موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ولدت ماري مادلين دي باتسي في فلورنسا إيطاليا في 2 نيسان 1566، وتربّت في بيت مسيحي على الفضيلة والتقوى. فكانت تحرم نفسها من بعض المأكولات لتطعم الفقراء، وكانت قد نذرت نذر البتولية الدائمة مذ كان عمرها عشر سنوات وكانت تجيب والديها عندما عزما على تزويجها: "أفضّل الموت على ان أخون وَعدي لعريسي يسوع المسيح". ولما تيقّن والداها من دعوتها الرهبانيّة، سمحا لها بدخول الرهبانيّة. فاعتنقت الحياة الرهبانيّة في دير الراهبات الكرمليّات في فلورنسا.
بنت هذه الراهبة حياتها على الصلاة والتجرّد والتطلّع، الذي قادها إلى انخطافات بالروح، ولقد أَجمَعَ الرؤساء والمرشدون الروحيّون والمعرّفون والسلطات الكنسية، بالإضافة الى أخواتها الراهبات، على أن هذه الانخطافات بالروح التي بَدَت وكأنها حالة شبه يومية واعتياديّة في حياتها الروحية، حتى خُيّل للبعض أنها كانت تعيش "خارج هذا العالم"، إنّما كان مصدرها إلهيًا. تميّزت بروح الطاعة والعفاف، والاماتة. فكان الخبز والماء قوتها الوحيد لمدّة أسابيع طويلة، كما كانت تجلد جسدها وتلبس المسح وتتكلّل بالشوك مشاركة ليسوع في آلامه، تكفيرًا عن خطايا البشر. وقد تعرّضت لتجارب عديدة ولكنّها انتصرت عليها بفضل صبرها وتواضعها وصلاتها الحارّة.
أما فضيلة المحبّة فقد مارستها بقوّة. فكانت تسهر الليالي بالقرب من سرير رفيقاتها الراهبات المريضات، تخدمهم كالأمّ الحنون. ان هذه المحبّة هي التي جعلتها تتفوه بتلك الآية البطولية. "ربّي زد عذابي وزِد بعمري". في اليوم الخامس والعشرين من شهر أيار عام 1607 فارقت نفسها الطاهرة جسدها العفيف ولا يزال ذكرها حيّا في فلورنسا وجثمانها محفوظًا من الفساد. أعلنها البابا أوربانوس الثامن طوباويةً سنة 1626، والبابا كليمنضوس التاسع قديسة سنة 1669.
عاشت مريم المجدلية دي باتسي اختبارًا روحيًّا ثريًّا أودعته كتاباتٍ سامية، تأثّرت به أخواتها الراهبات في كرمل فلورنسا. "أنت تعلم، يا ربّ، أنّ نفسي لم تشتهِ شيئًا خارجًا عنك"! هذا ما كانت تردّده في صلاتها. وقد جمعت الراهبات ما فاهت به، أثناء انخطافاتها، في خمس مجلداتٍ من المخطوطات، لا تزال محفوظة حتى تاريخ اليوم، في دير "سيّدة الملائكة “في فلورنسا، وكلّها تكشف لنا عن قديسة صوفيّة من الطراز الرفيع والنادر.