موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"أنا ممتن جدًّا لما يفعله ملكُ الأردن. إنّه رجلُ سلامٍ ويحاول صنعَ السلام، والملكُ عبدُالله هو رجلٌ صالحٌ وطيب".
هذه الشهادةُ لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين هي من البابا فرنسيس خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده على الطائرة التي أقلّته في رحلة العودة من سنغافورة إلى روما يوم 14أيلول/سبتمبر2024. سبق كلمات قداسته هذه تأكيده أنه يعي أنه يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، لأنه يشعر بضرورة تأدية شهادة لصالح السلام ومحبّيه وصُنّاعه.
الأخوات والإخوة الأكارم الأحبّاء،
احتفلت الأسرة الأردنية الواحدة في 9 حزيران 2024 باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على العرش. هذه مناسبة غالية على قلوب الأردنيين جميعًا، فجلالته أبٌ محبٌ ومقدَّر ومحبوب من شعبه، الذي يعي كل جهوده من أجل الحَفاظ على الأردن مستقرا ومنيعا ومزدهرا.
"الأسرةُ الأردنية الواحدة". هذا بنظري أفضلُ تعريفٍ للواقع الأردني بحسب الرؤية الهاشمية، وبحسب تطبيقها على أرض الواقع.
وكثيرة هي المواقف المعبّرة عن هذه الرؤية، وأهمُّها قربُ الأسرة الهاشمية من الأردنيين في أحزانهم وأفراحهم، وفي مناسباتهم الوطنية والدينية والاجتماعية. وهذه المواقف النبيلة المعبِّرة عن إنسانية الهاشميين تعزّز الحس الإنساني والوحدة الوطنية والسلم المجتمعي، وتقوّي التفاف الاردنيين حول ملكهم. إنسانيتهم وإنسانيتنا هي التي تجمعنا، أردنيين وإخوة وأخوات قدموا من البلاد العربية.
وأحبُّ أن أسوقَ قصتين تسهّلان علينا فَهم الفكرةِ التي أرغب في إيصالها.
القصةُ الأولى هي عن المغفور له الملك الحسين بن طلال، كما روتها شقيقته، سمو الأميرةِ بسمة:
"... في مرة من المرات بالرغم من كثرة المواعيد في مكتبه، تأخر جلالته كثيرًا واعتقد مكتبه بأنّ السببَ كان الإزدحامُ المروري، ومع مرور الوقت بدأ القلق يساور الجميع، وبعد فترة توضحت الصورة. بينما كان الحسين رحمه الله متوجهاً لمكتبه صادف مجموعة من طلاب الجامعة الأردنية ينتظرون حافلتهم، وكان يبدو عليهم القلق بسب تأخرهم عن محاضراتهم، أوقف الحسين سيارته وسألهم عما يحدث. اتضح لديه أنه تم إلغاء الحافلة ولم يكن لدى الطلاب أيُ وسيلة للوصول إلى الجامعة، لذلك تولّى الحسين نقل الطلاب للجامعة بسيارتة والسيارة المرافقة على عدة دفعات" (مكتب الأميرة بسمة بنت طلال، 7 شباط 2021).
والقصة الثانية عن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله.
قامَ جلالتُه بزيارةٍ مفاجئةٍ لمنزل السيدة فوزية معايعة "أم بطرس" في مدينة إربد، يوم 24 كانون الأول 2019، وقدّم التهنئةَ بالأعيادِ المجيدة. وكان نجلُ السيدة معايعة قد كتبَ على إحدى صفحاتِ التواصلِ الاجتماعي أنّ أمنيةَ والدته أن تلتقي جلالةَ الملك.
وعن الرؤية، كم من الأهمية بمكان أن يكون الانسانُ ذا رؤيةٍ ثاقبة‘ تأخذ بالاعتبار الماضي وتنظر الى الحاضر وتستشرف المستقبل. إضافةً، لا بد أن تستند كلُّ رؤيةٍ تستحق هذا الإسم على مجموعة قيم أساسية كالاستقامة والأمانة والعدالة والمساواة والرحمة وغوث الفقير والمحتاج والعناية بالبيئة.
وما يصحّ عن رؤية الإنسان العادي، يصح بدرجات أكثرَ بكثيرعندما يكون الإنسانُ صاحبَ مسؤوليةٍ هامةٍ وثقيلة، كما هو الحالُ بالنسبة لملكٍ يواجه بلدُه الكثيرَ من التحدياتِ والأخطار.
وقد وضع جلالةُ الملك عبدُالله الثاني رؤيةً واضحةً للإصلاح الشامل ومستقبلِ الديمقراطية في الأردن، عبّر عنها من خلال نشره سلسلة من الأوراق النقاشية، هذه عناوينها: مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة، الورقة الثانية: تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين، الورقة الثالثة: أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة، الورقة الرابعة: نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة، الورقة الخامسة: تعميق التحول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية، الورقة السادسة: سيادة القانون أساس الدولة المدنية، الورقة النقاشية السابعة: بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة (https://rhc.jo/ar/media).
كما تسعى رؤيةُ جلالتِه إلى تحقيقِ التنمية بمفهومِها الشمولي والمستدام، إنسانيًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فضلاً عن بيانِ صورة الإسلام الحقيقة، وخاصةً مِن خلال رسالة عمان، وكذلك السعيِ لتحقيقِ السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط.
ننوي في مؤتمرِنا هذا التعمّقَ، بعونِ الله، في "الرؤية الملكية للسلم المجتمعي"، واعينَ بأن "الإنسانية تجمعنا" على طريق الخير والمحبة والأخوّة والتعاون، فهذه مشيئةُ اللهِ خالقنا وراعينا.
أودّ، قبل أن أنهي حديثي، أن أشكر الصديق الدكتور أمين أبو حجلة، رئيس هيئة فرسان السلام، والصديقة الفاضلة صفاء نصيرات، المديرة التنفيذية، على دعوتي للمشاركة في هذا اللقاء الخيّر، وعلى جهودهما في خدمة الأردن والبلاد العرببة من خلال تعزيز القيم الإنسانية والروحية التي تجمعنا على وجه الخصوص في هذا الملتقى الأخوي.
لكم من الله تعالى الرحمةُ والبركات، ومنّي السلام.