موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
صلّى نحو 120 ألف مسلم في آخر جمعة من شهر رمضان في المسجد الأقصى في القدس "الحزينة"، كما وصفها المصلّون، لأن غزة حيث تتواصل الحرب المدمّرة منذ ستة أشهر "حاضرة في كل مكان".
وحثّ مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين في خطبته في المسجد الأقصى المصلّين على إحياء ليلة القدر في المكان اليوم. وقال "هذا اليوم هو السادس والعشرون من شهر رمضان، هذه الليلة التي صنفها الله في أعلى مراتبه، هذه ليلة السابع والعشرين، ليلة القدر، حاولوا أيها الصائمون أن تستغلوا هذه اللحظات وإحياء الليلة في المسجد الأقصى". ودعا الى أن يجعل الله هذا الشهر "شهر عزة ونصر للمسلمين وأبناء فلسطين".
وقالت سميحة القاضي (55 عامُا) التي قدمت من مدينة بيت جالا لتشارك في صلاة الظهر، "لا أستطيع البقاء لإحياء ليلة القدر مع أنه لدي تصريح، لكنني ساذهب لأبقى مع زوجي وأولادي الذين لم يحصلوا على تصاريح" إسرائيلية لدخول الأقصى.
"القدس فقدت ألقها"
وأضافت "القدس فقدت ألقها لأنها حزينة. غزة حاضرة بين الناس في القدس وفي كل مكان".
وفرضت السلطات الإسرائيلية هذه السنة في شهر رمضان قيودًا إضافية على الداخلين، لأسباب أمنية، في ظل توترات متصاعدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في القدس والضفة الغربية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي.
وسمحت بدخول الفلسطينين من الضفة الغربية للنساء ما فوق 50 عامًا والرجال فوق 55 عامًا على أن يخضعوا لفحص أمني ويحصلوا على بطاقة ممغنطة، ثم على تصريح زيارة، بحسب كوغات (مكتب وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية).
تضامن
ومنذ بداية رمضان، يتحفّظ الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة عن الاحتفاء بشهر رمضان بمظاهر علنية كالعادة، كنوع من التضامن مع قطاع غزة الذي يعاني من الجوع والحرب. وقال العديد من الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية إنهم سيكتفون بتقديم حبة التمر والقهوة "السادة" المرّة في عيد الفطر الذي قد يصادف الثلاثاء أو الأربعاء، وذلك تضامنا مع أهالي غزة.
وعادة، يخرج الفلسطينيون، كما كل المسلمين في عيد الفطر، لشراء الملابس الجديدة للأطفال والحلوى ويجتمعون بين العائلات والأصدقاء للاحتفال وتناول الوجبات الدسمة. لكن قطاع غزة بات بعد ستة أشهر على الحرب، على شفا الجوع، وفق الأمم المتحدة.
وقالت لمى الحاج (45 عاما) "لا يمكن الاحتفال بالعيد بتقديم الشكولاته والحلويات من بقلاوة أو معمول وأهلنا في غزة يتضوّرون جوعا. العيد هو فرحة، ونحن نتألم ونعاني مع أهلنا هناك. سيكون طعم الحلويات مرا مثل مرارة العيش في غزة".
كذلك انتشرت الدعوة الى تقديم التمر والقهوة في العيد في الأردن الذي غالبا ما يشهد تظاهرات تضامنية مع قطاع غزة. ولم تزيّن هذا العام بوابات وأحياء مدينة القدس ونوافذ الفلسطينيين المسلمين بحبال الإضاءة الملونة أو بالهلال كما درجت العادة. كما لم يحتفل الفلسطينيون المسيحيون بعيد الميلاد في نهاية العام 2023 في القدس وفي الضفة الغربية وبعيد الفصح لدى الكنائس الكاثوليكية الأحد الماضي، تضامنًا مع أهل غزة، واقتصرت مشاركتهم على المراسم الدينية.
"لم يمر علينا رمضان كهذا"
وقال عدنان جعفر (60 عامًا) من محل "جعفر للحلويات"، "هذا ليس رمضان الذي عهدناه في السابق، لم يمرّ مثله علي طوال حياتي، والسبب معروف فهو لم يؤثر علينا فقط بل أثّر على العالم كله". وأضاف "لا توجد في البلد حركة، السوق مغلق.. كان الناس يأتون للصلاة: نصلّي المغرب في الأقصى، نفطر، ونأتي بعد الصلاة لنتحلّى.. الوضع بشكل عام حزين".
وقالت صباح (54 عاماً) التي فضّلت عدم كشف اسم عائلتها "منذ الحرب وأنا مريضة، لقد قتل عدد من أقاربي في غزة". وأضافت "كلّ شيء طعمه مرّ في فمي، عندما أفكّر بأقاربي والناس هناك، وخصوصًا في رمضان، شهر العائلة والألفة. أتألم عليهم كثيرًا".