استمعنا في الأيام الأخيرة حول فعاليّة اللقاح، والتي لا نفهمها كثيرًا لأنّنا لسنا خبراء في هذا المجال. واستمعنا أيضًا إلى من يدّعي، وبدون بيانات علميّة، أنّ اللقاح ليس أكثر من مؤامرة دبرتها شركات الأدويّة وحكومات العالم للسيطرة على الشعوب.

لا أريد أن أدخل في هذا الجدل العقيم، ولكني أعتقد أنّه من الضّروري أن أضع أمام القارئ اعتبارَين بسيطَين. الأوّل: يواجه العالم جائحةً تُنذِر بالموت والاضطراب في أنماط الحياة. ثانيًا: يُعلمنا التاريخ أنّه لم يتم التغلب على الأمراض إلّا من خلال الأدويّة واللقاحات. إذن: لماذا هذا الاضطراب تجاه اللقاحات؟ وما هو التصرف الأخلاقي المسؤول الذي علينا أن نتبناه؟

وتساهم بعض التوجهات الدينيّة في إرباك الأفكار حول موضوع حساس كهذا. مثلًا، ترفض طائفة الأميش (Amish) المسيحيّة، الرافضة للحداثة، استخدام الأدويّة واللقاحات نفسها. ويدّعي أتباع جماعة "العلم المسيحي" (Christian science)، التي نشأت في الولايات المتحدة عام 1892، أنّ الشفاء من جميع الأمراض يأتي بالصّلاة.

التطعيم هو خيار واضح للخير العام، وهو خيار أخلاقي تمليه المسؤوليّة التي نتحملها تجاه الآخرين. تطعيم المؤمن هو واجب إنساني باسم التضامن الاجتماعي وواجب مسيحي باسم المحبة تجاه أنفسنا والقريب.

في مواجهة أزمة صحيّة، لا يمكننا أن نفضّل الخير الشخصي على الخير العام. نحن كمؤمنين مدعوون إلى أن نتلقى اللقاح حتى نمارس بحريّة مسؤوليتنا الأخلاقيّة تجاه البشريّة.

تنص النقطة 13 من المذكرة "لقاح للجميع. الحياة في 20 نقطة لعالم أكثر عدلاً وصحة" والتي صاغتها لجنة الفاتيكان Covid-19 بالتعاون مع الأكاديميّة البابويّة للحياة على ما يلي: «في ما يتعلق بالمسؤوليّة الأخلاقيّة للتلقيح، من الضّروري إعادة التأكيد على أنّ هذه القضيّة تعني أيضًا وجود علاقة بين الصحة الشخصيّة والصحة العامة، وتُظهر الترابط الوثيق بينهما. في ضوء هذه العلاقة، نعتقد أنّه من المهم النظر في اتخاذ قرار مسؤول، والنظر إلى أنّ رفض اللقاح يمكن أن يشكل أيضًا خطرًا على الآخرين».

الخير العام هو خيار أخلاقي مسؤول يتكوّن من تنسيق وانسجام العلاقات بين الأشخاص في المجتمع. نظرًا لأنّ انسجام العلاقات بين الناس هي التي تشكل الخير العام، فإنّ التطعيم يصبح خيارًا أخلاقيًا مسؤولاً بشكل حقيقي. أمام الخير، يجب أن نترك جانبًا منطق الـ "أنا" حتى ينتصر منطق الـ "نحن" كخيار ينقلنا إلى الخير الأسمى.