موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أكد بطريرك القسطنطينية المسكوني، برثلماوس الأول، أنه لا يمكن اعتبار السلام من المسلمات، وهو ليس أمرًا بديهيًا على الإطلاق لأنه واجب وإنجاز لا بد من العمل من أجله، وهناك حاجة للنضال المستمر من أجل الحفاظ عليه.
وتساءل في مقال نشر في صحيفة "أوسيرفاتوري رومانو" الفاتيكانية، بمناسبة عيد الميلاد بحسب التقويم اليولياني: كيف يمكننا أن نحتفل بـ"الرقص والأناشيد"، كما يقول صاحب المزامير، عندما ننظر إلى المذود في مغارة بيت لحم، حيث وُلد طفل منذ أكثر من ألفي سنة، ووهبنا النور، ويبدو أن كل شيء قد ضاع اليوم؟
ولفت إلى أننا لا نستطيع أن نرى النور في مدينة بيت لحم اليوم، إذ تحول المذود الذي شعت منه الأنوار إلى مكان مظلم، تمامًا كما كان قبل ولادة المخلص. وأضاف غبطته أنه عندما ننظر اليوم إلى هذا الظلام علينا أن نرفع الصلاة بزخم.
وكتب: منذ سقوط آدم وحواء حاول أجدادنا أن يتحدوا مجددًا مع الله الخالق. فجاء الأنبياء ليعلنوا عن مجيء المسيح الذي سيبعث مجددًا الحياة في نفوسنا. وعلى مرّ قرون من الزمن قاد آباء إسرائيل شعب الله نحو هذا الهدف، نحو جبل سيناء، وصولاً إلى مدينة أورشليم، بشكل يسمح للشعب أن يعود إلى علاقة الشركة مع الرب. ولكن عندما حان الوقت ليأتي المسيح، نرى أن للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكارًا، أما ابن الإنسان فليس له أين يُسند رأسه. لكن عدم توفر المكان الملائم لولادة المسيح لم يوقف هذا المخطط الإلهي. فقد وُلد المخلص في مذود داخل مغارة، وهناك تجلى مجد الله.
وتساءل ما إذا كان ظلام المغارة ضروريًا للتعرف على هذا النور الذي يأتي إلى العالم. وأشار إلى أنّه كان هناك تباين بين النور والظلمة، بالتالي لا بدّ من أن نبحث عن هذا النور اليوم أيضًا وسط الظلمة التي تكتنف مدينة بيت لحم.
وتطرّق إلى كتبات أفلاطون الذي تحدّث عن روح الإنسان المكبلة والمرغمة على النظر في اتجاه واحد، وكأنه موجود داخل مغارة، إن لم يخرج منها لا يمكنه أن يرى الواقع كما هو. وتساءل ما إذا كنا كبّلنا الأشخاص لإرغامهم على المشاركة في عالم لا يعرف إلا الحروب والمجاعات وعدم المساواة والأوبئة.
وأشار إلى أن ما نحتاج إليه اليوم هو القدرة على فهم الآخر، وهذا ما يتضح جليًا إذا ما نظرنا إلى الحروب في أوكرانيا وأفريقيا ما دون الصحراء وإلى استئناف إراقة الدماء في الشرق الأوسط، مضيفًا أن الأنانية والرياء تمنعاننا من النظر من حولنا لنرى أخوتنا وأخواتنا المتألمين.
وأكد على أنه ولد لنا طفل، وهو المسيح، الذي يقودنا نحو التحرر. وعلى مر القرون الماضية، ولغاية اليوم، يمكننا أن نتأكد أن لا شيء يستطيع أن يفصلنا عن محبة الله التي هي في المسيح يسوع ربنا، كما يقول القديس بولس الرسول. ثم سأل غبطته الطفل الذي وُلد من أجل خلاصنا، العمانوئيل، أن يباركنا باستمرار، وأن يُشع نوره علينا، وأن يمنحنا القوة اللازمة كي نناضل في سبيل سلام عادل ودائم.