موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يزور الكاردينال بييترو بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، الأردن هذا الأسبوع. ويوم الجمعة، ترأس القداس الاحتفالي بتدشين الكنيسة الجديدة التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة، والتي أشيدت في موقع معموديّة السيّد المسيح. وفي إشارة إلى الحيويّة والأمل، حضر أكثر من ستة آلاف مؤمن، ملأوا الكنيسة لدرجة أنّه لم يتمكن الكثيرون من إيجاد أماكن في داخلها.
بعد الاحتفال، أجرى مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقابلة مع الكاردينال بارولين، حول الأحداث العالميّة الحاليّة، من بينها: رسالة حدث تدشين الكنيسة الجديدة، الحضور المسيحي في الشرق الأوسط، ومستجدات الأوضاع في سورية ولبنان.
بدايةً، أشار الكاردينال بارولين إلى أنّ الاحتفال بتدشين كنيسة معموديّة السيّد المسيح، يوم 10 كانون الثاني 2025، كان جميلاً ومنظمًا بشكل جيّد، وفي المقام الأول كان احتفالاً مفعمًا بالرجاء، وليس لأنّ الرجاء هو شعار اليوبيل المخصّص له.
وقال: أعتقد أنّ الرسالة التي تنبثق من هذا اليوم هي: في هذه المنطقة التي تعذبها نزاعات كثيرة ويمزقها التوّتر قد أصبحت هذه الأرض الملغَّمة حقولاً مزروعة ممتدة. وهذا في حدّ ذاته علامة على الرجاء، كما يقول النبي، حيث يمكن تحويل السيوف إلى محارث، وأن تصبح الأسلحة أدوات سلام. كما أنّ المشاركة الكبيرة والحيّة من قبل الناس هي أيضًا سبب للرجاء. هناك قوة حيويّة، والمسيحية بإمكانها، بنعمة الله، أن تساعد في التوّصل إلى طرق من أجل حلّ النزاعات القائمة.
وتوقّف نيافته عند كون الحضور المسيحيّ في بلدن الشرق الأوسط منذ الأزل، وما زالوا يشكّلون جزءًا لا يتجزأ من دول ومجتمعات المنطقة، على الرغم من أنّ الأحداث الماضية والحاليّة تدفعهم إلى الهجرة. ونتيجة لذلك، فإنّ المجتمعات المسيحيّة في هذه البلدان تتقلص عدديًّا.
وأراد الكاردينال بارولين الإشارة إلى البُعد التكويني للحضور المسيحيّ في منطقة الشرق الأوسط: فالعرب يعني أيضًا المسيحيون، لأنّه هناك جماعة مسيحيّة متجذّرة في تاريخ هذه المنطقة. وأكد نيافته على هذا البُعد التكويني الأساسيّ للحضور المسيحيّ. فالمسيحيون، كحضور مؤسِّس، قادرون على المساهمة في جميع المجالات. وكما قال البابا مرّات عديدة، فإنّ الشرق الأوسط بدون المسيحيين سيكون أكثر فقرًا، ويفتقر إلى التعبير الأساسي عن هويّة هذه المنطقة ذاتها.
وحول تطوّرات الوضع في سورية، قال الكاردينال بارولين أنه قرأ التصريحات الإيجابيّة التي صدرت، والتي تسير في الاتجاه الذي تمناه البابا فرنسيس خلال لقائه مؤخرًا أعضاء السلك الدبوماسي. وتحدّث بالتالي عن أمله في أن يبدأ بالنسبة لسورية زمن جديد يكون للجميع فيه الحقوق ذاتها.
أضاف: هذا هو مفهوم المواطنة الذي يقترحه الكرسي الرسولي أيضًا لجميع البلدان: جميع المواطنين متساوون، ويتمتعون بحقوق وواجبات متساوية أمام القانون، راجيًا أن تتبع هذه التصريحات أفعال يضمن حماية حقوق الأقليات وحقوق المسيحيين أيضًا.
هذا واعتبر الكاردينال بارولين انتخاب رئيسًا جديدًا للجمهوريّة اللبنانيّة علامة إيجابيّة. وذكّر بأنّ الكرسي الرسولي، وعلى مدار العامين الماضيين، كان يشّدد دائمًا على الأهميّة البالغة لهذا الانتخاب من أجل استمراريّة لبنان وبقائه كما يجب أن يكون، على حد تعبير القديس يوحنا بولس الثاني، "بلد رسالة"، بلد تتعايش فيه التنوّعات الاجتماعيّة والسياسيّة والدينيّة.
أضاف: لقد أكدنا دائمًا على أنّ الأولويّة هي انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي تعزيز المؤسّسات، راجيًا أن يكون انتخاب الرئيس مؤشرًا لمرحلة جديدة تشترك فيها القوى السياسيّة كافة للتوّصل إلى أرضية مشتركة وتعمل معًا من أجل خير البلاد، وخاصة لتحقيق الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشكل كبير. وأشار هنا على سبيل المثال إلى تحقيق العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت وعائلاتهم، وبلوغ استقرار اقتصادي يغيب حاليًّا ما أسفر عن الكثير من الفقر والمعاناة.