موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
توّج اليوم الثاني من زيارة حج شخص العذراء سيدة فاطيما إلى الأردن، أرض المعمودية، بالقداس الإلهي الحاشد، الذي أقيم بالتزامن مع عيد الزيارة واختتام الشهر المريميّ، وذلك في ساحة دير راهبات الوردية في بلدة ناعور، جنوب غرب العاصمة عمّان.
وترأس الاحتفال الديني النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران وليم شوملي، يعاونه سفير الكرسي الرسولي في الأردن والعراق المطران ألبرتو أورتيغا مارتن، والمستشار في السفارة البابوية المونسنيور ماورو لالي، ونائب رئيس مزار فاطيما في البرتغال الأب فيكتور كوتينيو، وكاهن الرعية الأب رفعت بدر، ولفيف من الكهنة من مختلف الكنائس.
وباسم رعيّة ناعور، رحّب الأب سيمون حجازين بالوفد الضيف الآتي برفقة شخص العذارء، وبالحضور من مختلف المناطق، ومن بينهم سفيرة جمهورية ألمانيا الاتحادية بيرغيتا سيفكر ايبرله، والنائب في البرلمان الأستاذ قيس زيادين، مشيرًا إلى أن زيارة شخص العذراء لهو حدث عظيم، وهو التفاف حول أمنا مريم للصلاة. وقال، إن الصلاة هي عمل الله وعمل الإنسان معًا، فالإنسان الصالح هو وليد الصلاة والتوبة، ولن يفهم الإنسان قيمته إلا إذا ثابر على الصلاة، ونال ثمارها في الإيمان والرجاء والمحبّة.
بدوره، قال المطران شوملي في عظة القداس: "جئنا لكي نحتفل بحضور شخص عذراء فاطيما إلى الأردن، ونحن نعلم بأنه رمز يشير إلى حقيقة، وهو علامة محسوسة تشير إلى حقيقة غير محسوسة. فمن خلال هذا الشخص تزورنا العذراء أمنا لكي تعطينا رسالة، فكل مرّة ظهرت العذراء سواء كان في لورد أو في فاطيما أو في أي مكان آخر في العالم، كانت دائمًا تعطي رسالة واضحة لأبنائها. فإذا أردنا أن نختزل دور العذراء في تاريخ الخلاص، وفي حياتنا، فهي أولاً وأخيرًا أم، فهي زارت الأطفال الرعاة في البرتغال كأم، وأعطتهم رسالة بوصفها أمًا للبشرية كلها".
ومتحدثًا عن الرسالة التي وجهتها السيدة العذراء في فاطيما، قال سيادته: "عندما ظهرت العذراء في البرتغال عام 1917، كان العالم ملتهبًا ومنشغلاً بالحرب العالمية الأولى التي ذهب ضحيتها حوالي 20 مليون قتيل. لم تتجاهل الأم أمام اقتتال أبنائها، فظهرت في فاطيما لتقول لهم بأن الحروب هي نتيجة الخطيئة والكبرياء والطمع والبغض. وأوضحت بأن الحرب ستضع أوزارها قريبًا. وبالفعل انتهت الحرب العالمية الأولى بعد سنة كما أنبأت مريم. أنبأت أيضًا بأن حربًا أخرى أكثر شراسة وعنفًا سوف تأتي إن لم يتبْ العالم، وبالفعل بعد سنوات قليلة بدأت الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها أكثر من عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى".
وأضاف: "كشفت العذراء في ظهوراتها مشهد جهنم المرعب، وقالت للأطفال الرعاة: هنالك تذهب نفوس من لا يتوبون. وأعطت السيدة العذراء أيضًا سرًا كشف في فترة لاحقة، هذا السر يخبر بشخص متوشح بالبياض يسير نحو الصليب على تلة، ويمرّ بين جثث شهداء كثيرين. وأثناء مسيرة هذا الشخص، حاول أشخاص قتله، فتلطخت ثيابه بالدماء. وفهم لاحقًا البابا يوحنا بولس الثاني هذه النبوءة وكأنه تحقيق لما حدث له يوم 13 أيار عام 1981، عندما حاول أحدهم الاعتداء عليه بالرصاص. وقال البابا بأنه شعر بأن يد خفية حاولت إبعاد الرصاصة عن جسده لكي تحميه من الموت. وبعد شفائه، ذهب البابا إلى مزار العذراء لكي يشكرها لأنها حمته من موت محقق. وكانت الرصاصة في يده وأهداها إلى المزار، وقد وضعت في التاج الذي يكلل عذراء فاطيما".
