موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١ مايو / أيار ٢٠٢١
1 أيار: عيد القديس يوسف العامل ومعنى العمل الذي يعطي بعض الكرامة
من رسالة قداسة البابا فرنسيس "بقلب أبوي Patris Corde"، بمناسبة الذكرى المائة والخمسين لإعلان القديس يوسف البتول شفيعًا للكنيسة جمعاء.

أبونا :

 

القديس يوسف "العامل"

 

إن علاقة القدّيس يوسف بالعمل تشكّل أحد الجوانب التي تميّزه، وقد سُلِّط الضوءُ عليها منذ أيّام الرسالة العامّة الاجتماعية الأولى للبابا ليون الثالث عشر، الشوق للتجديد (Rerum novarum). كان القدّيس يوسف نجّارًا يعمل بأمانة لكي يؤمّن معيشة عائلته. وقد تعلّم يسوعُ منه قيمة وكرامة وفرح ما يعني أن نأكل الخبز من عرق جبيننا.

 

يبدو أن العمل، في عصرنا، قد عاد ليمثّل مسألة اجتماعية ملحّة، فقد بلغت البطالة أحيانًا مستويات محرجة، حتى في البلدان التي شهدت بعض الرفاهية لعقود من الزمن. من الضروريّ بالتالي أن نفهم، بوعي متجدّد، معنى العمل الذي يعطي بعض الكرامة والذي يشكلّ قدّيسُنا شفيعًا مثاليًّا له.

 

إن العمل يصبح مشاركة في عمل الخلاص ذاته، وفرصة لاستعجال مجيء الملكوت وتنمية إمكاناتنا الشخصيّة وحسناتنا، إذ نضعه في خدمة المجتمع والشركة الكنسية؛ ويصبحُ العملُ فرصةً لنحقّق ليس فقط ذواتنا، إنما أيضًا وقبل كلّ شيء النواةَ الأصليّة للمجتمع التي هي الأسرة. فالأسرة التي ينقص فيها العمل تكون أكثر عرضة للصعوبات والتوتّرات والصدمات وحتى الميل إلى الانحلال اليائس والمُيَئِّس. كيف يمكننا أن نتحدّث عن كرامة الإنسان دون أن نبذل جهدنا لكي نضمن للجميع ولكلّ فرد إمكانيّةَ العيش الكريم؟

 

إن الشخص الذي يعمل، مهما كانت مهمّته، يتعاون مع الله نفسه، ويشارك بعض الشيء بخلق العالم من حولنا. قد تمثّل أزمةُ عصرنا، التي هي أزمة اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة وروحيّة، نداءً للجميع من أجل إعادة اكتشاف قيمة العمل وأهمّيته وضرورته، بهدف خلق "حالة طبيعية" جديدة، لا يُستثنى فيها أحد. يذكّرنا عمل القدّيس يوسف أن الله نفسه الذي صار بشرًا لم يحتقر العمل. وفقدان العمل الذي يطال العديد من الإخوة والأخوات، والذي زاد في الآونة الأخيرة بسبب جائحة فيروس الكورونا، يجب أن يكون بمثابة دعوة حتى نراجع أولويّاتنا. إننا نتضرّع إلى القدّيس يوسف العامل حتى نجد طرقًا تلزمنا بالقول: لا شابّ ولا شعب ولا أسرة، بلا عمل!