موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
مقال للكاردينال فرناندو فيلوني يتناول فيه زيارة البابا المرتقبة إلى العراق
في أعقاب الإعلان عن زيارة البابا المرتقبة إلى العراق في آذار المقبل، كتب الكاردينال فرناندو فيلوني، المعلم الأكبر لـ"فرسان القبر المقدس" والسفير البابوي السابق في بغداد، مقالاً نشرته صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية، سلط فيه الضوء على هذه الزيارة المرتقبة وأهميتها بالنسبة للشرق الأوسط.
الكاردينال فيلوني خلال زيارته إلى العراق كمبعوث شخصي لقداسة البابا فرنسيس، نيسان 2015

الكاردينال فيلوني خلال زيارته إلى العراق كمبعوث شخصي لقداسة البابا فرنسيس، نيسان 2015

فاتيكان نيوز :

 

كتب نيافته أن هذه الزيارة ينتظرها بفارغ الصبر العراقيون والبابا نفسه، مشيرًا إلى أن الإعلان عن هذه الزيارة ولّد تأثرًا كبيرًا في نفوس أبناء هذا البلد الجريح، الذين دمعت عيونهم لدى تلقيهم النبأ، وأكد الكاردينال فيلوني أنه تأثر هو أيضًا خصوصًا وأنه تقاسم مع العراقيين –لاسيما المسيحيين منهم– أفراحهم وأتراحهم على مدى السنوات العشرين الماضية.

 

بعدها انتقل إلى الحديث عن الأهمية التي يشكلها العراق، لافتًا إلى أن بلاد ما بين النهرين كانت مهدًا للحضارات القديمة، لاسيما السومريين والبابليين والأشوريين. فيها أبصر النور إيمانُ ابراهيم، وفيها بشر ودُفن بعض الأنبياء كحزقيال ويونان وناحوم. وقد وصلت إلى تلك الربوع بشارة الإنجيل من خلال توما الرسول، ونمت هناك الكنيسة الشرقية، وامتد حضورها إلى منطقة الخليج الفارسي، وصولاً إلى الهند وأفغانستان ثم الصين. وفي بلاد ما بين النهرين نما الإسلام وعرف الانقسام المأساوي بين السنة والشيعة. وهناك تلاقت الحضارات المسيحية والإسلامية، العربية والإغريقية. كما أن المسيحيين المقيمين اليوم في العراق هم ورثةُ تاريخ عريق، ليس معروفًا كما يجب.

 

أما على الصعيد الجيوسياسي، تابع نيافته يقول، تشكل أرض العراق صلة وصل بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والغربية. وقد شكلت الموارد النفطية الغنية مصدرًا للنعمة والنقمة في الآن معًا. ومما لا شك فيه أن البابا سيجد في تلك الأرض، التي ارتوت من دماء العديد من ضحايا الصراعات المسلحة، تاريخًا يلقي بثقله على السكان المحليين. ولفت إلى أن الحضور المسيحي في العراق تراجع بصورة مأساوية خلال السنوات الماضية. وكان حضورُ الجماعات المسيحية يتركّز في العاصمة بغداد وسهل نينوى وإقليم كوردستان الشمالي. جماعات تأقلمت مع الواقع على مدى قرون واختبرت تعايشًا لم يكن سهلاً، وعانت من التمييز والحقد وانعدام التسامح وحتى الاضطهاد.

 

وأشار إلى أنّ البابا فرنسيس سيذكّر العراقيين بإمكانية تحقيق تعايش يرتكز إلى الأخوة الإنسانية التي تطرق إليها في وثيقة أبو ظبي والتي وقع عليها مع شيخ الأزهر في الرابع من شباط فبراير من العام الماضي. وشدد على أهمية أن يتحقق هذا التعايش في الأرض التي وُلد فيها ابراهيم، لأن العراق هو بأمس الحاجة إلى هذا التعايش اليوم، مذكرًا بأن الكنيسة الكاثوليكية -الكلدانية، السريانية، الأرمنية واللاتينية– بالإضافة إلى الكنائس الشرقية الأخرى طالبت، وما تزال تطالب، بتعايش يحترم جميع المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية.

 

ولم يخلُ مقال الكاردينال فيلوني من التطرق إلى الخدمة الدبلوماسية التي قام بها في العراق عندما كان سفيرًا بابويًا في بغداد على مدى خمس سنوات، وأكد أنه تعلم أن يحب الشعب العراقي، خصوصًا الجماعات المسيحية المحلية. وروى أن تلك كانت سنوات صعبة للغاية، إذ ولّد سقوطُ نظام الرئيس صدام حسين حالة من الفوضى ولم تسلم الجماعات المسيحية من الاعتداءات الإرهابية والهجمات الوحشية، فقُتل العديد من المسيحيين وصودرت بيوتهم وأملاكهم، وفرّ كثيرون. وشدد ختامًا على ضرورة أن يتم تخطي الانقسامات بين مكونات المجتمع العراقي وباستطاعة وثيقة الأخوة الإنسانية أن تلعب دورًا هامًا في هذا السياق.