وخلص المطران شوملي في عظته إلى القول: "تبقى رسالة فاطيما ذاتها لا تتغير؛ إنها رسالة توبة، فمعظم آلامنا تأتي من خطايانا وخطايا الغير، وإن لم يتبْ العالم فستكثر عندها الآلام. كما أنها رسالة صلاة، فما تطلبه السيدة العذراء هو ما يطلبه ابنها، فرسالة السيد المسيح تتجسد في الكلمة المقدسة التي تليت على مسامعنا: ’ليود بعضكم بعضًا بمحبة أخوية. تنافسوا في إكرام بعضكم لبعض. إعملوا للرب بهمة لا تفتر وروح متقد. كونوا في الرجاء فرحين وفي الشدة صابرين وعلى الصلاة مواظبين. كونوا للقديسين في حاجاتهم مشاركين وإلى ضيافة الغرباء مبادرين‘ (رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومة 12: 10-13)".
وبعد استكمال ليتورجية الكلمة ووصلاة المؤمنين، وليتورجية القرابين، توجه الأب فيكتور كوتينيو بكلمة قصيرة للحضور، تطرق فيها لثلاث أفكار رئيسة. بداية، أشار إلى أن العذراء تكملت في أول ظهور لها في فاطيما بأنها آتية من السماء. وبالتالي، فإن فاطيما تعني قبل كل شيء لقاء الأرض مع السماء، وبأننا كمسيحيين نسير على هذه الأرض، لكن عيوننا تنظر دائمًا نحو السماء"، مشددًا على أن السماء هي دائمًا مع الإنسانية، وبأن الله مع الإنسان، فرغم الحروب والأحقاد، تمثّل فاطيما الحقيقة الإنجيلية التالية: إن الله لا يترك البشرية أبدًا.
وفي الفكرة الثانية، أشار نائب رئيس مزار فاطيما المريمي الشهير إلى ما قاله البابا بندكتس السادس عشر بأنه في الصلاة نستطيع تغيير مسار البشرية. فالتطوّر والتقدم الإنساني الحقيقي هو التغيير الذي يحصل في قلب الإنسان، لافتًا بأن مريم كانت تطلب في ظهوراتها إلى الصلاة كل يوم، وخاصة المسبحة الوردية، فالصلاة تغيّر التاريخ لأنها تغيّر قلب الإنسان. وخلص الأب فيكتور في الفكرة الثالثة إلى القول: "نتعلم من القديسة جاشينتا الشعور مع البشرية المتألمة، فقد كانت تشفق على البشر، وكانت ترغب في تبني آلامهم. أما القديس فرانشيسكو فيعلمنا الصداقة الحقيقية مع الله تعالى، من خلال سعيه لترك كل شيء من أجل التمسكّ بالمسيح".
من بعدها أضاء المؤمنين الشموع، وانطلقت المسيرة من ساحة الدير إلى ساحة مزار لورد، يتقدمها أفراد مجموعة كشافة ومرشدات دير اللاتين في المصدار، على وقع الزغاريد والترانيم المريمية التي أحيتها جوقة ينبوع المحبة. ومن أمام مزار لورد، تم منح البركة الختامية.
وأنشدت جوقة ينبوع المحبة، بقيادة المايسترو طعمة جبارة أناشيد خاصة بالمناسبة، وبالأخص ترنيمة أديت لأول مرة باللغة العربية، وقد كتب كلماتها الشماس هايل علمات، بعنوان: "يوم في الأرض وثقتِ... SALVE REGINA صلي لأجلنا، صلي لنا ايا أمّنا. وتم تقديم الشكر للجهات التي أسهمت في هذا الاحتفال: جوقة ينبوع المحبة، وكشافة اللاتين في المصدار، ووزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، وجمعية الكاريتاس الأردنية وراديو مريم.
للمزيد من الصور:
https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&album_id=2356850001004719
https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&album_id=2356834877672898