موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أهلا بكم بالأرض المقدسة
«هذا جرى في بيت عنيا، في ما وراء نهر الأردن، حيث كان يوحنا يعمد»
(انجيل يوحنا 1: 28)
يجري نهر الأردن عبر أراضينا كما يجري عبر تاريخ الانجيل، مطهرا ومغذيا الجسد والروح في هذا الموقع يستطيع الانسان مباشرة العودة عبر التاريخ.
ان اصالة هذا الموقع ايدتها شهادات الكتب المقدسة، واقوال الرحالة والحجاج الذين زاروا هذا الموقع، وخارطة الاراضي المقدسة في مأدبا، بالاضافة إلى المواقع الاثرية المكتشفة ووجود بقايا خمس كنائس بنيت من القرن الخامس كذكرى لتعميد السيد المسيح.
وأخيرا توجت هذه الشهادات بالرسائل الموجهة من رؤساء عدة كنائس بالعالم إلى الهيئة الملكية لموقع المغطس.
ومن الرحالة الذين أعطوا وصفا دقيقا للموقع ثيودوسيوس (530 م) حيث قال «على بعد خمسة أميال شمال البحر الميت، وفي موقع عماد السيد المسيح، هناك عمود رخامي عليه صليب من الحديد وفي نفس الموقع توجد كنيسة يوحنا المعمدان التي بناها الامبراطور انستايوس، هذه الكنيسة مبنية على أعمدة لحمايتها من فيضان النهر.
وأضاف أنطونينوس من مدينة بياتشينزا بعد 40 سنة ( 570 م) : «على ضفة النهر، في الموقع الذي تعمد فيه السيد المسيح، درج من الرخام يقودك إلى الأسفل باتجاه المياه».
وبعد مائة عام أعطى أركولفوس من فرنسا معلومات هامة جدا قائلا: «على حفة النهر كنيسة صغيرة مربعة الشكل مبنية كما يقال في الموقع الذي ترك فيه رداء السيد المسيح عندما تعمد، وهذه الكنيسة مرتفعة على أربع عقود برميلية فوق مياه النهر المتدفقة.»حاليا يمكن مشاهدة القاعدتين الشماليتين بينما تم اكتشاف بقايا القاعدتين الجنوبيتين واللتان سيتم ترميمهما قريبا»، فهناك حوض تعميد مصلب الشكل استخدم من قبل الحجاج، وفي الحقيقة هذا الحوض هو الوحيد في العالم الذي استخدمت فيه مياه نهر الأردن الجارية للتعميد فيه.
وقد تم العثور على بقايا هامة اخرى في نفس الموقع، فهناك بقايا بازيليكتين بنيت على أنقاض كنيسة يوحنا المعمدان، وهي فريدة من نوعها حيث ان لها بوابة من الشرق توصل من خلال الدرج الرخامي باتجاه كنيسة الرداء ومياه نهر الأردن للتعميد فيها.
ابيفانيوس (750-800 م) ذكر كنيسة كبيرة (كنيسة الثالوث المقدس) مبنية على ضفة النهر على بعد ميل واحد إلى الغرب من دير يوحنا المعمدان (تل النبي الياس) الذي مكث فيه لليلة واحدة.
بعد دمار الكنائس الأربع المذكورة سابقا، اقيم مصلى على بقايا القاعدة الشمالية الغربية لكنيسة الرداء. فكتب رئيس دير اسمه دانيال (1106-1107 م) «يقع الموقع الذي تعمد فيه السيد المسيح على بعد رمية حجر من نهر الأردن، هناك مصلى صغير له حنية صغيرة، في هذه البقعة عمد يوحنا المعمدان السيد المسيح». توالي بناء الكنائس الفريدة بتصميمها المعماري على ضفة النهر، هو شاهد على تحدي وتصميم المؤمنين لقوى الطبيعة على بناء كنيسة تلوى الأخرى في البقعة التي آمنوا بأن السيد المسيح قد تعمد فيها.
ومن الجدير بالذكر بأن هذه البقايا قد استعملت من قبل الحجاج من القرن الخامس وحتى بداية القرن الثاني عشر كرمز للتعايش المسيحي الاسلامي في الأردن حتى يومنا الحالي.
أما بالنسبة إلى خارطة الأرض المقدسة الفسيفسائية فمن المثير للاهتمام تحليل الحيوانات الموجودة عليها والتابعة لموقع بيت عنيا عبر الأردن، فمن الملاحظ وجود سمكتين، احداهما تتجه نحو البحر الميت اما الثانية فتبتعد عن البحر، الشرح المنطقي لهذا هو ان السمك لا يعيش في مياه البحر المالحة فيعود ادراجه شمالا، اما التفسير الأخر هو أن السمكة استخدمت كرمز السيد المسيح، واستخدمت السمكة ايضا كرمز للتعميد، وبما أن السمك لا يعيش الا في المياه، فإن المسيحي الحقيقي لا يستطيع العيش الا بمياه التعميد.
ولذلك فالتقاء السمكتان في هذه النقطة بالذات من النهر هو لأن السيد المسيح تعمد في هذه النقطة بالذات، وهنا بدأت المسيحية.
أما بالنسبة للغزال الذي يلاحقه الأسد، فبالاضافة لتمثيلهما للبرية، فانهما يرمزان «للشر يلاحق الخير» أو « القوي يلاحق الضعيف» وبمعنى آخر «هيرودوس يهدد يوحنا المعمدان الذي انتقد زواجه بامرأة اخيه» (انجيل متى : 14).