موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في الذكرى السنوية لهجمات السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع كاهن رعيّة العائلة المقدسة في غزة الأب جبرائيل رومانيلي، لافتًا إلى أن معظم المنازل في القطاع دُمرت خلال الأشهر الأولى من الهجمات الإسرائيلية، وأوضح أن من بين الضحايا الذين قضوا خلال سنة من الحرب عشرات المؤمنين المسيحيين.
مما لا شك فيه أن سكان غزة لم يتوقعوا أن يشهد القطاع هذا الكم الهائل من الدمار، قبل بداية عملية "طوفان الأقصى". ويقول بهذا الصدد الأب رومانيلي إنه عندما بدأ تناقل الأنباء بشأن القصف والموت والدمار هرعت عائلات بأسرها بحثًا عن ملجأ آمن في كنيسة العائلة المقدسة، مع أن هؤلاء الأشخاص لم يدركوا حقيقة ما يجري، لكن اهتمامهم كان منصبًا على إنقاذ أنفسهم من الموت، مع العلم أن الأب رومانيلي بات اليوم كاهن الرعية الوحيدة في القطاع التي يتجمع فيها من نجا من المسيحيين ومن لم يتمكنوا من مغادرة المنطقة. ويقول إنه قبل السابع من تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي كان عدد المؤمنين المسيحيين يُقدر بألف شخص تقريبًا، وقد تراجع اليوم إلى ما دون الستمائة.
الكاهن الأرجنتيني، الذي يتلقى يوميًّا اتصالاً هاتفيًا من البابا فرنسيس الذي يريد الاطلاع على الأوضاع، يقول إنّ المأساة التي يعيشها القطاع لم يسبق لها مثيل، وقد بات الناس معتادين على الحرب وعلى رؤية الجثث. ولفت إلى أن مدينة غزة سُويت بالأرض بسبب الغارات الإسرائيلية، موضحًا أن شبكات الصرف الصحي دُمرت، هذا ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي منذ بداية الحرب، وبات العثور على المياه الصالحة للشرب مهمة شبه مستحيلة، وأصبحت الطرقات غير صالحة لسير المركبات، هذا كله إزاء استمرار القصف.
مضى الأب رومانيلي إلى القول إنّ الأشخاص الذين يجدون أنفسهم محاصرين في رعيّة العائلة المقدسة يشعرون بالخوف فور سماع أصوات المسيرات الإسرائيلية، وأضاف أن اللسان يعجز عن وصف هذه الأصوات التي تُسمع باستمرار خلال ساعات الليل والنهار. والشخص الذي لم يختبر هذا الأمر لا يستطيع أن يفهمه جيدًا. هذا ثم أكد الكاهن الكاثوليكي في حديثه أن الناس في غزة كانوا يبحثون منذ سنة عن الحياة الكريمة، وهم اليوم يعيشون في أوضاع من البؤس وسط ركام البيوت والمدارس المدمرة، وقد فقدوا عملهم وحياتهم الاجتماعية باتت منعدمة. مع ذلك، تابع قائلا، إن المسيحيين في غزة لم يفقدوا الرجاء، موضحًا أن ثقتهم بالله ما تزال قوية وراسخة، على عكس ثقتهم بالبشر.
في سياق متصل أجرى موقع "فاتيكان نيوز" أيضًا مقابلة مع مواطن عربي مسيحي من بيت لحم يُدعى روني طبش، كان يدير متجرًا لبيع الأغراض الدينية بالقرب من بازيليك المهد، ويحاول اليوم أن يكسب رزقه من خلال بيع الأيقونات والمغارات الميلادية المصنوعة من خشب الزيتون عند ساحة المهد.
وقد تحدث طبش بصوت خافت قائلاً إن ما حصل في السابع من تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي جمّد حياته وحياة أسرته، إذ لم يعد يتردد أحد إلى متجره، مشيرًا إلى أن غياب الحجاج عن المنطقة أدى إلى إفقار الناس وباتوا اليوم مهددين بالموت جوعًا. وأوضح أن خمسة وثمانين بالمائة من سكان بيت لحم يكسبون رزقهم بفضل زيارات الحج.
وقال بطش إن المتجر الذي كان يديره كان يوفر فرص العمل لخمس وعشرين عائلة، وهذه العائلات باتت اليوم تعاني من الفقر المدقع. ولهذا السبب –تابع قائلاً– قرّر العديد من المسيحيين أن يغادروا المنطقة وأن يلتحقوا بأقربائهم الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة أو أمريكا اللاتينية. وأضاف أن هناك من قرروا البقاء ليشهدوا لإيمانهم المسيحي، لكنه تساءل: إلى متى يستطيع هؤلاء المسيحيون الصمود!؟