موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
<p dir="RTL">"في مواجهة الإرهاب الإسلامي، من الأفضل أن نسأل أنفسنا حول الطريقة التي تم فيها تصدير نموذج غربي مفرط للديمقراطية إلى بلدان مثل العراق". قال البابا فرنسيس ذلك في مقابلة حصرية مع الصحيفة الكاثوليكية الفرنسية لا كروا، التي تحدث خلالها عن الهجرة، والحرب، والعلمانية.</p><p dir="RTL"><strong>المهاجرون والحروب وعدم القدره على استحداث تطور</strong></p><p dir="RTL">رداً على سؤال عما إذا كان لأوروبا القدرة على استيعاب العديد من المهاجرين، أجاب البابا فرنسيس بالقول: "هذا سؤال عادل ويتسم بالمسؤولية لأنه لا يمكن لأحد فتح الأبواب واسعة بشكل غير معقول. ومع ذلك، فالسؤال الأعمق هو: لماذا يوجد هذا العدد الكبير من المهاجرين الآن؟. المشاكل الأساسية المسببة لذلك، هي الحروب في الشرق الأوسط وفي أفريقيا، فضلاً عن عدم القدرة على استحداث تطور في القارة الأفريقية، مما يسبب المجاعة. فهناك حروب، لأن هناك من يصنع الأسلحة، التي يمكن تبريرها لأغراض دفاعية، وقبل كل شيء لأن هناك تجار أسلحة. إن ارتفاع البطالة ناتج عن عدم وجود استثمارات قادرة على توفير فرص عمل تحتاجها أفريقيا بدرجة كبيرة".</p><p dir="RTL"><strong>ليس هناك سوق حرة تعمل بصورة تامة</strong></p><p dir="RTL">وأضاف البابا فرنسيس مؤكداً: "بصورة أعم، يثير هذا مسألة النظام الاقتصادي العالمي الذي ينحدر نحو عبادة المال. فقد انحصرت الغالبية العظمى من ثروة البشر في أيدي أقلية من السكان. كما ليس هناك سوق حرة تعمل بصورة تامة. الأسواق في حد ذاتها جيدة لكنها تتطلب أيضاً طرفاً فاعلاً، طرفاً ثالثاً، أو دولة ترصدها وتحقق التوازن. وبعبارة أخرى، [المطلوب هو] اقتصاد سوق إجتماعي".</p><p dir="RTL"><strong>يجب دمج المهاجرين، وليس "وضعهم في غيتوهات"</strong></p><p dir="RTL">وتابع البابا: "بالعودة إلى قضية الهجرة، فإن أسوأ شكل من أشكال الترحيب هو وضعهم في "غيتوهات". فعلى العكس من ذلك، من الضروري دمجهم. ففي بروكسل، كان الإرهابيون بلجيكيين، أبناء مهاجرين، لكنهم نشأوا في غيتو. في لندن، رئيس البلدية الجديد هو صادق خان (ابن باكستانيين مسلمين) الذي أدى القسم في كاتدرائية، ومما لا شك فإنه سيلتقي الملكة. هذا يدل على حاجة أوروبا إلى إعادة اكتشاف قدرتها على التكامل. هذا التكامل هو من المسائل الضرورية اليوم، نتيجة البحث الأناني عن الرفاهية، فإن أوروبا تواجه حالياً مشكلة انخفاض معدل المواليد".</p><p dir="RTL"><strong>الخوف من الفتح الإسلامي</strong></p><p dir="RTL">ثم أجاب البابا فرنسيس على سؤال يتعلق بالخوف من الإسلام <span dir="LTR">Islamphobia</span> في المجتمعات الأوروبية. قال: "أنا لا أعتقد اليوم أن هناك خوفاً من الإسلام على هذا النحو. لكن هناك خوف من داعش وفتوحاته المستقاة بصورة جزئية من الإسلام. من الصحة القول أن فكرة الفتح متأصلة في تاريخ الإسلام. إلا أنه من الممكن أيضاً تفسير هذه الغايه في إنجيل متى، حيث يرسل يسوع المسيح تلاميذه إلى جميع الأمم، مما يحمل فكرة الفتح نفسها. وفي مواجهة الإرهاب الإسلامي، من الأفضل أن نسأل أنفسنا حول الطريقة التي تم فيها تصدير نموذج غربي مفرط للديمقراطية إلى بلدان مثل العراق، حيث وجدت في الماضي حكومة قوية، أو في ليبيا، حيث كان هناك بنية قبلية. لا يمكننا المضي قدماً دون أخذ هذه الثقافات في الاعتبار. وكما قال ليبي في الآونة الأخيرة: ‘لقد كان لدينا قذافي واحد والآن لدينا خمسون’. في نهاية المطاف، لا يزال التعايش بين المسيحيين والمسلمين ممكناً. لقد جئت من بلد يرتبط الجميع فيه بعلاقات جيدة".