موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٨ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٤
البابا مترئسًا القداس في بابوا غينيا الجديدة: لننفتح على الله، وعلى الإخوة، وعلى الإنجيل

فاتيكان نيوز :

 

في إطار زيارته الرسوليّة إلى بابوا غينيا الجديدة، ترأس البابا فرنسيس، صباح الأحد، القداس الإلهيّ في ستاد "سير جون جيز"، في بورت مورسبي. وللمناسبة ألقى قداسته عظة قال فيها: إنَّ الكلمة الأولى التي يوجّهها الرّبّ إلينا اليوم هي: "تَقَوَّوا ولا تَخافوا!". يقول أشعيا النّبي هذا لفزعي القلوب. وبهذه الطريقة هو يشجّع شعبه، ويدعوه حتى وسط الصّعوبات والآلام، لكي يرفع نظره إلى العُلَى، نحو أفق رجاء ومستقبل: الله يأتي ليخلّصكم، هو سيأتي، وفي ذلك اليوم، "تَتَفَتَّحُ عُيونُ العُمْيان، وآذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح".

 

أضاف: هذه النّبوءة تحقّقت في يسوع. وفي رواية القدّيس مرقس، يتمُّ تسليط الضوء على أمرَين بشكل خاص: بُعد الرجل الأصمّ معقود اللّسان وقُرب يسوع. بُعد الرجل الأصمّ معقود اللّسان. كان هذا الرّجل يعيش في منطقة جغرافيّة نسمّيها بلغة اليوم "الضّواحي" أو الأطراف. كانت منطقة "المدن العشر" تقع ما وراء نهر الأردن، بعيدًا عن المركز الدّيني الذي هو أورشليم. ولكنَّ هذا الرّجل الأصمّ معقود اللّسان كان يعيش أيضًا نوعًا آخر من البُعد، لقد كان بعيدًا عن الله وعن البشر لأنّه لم يكن باستطاعته أن يتواصل: كان أصمّ، وبالتالي لم يكن باستطاعته أن يسمع الآخرين، وكان أخرس، فلم يكن باستطاعته أن يتكلّم مع الآخرين. كان هذا الرّجل مقطوعًا عن العالم، ومعزولًا، أسيرَ صممِه وعقدةِ لسانه، ولذلك، لم يكن باستطاعته أن ينفتح على الآخرين للتّواصل. لذلك يمكننا أن ننظر إلى حالة الأصّم الأخرس، بمعنى آخر أيضًا، لأنّه قد يحدث لنا أن نكون مقطوعين عن الشركة والصّداقة مع الله ومع إخوتنا عندما يكون قلبنا هو الأصمّ، أكثر من آذاننا ولساننا. هناك صممّ داخليّ وبُكمٌ في القلب ناجمان عن كلّ ما يجعلنا ننغلق على أنفسنا، وعلى الله وعلى الآخرين: الأنانيّة، واللامبالاة، والخوف من المخاطرة والمجازفة، والاستياء، والكراهية، والقائمة تطول. كلّ هذا يبعدنا: عن الله، وعن الإخوة، وعن أنفسنا، وعن فرح العيش.

 

تابع: على هذا البُعد، أيّها الإخوة والأخوات، يجيب الله بقرب يسوع. بابنه يريد الله أن يظهر لنا أولاً، ما يلي: أنّه الإله القريب والرّؤوف، الذي يعتني بحياتنا، ويتخطّى جميع المسافات. وفي مقطع الإنجيل، في الواقع، نرى يسوع يذهب إلى هذه الضّواحي، ويخرج من اليهوديّة، لكي يذهب للقاء الوثنيّين. بقربه شفى يسوع صمم الإنسان وعقدة لسانه: في الواقع، عندما نشعر بأنّنا بعيدون، أو نختار أن نكون بعيدين – بعيدين عن الله، وعن الإخوة، وعن الذين هم مختلفون عنّا - نحن ننغلق على أنفسنا، ونتحصّن في أنفسنا وينتهي بنا الأمر في الدوار فقط حول أنفسنا، أصماء إزاء كلمة الله وإزاء صرخة القريب، وبالتالي غير قادرين على أن نتكلّم مع الله ومع القريب.

 

وقال: أيّها الإخوة والأخوات، أنتم الذين تعيشون في هذه الأرض البعيدة، ربما تعتقدون أنكم منفصلين عن الرب، ومنفصلين عن البشر ولكن هذا ليس صحيحًا، لا: أنتم متحدون، متحدون في الروح القدس، متحدون في الرب! والرب يقول اليوم لكلّ واحد منكم: "إنفتح!". هذا هو الأمر الأهمّ: أن ننفتح على الله، وعلى الإخوة، وعلى الإنجيل ونجعله يصبح بوصلة لحياتنا. لكم أيضًا يقول الرّبّ يسوع اليوم: "تقوَّ، لا تخف، يا شعب بابوا! انفتح! انفتح على فرح الإنجيل، انفتح على اللقاء مع الله، انفتح على محبّة الإخوة". لا يبقَينَّ أحدٌ منّا أصمًّا ومعقود اللّسان أمام هذه الدّعوة. وليرافقكم في هذه المسيرة الطّوباوي جيوفانّي ماتزوكّوني: الذي حمل المسيح إليكم وسط صعوباتٍ وعداواتٍ كثيرة، لكي لا يبقى أحدٌ أصمّ أمام رسالة الخلاص الفرحة، وتُحلَّ ألسنة الجميع لكي يترنّموا بمحبّة الله.

 

 

لا لإعادة التّسلّح واستغلال البيت المشترك!

 

وبعد ختام الذبيحة الإلهيّة، وقبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، وجّه البابا فرنسيس كلمة قال فيها:

 

"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، قبل أن نختتم هذا الاحتفال، لنتوجّه إلى العذراء مريم بصلاة التبشير الملائكي. إليها أُوكل مسيرة الكنيسة في بابوا غينيا الجديدة وجزر سليمان. لترافقكم العذراء مريم سيِّدة المعونة وتحميكم على الدوام، ولتُعزز اتّحاد العائلات، وتجعل أحلام الشّباب جميلة وشجاعة، وتعضد المسنين وتعزِّيهم، وتواسي المرضى والمتألّمين!

 

ومِن هذه الأرض التي باركها الخالق، أودّ أن أطلب معكم، بشفاعة العذراء مريم الكليّة القداسة، عطيّة السّلام لجميع الشّعوب. وأطلبها بشكلٍ خاصّ، من أجل هذه المنطقة الكبيرة من العالم الواقعة بين آسيا وأوقيانيا والمحيط الهادئ. السّلام، السّلام للأُمم وللخليقة أيضًا. لا لإعادة التّسلّح واستغلال البيت المشترك! نعم للقاء بين الشّعوب والثّقافات، ونعم لانسجام الإنسان مع المخلوقات! أيتها العذراء مريم سيِّدة المعونة، وملكة السّلام، ساعدينا لكي نرتدَّ بحسب مخطّطات الله، التي هي مخطّطات سلام وعدل من أجل العائلة البشريّة الكبيرة! وخلص البابا فرنسيس إلى القول في هذا الأحد، الذي يصادف فيه العيد الليتورجي لميلاد سيّدتنا مريم العذراء، تتوجه أفكارنا إلى مزار لورد، الذي تعرض للأسف للطوفان".