موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر السبت، ٢٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٢
سيل من المنشورات المضلّلة يُحوّل مونديال قطر إلى موسم إنجازات دينيّة وقوميّة

أ ف ب :

 

بالتزامن مع مباريات كأس العالم لكرة القدم الجارية في قطر، اكتظّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية بعشرات آلاف المنشورات التي حقّقت عشرات ملايين التفاعلات. لكن كثيرًا من هذه المنشورات نأى عن الجانب الكرويّ لهذا الحدث الرياضيّ الأهمّ في العالم، ليتحدّث عن "إنجازات" دينيّة وقوميّة لا أصل لها سوى في خيال مروّجيها.

 

ففي الأيام الثلاثة الأولى من المونديال الذي يُقام للمرّة الأولى في دولة عربيّة، جذبت المنشورات التي تحمل اسم "قطر" على موقع "فيسبوك" باللغة العربيّة أكثر من 37 مليون تفاعل. لكن الملايين من هذه التفاعلات تناولت منشورات غير صحيحة ذات طابع ديني إسلاميّ، أو ذات صلة بالصراع العربي الإسرائيلي، في ما يراه الأستاذ الجامعي التونسيّ المتخصّص في علم الاجتماع محمد الجويلي تعبيرًا عن "تمنّيات وطموحات، وأيضًا عن إحباطات سياسيّة واجتماعيّة".

 

 

"فتحٌ عربيّ إسلاميّ"

 

على مواقع "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام"، وكذلك على تطبيق "واتساب"، انتشر في الأيام الماضية منشور يتحدّث عن "فتح عربيّ إسلاميّ" حقّقته قطر باستضافتها كأس العالم. ويُصوّر الذي حصد عشرات آلاف المشاركات، الأجواء في قطر حاليًا على أنّها موسم للتعريف بالإسلام والتصدّي للغرب ثقافيًا وفكريًا وسياسيًا.

 

وحقّق فيديو يُظهر شابة تنطق بالشهادتين عشرات آلاف المشاهدات، وقيل إنه يصوّر اعتناق مشجّعة غربيّة الإسلام في قطر، على هامش المونديال. صحيح أن الفتاة الظاهرة في الفيديو أعلنت اعتناقها الإسلام، الأميركية قبل أسابيع، وليس في قطر في الأيام الماضية.

 

وحصد فيديو لأربعة شبان ينطقون بالشهادتين عشرات آلاف المشاهدات، وزعم ناشروه أنه مصوّر أيضًا في قطر في الأيام الماضية. لكنّ الفيديو مصوّر في العام 2016، ولا شأن له بكأس العالم في قطر. أما الفيديو الذي قيل إنّه يُظهر إسلام أكثر من 500 شخص، "في أولى ثمرات كأس العالم"، فقد سبق أن نشرته وسائل إعلام عربيّة قبل سنوات.

 

وبحسب محمد الجويلي الذي سبق أن تولّى إدارة المرصد الوطني للشباب في تونس، فإن تصديق هذه المنشورات وتداولها مع غيرها من المنشورات التي تتحدّث عن اعتناق مشاهير أو مواطنين غربيّين للإسلام، يشير إلى "رغبة في إثبات الحضور في المشهد العالميّ والقدرة على التأثير، ومقارعة الحضارة الغربيّة". ويقول لوكالة فرانس برس "من يختلقون هذه الأخبار يعرفون غالبًا أنها غير صحيحة، لكنهم يعرفون أيضًا أن هناك الكثيرين ممن يرغبون في تصديقها، لا سيما ممن لم يتحصّلوا على ثقافة إعلامية".

 

 

افتتاح المونديال بتلاوة من القرآن؟

 

ومن المنشورات التي حقّقت تفاعلاً كبيرًا على صفحات مواقع التواصل العربيّة، فيديو قيل إنه يُظهر افتتاح المونديال بتلاوة من القرآن. لكن في الحقيقة لا يمكن الحديث عن "تلاوة قرآنيّة" في حفل الافتتاح بقدر ما هو اقتباس للآية الثالثة عشرة من سورة الحُجُرات "يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، في سياق الحديث عن الأخوّة الإنسانية في عرض خطابيّ جمع الممثّل الأميركي مورغان فريمان والقطري غانم المفتاح، المؤثّر على مواقع التواصل وسفير كأس العالم.

 

أما الفيديو المتداول الذي قيل إنّه يوثّق تلاوة القرآن في افتتاح المونديال، فهو منشور العام الماضي في حفل تدشين استاد الثمامة في الدوحة.

 

وفي السياق نفسه، انتشر بلغات عدّة حول العالم فيديو قيل إنه يُظهر صلاة جماعة في ملعب في قطر أثناء المونديال، لكن هذا الادّعاء غير صحيح، والفيديو يُظهر صلاة جماعة في ملعب في جمهورية تتارستان الروسيّة في شهر رمضان من العام 2019.

 

ومع الإعلان عن وصول الداعية الهنديّ المثير للجدل ذاكر نايك إلى الدوحة، حصدت المنشورات التي حملت اسمه على موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام" باللغة العربية ما يقارب الثلاثة ملايين تفاعل في يوم واحد، بحسب ما أظهرت بيانات موقع "كراود تانغل" المتخصّص في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، فيما وصل الداعية إلى قطر في موسم يشهد استعراضات غنائيّة وراقصة في مناطق المشّجعين حيثُ يُسمح بشرب الكحول.

 

وظهرت منشورات مرفقة بفيديو تتحدّث عن اجتماع ذاكر نايك مع دعاة ذائعي الصيت على مستوى العالم العربي في قطر لإطلاق أنشطة للدعوة للإسلام، لكن هذا الفيديو في الحقيقة مؤلّف من ثلاثة مقاطع ، ولا شأن لها بمونديال قطر.

 

وعلّق رجل الدين اللبناني طارق الصافتلي على على "فيسبوك" على هذه المنشورات، محذرًا من تداولها قائلا "أتفهّم حماسة البعض وأتفهّم غيرة آخرين، وأتفهّم الحاجة بأننا متعطّشون لانتصار في مضمار معيّن، لكن ديننا دين العقل والدقّة".