</p><p dir="RTL"><strong>العلمانية والدين في الساحة العامة</strong></p><p dir="RTL">أجاب البابا أيضاً على سؤال حول النموذج الفرنسي "للعلمانية" (التي تشير إلى النظام الفرنسي الذي يفصل بين الكنيسة والدولة). قال: "يجب أن تكون الدول علمانية. فالدول الطائفية تواجه نهاية سيئة، وذلك يتعارض مع مسيرة التاريخ. أعتقد أن تطبيق نسخة من العلمانية يرافقها قانون حازم يضمن الحرية الدينية يوفر إطاراً للمضي قدماً. نحن جميعاً متساوون كأبناء (وبنات) الله نتمتع بالكرامة الشخصية. ومع ذلك، يجب أن يكون للجميع الحرية في إبراز عقيدتهم الخاصة بهم. فإذا رغبت المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب، عندها يجب أن تكون قادرة على القيام بذلك. وذلك ينطبق أيضاً على الكاثوليكي إذا ما رغب في ارتداء الصليب. فيجب أن يكون الناس أحراراً في التمسك بعقيدتهم التي تنبع من ثقافتهم الخاصة بهم. فالنقد المعتدل الذي أود أن أوجهه لفرنسا في هذا الصدد هو أنها تبالغ في تطبيق العلمانية. وينبع هذا من اعتبار الأديان ثقافات فرعية بدلاً من اعتبارها ثقافات كاملة النضوج. أخشى أن يكون هذا النهج، الذي يعتبر جزءاً من تراث التنوير، قد استمر في الوجود. تحتاج فرنسا إلى اتخاذ خطوة إلى الأمام في هذه الموضوع باعتبار الانفتاح على الإبداع هو حق للجميع".</p><p dir="RTL"><strong>القوانين والحق وفقاً لما يمليه الضمير </strong></p><p dir="RTL">سئل فرنسيس كيف للكاثوليك الدفاع عن معتقداتهم في مواجهة قوانين مثل القتل الرحيم والزواج المدني. قال: "الأمر متروك للبرلمان ليناقش، ويجادل، ويشرح، ويبين [هذه الأمور]. بهذه الطريقة ينمو المجتمع. إلا أنه، عندما يتم اعتماد قانون ما، يجب على الدولة أيضاً أن تحترم ما يمليه ضمير [الناس]. يجب الاعتراف بالحق الناشىء عن الرفض وفقاً لما يمليه الضمير ضمن إطار قانوني لأنه حق من حقوق الإنسان. يجب على الدولة أن تأخذ الانتقادات بعين الاعتبار، ومن شأن ذلك أن يكون شكلاً حقيقياً من العلمانية. لا يمكنك وضع نقاشات الكاثوليك جانباً بالقول لهم ببساطة أنهم 'يتكلمون كالكهنة’. لا، إنهم ينسبون لأنفسهم هذا النوع من الفكر المسيحي معتقدين أن فرنسا قد تطورت بشكل ملحوظ".</p><p dir="RTL"><strong>العلمانيون، ورجال الدين، واتباع ليفيفر</strong></p><p dir="RTL">نظراً للنقص في الكهنة، ذكر البابا فرنسيس كوريا مثالاً. أنه البلد الذي "بشر عامة الناس فيه بالكتاب المقدس لمدة مائة سنة". "لذلك ليس هناك بالضرورة حاجة للكهنة من أجل التبشير. فالمعمودية تشكل القوة للتبشير". وندد فرنسيس مرة أخرى بالإضطراب الذي يشوب الإكليروسية الذي يظهر بصورة جلية في أمريكا اللاتينية. فإذا كانت التقوى التي يعيشها الشعب متينة، فإن ذلك يعود إلى مبادره العامة التي وصلت إلى مرحلة الكهنوتية. لا يتفهم رجال الدين هذا الأمر". ثم تحدث فرنسيس حول العلاقات بين الكنيسة وجمعية القديس بيوس العاشر، التي أسسها المطران ليفيفر، مشيراً إلى رئيس الليفبرية، المونسنيور برنار فيلي على أنه "رجل بالإمكان إجراء حوار معه". وقال إن الليفبريين هم "كاثوليك يسيرون على طريق الوحدة الكاملة". وأشار إلى أن للمجمع الفاتيكاني الثاني "قيمة عالية. وسوف نتقدم ببطء وبصبر". وأخيراً، دافع عن الكاردينال فيليب بارباران، الذي تم اتهامه بفضيحة الاعتداء الجنسي على الأطفال في ضوء الإساءة التي ارتكبها كهنة قبيل توليه منصبه كرئيس أساقفة ليون. وقال البابا أنه، في رأيه، يجب ألا يستقيل بارباران.</p>