موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
مسيحيو العراق يترقبون بفرح زيارة البابا فرنسيس إلى بلادهم: كنا ننتظرها منذ وقت طويل
مصلون في كنيسة مار أداي الرسول في كرمليس قرب الموصل، 7 كانون الأول 2020

مصلون في كنيسة مار أداي الرسول في كرمليس قرب الموصل، 7 كانون الأول 2020

أ ف ب :

 

في القداس الصباحي الذي يقام يوميًا في بلدة كرمليس، قرب مدينة الموصل، كانت الأجواء أجواء فرح وترقب الثلاثاء غداة الإعلان عن زيارة غير مسبوقة للبابا فرنسيس إلى العراق في آذار المقبل.

 

وقالت أديبة حنا (45 عامًا) عقب القداس في الكنيسة الكلدانية، "كلنا فرحون (...) كنا ننتظر هذه الزيارة منذ وقت طويل". وأضافت "كلما كان يزور بلدا نتساءل لماذا لا يأتي للعراق، ألا يوجد مسيحيون في العراق؟". واعتبرت أن الزيارة "أروع خطوة" يمكن أن يقدم عليها البابا.

 

وأعلن الفاتيكان الاثنين أن الحبر الأعظم البالغ 83 عامًا سيقوم بأول زيارة بابوية على الإطلاق إلى العراق بداية آذار، تشمل محطات في بغداد ومنطقة أور في جنوب البلاد ومحافظة نينوى في شمالها.

 

وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سهل نينوى وأجزاء واسعة من العراق عام 2014، ما أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص وبينهم مئات آلاف المسيحيين هربًا من ممارسات التنظيم المتطرف الوحشية.

 

 

"بناء السلام"

 

بعد هزيمة التنظيم، بدأ المسيحيون في العودة تدريجيًا إلى مناطقهم، ومن بينها بلدة كرمليس التاريخية التي تبعد 28 كلم شرق مدينة الموصل. وعادت نحو 400 عائلة إلى البلدة، أي حوالى نصف عددها السابق، في حين لا يزال الآخرون مترددين بسبب تردي الخدمات العامة والتوتر بين جماعات مسلحة تابعة للدولة تسيطر على مناطق مجاورة.

 

وقال كاهن كنيسة مار أداي الرسول ثابت حبيب يوسف بعد القداس، إنه يأمل أن "تثير الزيارة الكثير من القضايا العالقة التي تقف بوجه عودة النازحين والمهجرين المسيحيين، ومنع التغيير الديموغرافي والحفاظ على هوية مناطقنا، ومباشرة الإعمار الجاد". وتابع "بدأ العد التنازلي لموعد الزيارة" التي ينتظر أن "تساهم في لفت انتباه العالم إلى العراق ودعمه".

 

وكان عدد المسيحيين في العراق أكثر من مليون ونصف مليون، لكن النزاعات المتتالية والاستهداف الذي تعرضوا له في مراحل عدة، أدت إلى تراجع عددهم إلى 400 ألف، وفق التقديرات. ودفع الاقتتال الطائفي عقب الغزو الأميركي عام 2003 العديد من المسيحيين إلى مغادرة البلاد، ثم تفاقمت هجرة الأقليات بصفة عامة مع بدء هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

 

وعبّر مدير مدرسة البلدة زهير منصور (50 عامًا) بدوره عن أمله في أن تساعد زيارة البابا فرنسيس في تعافي العراق. وقال خارج الكنيسة التي تمّ ترميمها عقب استعادة كرمليس من التنظيم المتطرف عام 2016، إنه يتطلع لأن تكون الزيارة "خطوة أولى لبناء سلام في هذا الوطن الجريح".

 

 

"وقت استثنائي"

 

ووجه الرئيس العراقي برهم صالح عام 2019 دعوة رسمية الى البابا فرنسيس لزيارة البلاد، لكن هذا الأخير علّق جميع تنقلاته في حزيران بسبب تفشي وباء كوفيد-19. وستكون هذه أول زيارة خارجية للبابا منذ بدء تفشي الفيروس في إيطاليا.

 

ورأى بطريرك الكلدان الكاثوليك الكاردينال لويس روفائيل ساكو أن العراق يمثل وجهة مثالية. وقال غبطته لوكالة "فرانس برس" في بغداد، إن البلاد تمر بـ"وقت استثنائي، وفي مثل هذا الوقت يجب أن يكون الأب بين أبنائه، وسيكون بين أبنائه".

 

ورغم أن أغلب مناطق العراق أصبحت خالية من النزاعات المسلحة، لكن البلاد تواجه أسوأ أزمة مالية منذ عقود. وأضاف البطريرك ساكو "نحن كعراقيين وشرقيين بحاجة لأن نسمع صوتًا آخر غير صوت البارود. يجب أن نسمع صوت تسامح".

 

وفي برنامج البابا، زيارة إلى مدينة أور القديمة حيث ولد النبي ابراهيم، وفق الكتاب المقدس. واعتبر البطريرك لويس أن "زيارة أور هي لأبو المؤمنين، هذه الزيارة هي حج إلى عائلة ابراهيم التي تجمع ولا تُبعد"، مشددًا على أنها تمثل "أمرًا عراقيًا فريدًا. لا يمكن للبابا أن يقوم بذلك في مكان آخر".

 

أما كاهن كنيسة "انتقال مريم العذراء" في بغداد الأب مارتن بني، فعبّر عن الأمل في أن تحقق الزيارة تغييرًا ملموسًا في واقع المسيحيين العراقيين. وقال "نأمل ألا تكون زيارة إعلامية، وأن يكون لها أثر على قادتنا". واعتبر الأب بني المتحدر من بلدة كرمليس أن الزيارة "هدية ميلادية عظيمة وكبيرة... سنحتفل بمجيء المسيح بيوم 25 كانون الأول، وبمجيء البابا في الشهر الثالث" من العام المقبل.