موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٣ فبراير / شباط ٢٠٢١
ليكن نور!

بقلم أشخين ديمرجيان :

 

ما أحوجنا إلى النور في عالم مُعتم مظلم وظالم!

 

"قال الله: "لِيَكُن نور"، فكان نور. ورأى الله أنّ النور حسن. وفصل الله بين النور والظلام، وسمّى الله النور نهارًا، والظلام سمّاه ليلاً. وكان مساء وكان صباح: يوم أوّل... فصنع الله النيّرَين العظيمين: النيّر الأكبر لحكم النهار، والنيّر الأصغر لحكم الليل، والكواكب، لتُضيء على الأرض، لتحكم على النهار والليل، وتفصل بين النور والظلام". (سفر التكوين 1: 3 وتابع). هذه الآيات من"العهد القديم"  للكتاب المقدّس - على سبيل المثال لا الحصر. وهناك آيات أخرى كثيرة في العهدين القديم والجديد ورد فيها ذكر النور.

 

النور عنصر أساسي في حياتنا يرمز إلى الباري تعالى، على ما جاء في نبوءة أشعيا بوحيٍ منه تعالى: "قومي استنيري فإنّ نورك قد وافى، ومجد الربّ قد أشرق عليك" (نبوة أشعيا 60 : 1). ويرمز إلى كلمته تعالى التي تُنير نفوسنا فنستنير، وتهدينا الدرب القويم. وهذا ما ورد في المزمور: "كلامك مصباح لخطاي، ونور لسبيلي" (مزمور 118: 105).

 

يُشير النور إلى الإيمان مثل أعمى البصر في أريحا الذي أنار الإيمان بصيرته فعرف المسيح وطلب منه أن يُبصر وكان له ما أراد. ويرمز إلى الحكمة نقرأ في الكتاب المقدّس: "الحكمة بهاء النور السرمدي". وإلى الحقّ والنعمة: "لأَنّ الشّريعة أُعطِيَت عن يد موسى، وأَمَّا النعمة والحقّ، فقد أتيا عن يد السيّد المسيح" (يوحنا 1: 17) وإلى المعرفة: "تعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم" (يوحنّا 8: 32). ويرمز أيضًا إلى الحياة، "والحياة نور الناس" (يوحنا 1: 4). ويُشير النور إلى الأعمال الحسنة كما ورد في عظة السيّد المسيح: "هكذا فليُضيء نوركم للناس، ليرَوا أعمالكم الصالحة" (متّى 5: 16). وفي آيات أخرى يُشير إلى السيّد المسيح: "أنا نور العالم: من يتبعني لا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة" (يوحنا 8: 12) "والنور يُشرق في الظلمات، ولم تُدركه الظلمات" (يوحنا 1: 5).

 

هو النور الذي يشعّ ليبدّد الذين يعيشون في ظلمات الجهل والإلحاد أو يبالغون في اللامبلاة والمادية أو يتمرّغون في الغرور والأنانيّة والكبرياء أو يركّزون على الجبروت والكراهية والحقد. هو النور الذي يُبهر المريض فيعزّيه... ويبعث العزاء في مشاعر التائب... ويقوّي الضعيف والبائس... ويملأ بالرجاء قلب الحزين اليائس...

 

وجّه السيّد المسيح كلامه إلى الجموع في عظته على الجبل، وإلينا: "أنتم نور العالم. لا يوقَد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على المنارة، فيُضيء لجميع الذين في البيت. هكذا فليُضيء نوركم للناس، ليرَوا أعمالكم الصالحة" (متّى 5: 14-16). يشدّد السيد المسيح في هذه الآية على الأعمال الصالحة ولأهميتها يصفها بالنور، ولأنّها ظاهرة للعيان محسوسة أو ملموسة يراها الناس خاصة أعمال الرحمة ومساعدة المعوزين. وينبغي أن يكون نور العمل الصالح هويّة كلّ مؤمن. نور ينعكس من السيّد المسيح إلينا، كي تشعّ أفعال البرّ في كلّ مكان حتّى على أولئك الذين يتخبّطون في الظلام. وكي يشعّ النورفينا ينبغي أن يمارس المؤمن أفعال البرّ والاّ يُصبح نورنا ظلامًا: "وإن كانت عينك شريرة فجسدك كلّه يكون مظلمًا، فإنْ كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون"!

 

خاتمة

 

لنُشعل السراج كي ننير بالقدوة الحسنة والعمل المثمر ونحمي المريض أو الضعيف فالعالم بحاجة إلى مصدر يستمدّ منه النور كي يقضي على ظلام الفساد والجشع، وتسود العدالة والرحمة. ولنضرع إليه تعالى أن  يعلّمنا كيف نضيء شمعة واحدة في الظلام!