موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
عظة الأب عماد الطوال في القداس الاحتفالي الأول للأب وجدي الطوال

أبونا :

 

ترأس الأب وجدي الطوال قداسه الاحتفالي الأول في كنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان بمدينة مادبا الأردنيّة.

 

 وشارك في القداس الإلهي البطريرك فؤاد الطوال، والمطران سليم الصائغ، وكاهن الرعية الأب فراس نصراوين، واشبين الكاهن الجديد وعمّه الأب عماد الطوال، ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات، وعدد من المؤمنين من الأهل والأصدقاء.

 

 

وفيما يلي نص العظة التي ألقاها الأب عماد الطوال:

 

"نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم" بهذه الكلمات التي خاطب بها بولس الرسول المؤمنين من الجماعة المسيحية الأولى، أحييكم جميعًا، وأقف أمامكم وقفة فخر واعتزاز وفرح، على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بنا والعدد المحدود للحضور جراء وباء جائحة كورونا وإغلاق الحدود. فنحن نعيش أزمة من الأزمات، التي تواصل جرح البشرية، مثل الحروب الكثيرة في عالم اليوم، الاتجار بالسلاح، ومئات الآلاف من اللاجئين هربا من الفقر والجوع والأضرار الكبيرة الناتجة عن التغيرات المناخية. ولكن كلّ أزمة تقدّم لنا درساً، فنخرج منها أفضل مما كنّا.

 

نجتمع اليوم أمام فرحة كنسية جديدة للبطريركية اللاتينية وللأرض المقدسة، هذه البهجة تُعيد إلى قلوبنا وعقولنا سمو هذا السّر المقدس "سر الكهنوت" الذي منحنا إياه الربّ. فالرب هو الذي يدعو، بمبادرة مجّانية منه، الذين اختارهم، ليصبحوا كهنة. فيضع في قلب المكرّس الرّغبة في خدمة الآخرين بالتعليم، ومنح المعمودية والغفران، والاحتفال بالإفخارستيا، ومراعاة المرضى… طيلة الحياة. فيتفاعل مع هذه الدعوة، ويهتمّ بها ويصلّي، كي تنمو وتعطي ثمارا لكلّ الكنيسة . وبالأمس أنت أيضاً يا أبونا وجدي نلت هذا السّر على يد غبطته وبنعمة الروح القدس.

 

أبونا الحبيب وجدي، في هذه اللحظة المقدسة من حياتك، أنتَ مدعو:

- مثل ابراهيم، الى التّخلي والانطلاق، حيث الوعد والبركة، من اجل تحقيق مشروع الله في حياتك.

- مثل موسى، الى الخروج والقيادة.

- مثل الأنبياء، الى إعلان التّوبة والارتداد.

- ومثل التّلاميذ، الى اتّباع المسيح، والإقامة معه والتّشبه به، واختبار الموت والقيامة معه.

 

ولتحقيق ذلك، أدعوك أن تتذكّر باستمرار، ألا تصاب بخيبة أمل أبداً بسبب السّقوط في إغراءات عديدة، او بسبب صعوبات الخدمة ونكران الجميل. لا تخف أبداً، "لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم" (1 يو 4، 4)، هو يبقى أمينا في اختياره لك، فانهض من جديد واستمرّ بالمضي قدماً، متّكلا على نعمته.

 

يُقال أنه عندما تقبل مسؤولية عامة فإنك تفقد خصوصيتك، فتذكر يا أبونا أن خدمة الكهنوت ليست وظيفة، إنها مسيرة أخذ وعطاء يتبادل بها الكاهن الحب والرحمة والفرح والإيمان مع أبناء الرعية، إنها رسالة لخدمة الإنسانية على الدوام.

 

فيا أبونا "الكاهن هو خادم المسيح" فهو في المسيح، للمسيح، ومع المسيح في خدمة البشر ومكلف برعاية النفوس، تذكر أنك الآن مُلك الكنيسة والأبرشية، "أنت أبونا وجدي" ومن هذه الكنيسة تربيت على الإيمان من أسرة متكاتفة ومؤمنة، نلت بالكنيسة أسرار التنشئة الأولى ودرست بها قبل أن يكون لكَ بيت آخر المعهد الإكليريكي الذي صقل شخصيتك، فلهم جميعاً أقول شكرًا.

 

ومع شفيعتك  الطوباوية كيارا لوتشي، التي تعني النور المضيء قد كتبت في مذكراتها تقول: "أحببت أن يكون يسوع رفيق حياتي الوحيد، وأن أُشعره بأنه المُفضَّل عن كل ما في الحياة، أريد أن أعوضه عن كل إهمال وفتور في الحب من البشر، وأن أكون مستعدة للقائه وقتما يناديني".

 

اليوم، أنت في مادبا، بيت المعمدان شفيع الأردن وشفيع الكنيسة، فكن على مثاله، رجل الحق، رجل المواقف، رجل الجرأة، رجل الرسالة، الشّاهد لمحبّة المسيح. كن معمدان اليوم، مُمهدًا ومُعطيًا للمسيح بشهادة حياتك وبرسالتك الرعوية، صوتًا صارخًا ضد الخطيئة، حاملاً خطايا الآخرين، داعيًا إليهم بالتوبة، ومُستعدًا لتقديم حياتك في سبيل الحق. أظهر الشجاعة وكن قوياً ومثالاً للرعية التي حمّلك الرّب مسؤوليتها، لا ترهق روحك في التفكير بأن العبء الذي تحملته يفوق قوتك لأن الرب هو القادر على مساعدتك على حمله "ألق على الرب همك فهو يعولك".

 

وأخيراً نقول، أنا، أنت وجميع الكهنة، مع القديس ميشيل كريكوئيس - مؤسس البيترام: "هاءَنذا، دون تحفظ، دون تأخر، ودون تراجع، حباً بإرادة الله". ونرفع صلاتنا من اجلك، حتى تؤازر الله دائماً، تبقى في جهوزية للانطلاق نحو الله، نحو الإنسان ونحو الخليقة.