمساهمة في تحقيق السلام والرفاهية للبشر، خصوصًا في المنطقة من خلال التعاون الوثيق بين التقليد الشيعي والكنيسة الكاثوليكية"، كما "يجب أن نتعرف على الآخر ونحترمه في تنوعه. إن احترام التنوع، كما كرر البابا فرنسيس في زيارته للعراق في آذار 2021، هو أساس التعايش".
وأشار رأس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم إلى "أنها ثروة عظيمة عندما يتم تقاسم هذه الاختلافات وتجميعها. ما نسميه العيش المشترك يعني تقاسم الخبز (العيش)… أساسه التغذية، الغذاء اليومي! عدم إطعام الناس يسبب الصراع. يذكر أنطوان دو سانت إكزوبيري، إن طعم الخبز المشترك لا مثيل له، لأنه مشاركة في الحب والصداقة مما يضفي عليه نكهة خاصة".
وذكر الكاردينال ساكو أنه "لا ينبغي استبعاد أي شخص من نطاق مسؤوليتنا"، وأن "من غير المقبول البقاء غير مبالين"، مبينًا أن "هذا الوضع الفريد يجعلنا أقرب من بعضنا البعض للتغلب على صدمة الانقسامات وبدء حوار شجاع وصادق بين الثقافات والأديان"، فـ"المواطنة والعيش المشترك حق طبيعي وليس عنصرًا ثانويًا يجب التسامح معه. مفهوم التسامح مستمد من سمح، التسامح يعني: أسمح لك أن تكون".
ولفت إلى أنه "للأسف، انتشرت في السنوات الأخيرة العقلية المتطرفة التي تحرض على الكراهية والعنف باسم الدين، في منطقتنا وفي مناطق أخرى. هذه الأيديولوجية تتعارض مع إرادة الله الذي خلقنا مختلفين، وتمثل تهديدًا لحياة المواطنين وأمن الدولة. نحتاج إلى دراسة أسباب التطرف والعنف المرتكب باسم الدين، وإيجاد سبل للمعالجة. اود ان اشكر فضيلة آية الله علي السيستاني، المرجعية العليا للنجف على مواقفه المنفتحة والرشيدة".
وذكّر بأن "المواطنة أساس العلاقات الاجتماعية، ومعيارها الانتماء للوطن. المواطنة تعني المساواة واحترام الحقوق والتعايش بوئام بين جميع المواطنين"، أما "الطائفية ومفهوم المكونات، فلا يفيدان في إقامة دولة وطنية قوية وحديثة، بل ينتهي بهما الأمر إلى دعم ثقافة المصالح الخاصة، الأمر الذي ينتهي بالإقصاء والفساد".
وعاد ساكو للتذكير بأن "المسيحيين هم سكان أصليون في العراق وليسوا مجتمعًا ينحدر من بلد آخر. إنهم أبناء هذه الأرض، فلا يجوز أن نسميهم أقلية". وقال: إنه "ظلم" أن يتم "استهداف" المسيحيين أحيانًا في معتقداتهم الدينية. يجب أن تكون حقوق المسيحيين مقدسة مثل حقوق الآخرين ولا يمكن اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية بسبب عقيدتهم. يجب أن يكون التنوع والاختلاف ثروة ومصدرًا للإبداع والتوازن والازدهار". وخلص بطريرك الكلدان إلى القول إن "الطريق إلى الأمام هو الذي يقود إلى نموذج مدني وديمقراطي يقوم على المواطنة، وليس إلى نظام طائفي يوزع الوطن كما يحلو له. الديمقراطية كل لا يتجزأ".