موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الأحد، ٢٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢
آية ابو عتيلة تكتب: قطر وكأس العالم وثقافة الشرق

آية ابو عتيلة :

 

منذ أن فازت دولة قطر بشرف تنظيم كأس العالم، وكل العيون عليها ليشاهد العالم ماستقدمه الدولة الخليجية في هذه النسخة من البطولة والتي ستقام لأول مرة في الشرق الأوسط، والتي أُثير حولها الجدل كثيرًا، منذ أن بدأ الحديث في الصحف الغربية عن ما قالت أنه فساد الفيفا الذي مكن الدولة الصغير مساحة، والتي لم يسبق لها المشاركة في المونديال من قبل، من أن تستضيف حدثًا بهذا الحجم، لكن قطر أثبتت للعالم علو كعبها، وعملت بكل جهدها لتكون هذه النسخة من البطولة هي الأفضل في تاريخ بطولات كأس العالم رغم التشويش والإنتقادات المبالغ بها لقطر من الشرق والغرب.

 

ومع إقتراب موعد إنطلاق المنافسات، بدأت الصحف الغربية هجمة شرسة على قطر بسبب ما قالت أنه ملف قطر في حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المثليين بشكل خاص، إلا أن قطر تمسكت بما قالت بأنه ثقافتها العربية وهويتها، والتي طالبت العالم بإحترام هذه الثقافة والهوية، وفعلا، ما إن بدأ العد التنازلي حتى بدأت ملامح مونديال قطر تتضح للجميع، نسخة عربية خالصة، بثقافة الشرق وسحره الحقيقي، لتكون فرصة للغرب وبقية العالم لأن يشاهد صورة حقيقية للشرق بعيدا عن تلك التي رسمها المستشرقون قديمًا، ومن بعدهم الإعلام الغربي، والتي تركت صورة مشوهة عن العرب والشرق ككل.

 

لكن قطر تمسكت بإظهار الطابع العربي والشرقي في كل ما يخص البطولة، بدأ من أسماء الملاعب وتصاميمها، وحتى حفل الإفتتاح الذي كان كرنفالا عربيًا شرقيًا خالصًا، والذي رأى العالم فيه ملعبًا على شكل خيمة عربية، وجمل هو هيبة الصحراء، أذان المغرب الذي هو نداء الصلاة في الإسلام ولباس عربي تقليدي، كرنفال عظيم أظهر للعالم صورة مشرقة عن العرب بشكل عام، والمسلمين بشكل خاص.

 

إلا أن الأشقاء في قطر قد نسوا، أو تناسوا، مكونًا مشرقيًا أصيلاً كان يجب أن يكون حاضرًا في هذا الكرنفال، وهو المشرق المسيحي إن صح التسمية، فالعرب والمشرقيين، عرب ومشرقيين قبل أن يكونوا مسلمين ومسيحيين، فلا يمكن أن نغفل عن المسيحيين المشرقيين والعرب، وهم أصل المسيحية في العالم، فقد كان الشرق منذ القدم أرض مقدسة عند الغرب كونها أرض المسيح ومهده، وكيف لا تكون والمسيح عليه السلام نفسه كان شرقيا خالصا بملامح شرقية تشبه ملامح كل من يعيش على هذه الأرض اليوم مسلمين ومسيحيين، فكما قدمت قطر صورة مشرقة عن العرب والشرق ككل، وعرّفت العالم ثقافة العرب وقصة الإسلام الحنيف، وأسمعت العالم صوت الأذان، كان سيكون جميلا أيضا لو أنها قدمت للعالم لمحة عن المسيحية في الشرق، والمسيحيين المشرقيين الذين هم أصل المسيحية وأهل المسيح وخاصته، ليعرف العالم كله بأن الشرق أرض سلام ووئام وتسامح، أرض تحتضن كل أهلها مسيحيين ومسلمين، تحبهم ويحبونها، ويحبون بعضهم البعض، يعيشون فيها بثقافة وهوية واحدة تجمعهم، ثقافة عربية شرقية، بإسلامها ومسيحيتها.

 

وفي الختام نتمنى لقطر وكل الدول العربية دائما التوفيق، ونتمنى للمنتخبات العربية التوفيق في البطولة.