موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الأربعاء، ١٦ يوليو / تموز ٢٠٢٥
السلام والحوار في المتوسّط: شباب الـBel Espoir في إسطنبول

فاتيكان نيوز :

 

"أنتم آتون من ضفاف البحر المتوسّط، هذا البحر الذي يشعّ بالنور كما يغرق بالدموع. لقد أبحرتم حيث غرق كثيرٌ من الرجال والنساء بحثًا عن مستقبلٍ أفضل. وسِرتم على أرصفة موانئ كثيرة، حيث سمعتم أنينًا موجعًا، لكنكم أصغيتم أيضًا لأناشيد التضامن. في هذا البحر الداخلي، بحر إنسانيتنا، يُكتب اليوم فصلٌ جديدٌ من فصول الحوار بين الشعوب، بين الأديان، وبين الأجيال".

 

إنّها من أبرز الفقرات في الخطاب الذي ألقاه البطريرك المسكوني للقسطنطينية، برتلماوس، يوم الأحد ٦ تموز، خلال استقباله في الفانار، عددًا من المشاركين في مبادرة "Med25 - Bel Espoir" بقيادة الكاردينال رئيس أساقفة مرسيليا، جان-مارك أفيلين.

 

وفي كلمته إلى المؤمنين بعد القدّاس الإلهي الذي أُقيم في كاتدرائية القديس جاورجيوس، توجّه البطريرك بشكل خاص إلى الحجاج الفرنسيين، مشددًا على أهمية الحوار كوسيلة لحلّ الخلافات وبناء السلام العالمي. وإلى الشباب الذين يجوبون مياه المتوسّط، توجّه بنداء قائلاً: "لا تخافوا من الحوار. لا تخشوا الآخر، حتى إن صلّى بطريقة مختلفة أو فهم الله بطريقة مغايرة، لأن في كل إنسانٍ شرارةً إلهيّة، وحضورًا سريًا لذاك الذي خلقنا على صورته ومثاله. يبدأ الحوار بنظرة، بتصرُّف، بكلمة طيّبة، حيث يصبح المسيح، كلمة الله، هو الرابط الذي يوحّد كل شيء. يبدأ الحوار عندما نقبل أن نختبر الآخر كما هو". وأضاف: "في عالمٍ متوتر، مطبوعٍ بالحروب -في أوكرانيا، في الأرض المقدسة، في الشرق الأوسط، في أفريقيا- تغدو شهادتكم كشباب مسيحيين أكثر قيمة من أي وقت مضى".

 

 

منذ آذار وحتى تشرين الأول، ينطلق نحو مئتي شابّ، تتراوح أعمارهم بين ٢٠ و٣٥ عامًا، من مختلف الجنسيات والثقافات والديانات، في رحلة على متن السفينة الشراعية "Bel Espoir"، انطلاقًا من برشلونة وصولاً إلى مرسيليا، مرورًا بثلاثين ميناءً. يُشاركون في جلسات تنشئة حول ثقافة السلام، ويُنظمون مؤتمرات ومهرجانات في كلّ ميناء، ويعيشون خبرةً فريدةً من اللقاء والأخوّة، تُسهم في بناء مستقبل المتوسّط.

 

وتأتي هذه المبادرة استجابةً لنداء البابا فرنسيس لبناء السلام في منطقة المتوسط، وتُكمّل روح لقاءات المتوسّط التي انعقدت في باري (٢٠٢٠)، فلورنسا (٢٠٢٢)، مرسيليا (٢٠٢٣) وتيرانا (٢٠٢٤). وتشرف على هذه المبادرة أبرشية مرسيليا بقيادة الكاردينال أفيلين، الذي أوكله البابا بمهمة تعزيز السلام في حوض المتوسط، بالتعاون مع جمعيتي "Mar Yam" و"Bel Espoir".

 

خلال محطة إسطنبول، زار المشاركون كنيسة المخلِّص في شورا، والدير الدومينيكاني حيث استقبلهم الأب كلاوديو مونج، أستاذ حوار الأديان المقيم في تركيا منذ ٢٢ عامًا. كما نُظّمت طاولة حوار حول "الإيكولوجيا المتكاملة في خدمة السلام"، وأقيم احتفالٌ ديني في كاتدرائية الأرمن الكاثوليك، بحضور الكاردينال أفيلين. كما شملت الزيارات مسجد "سليمان القانوني" ومعالم رمزية أخرى في المدينة. على أن تُستأنف الرحلة، نحو اليونان.

 

وفي كلمته، شدد البطريرك برتلماوس على أنَّ "الحوار ليس خيارًا اختياريًا، بل واجبٌ إنجيلي، وليس ترفًا مخصّصًا للّاهوتيين، بل مسؤوليةٌ مسيحيةٌ مغروسةٌ في صميم دعوتنا كمُعَمَّدين. كيف نستطيع أن نزعم محبّتنا لله، الذي لا نراه، إن لم نُحبّ إخوتنا وأخواتنا الذين نراهم؟". كما أشار إلى الحوار المثمر بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، بدءًا من اللقاء التاريخي بين البطريرك أثيناغوراس والبابا بولس السادس في القدس عام ١٩٦٤، مرورًا بلقاءاته مع البابا يوحنا بولس الثاني، والبابا بندكتس السادس عشر، والبابا فرنسيس، والبابا لاون الرابع عشر، وقال "إن مستقبل المسيحية في هذا العالم المتشظي، يعتمد على قدرتنا على السير معًا، والشهادة معًا، والخدمة معًا".

 

وختم بكلماتٍ مؤثّرة حول زيارة البابا فرنسيس إلى جزيرة ليسبوس في ١٦ نيسان ٢٠١٦، حيث استقبله البطريرك الأرثوذكسي مع رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان، إيرونيموس، وقال: "في ذلك اليوم، أعلنّا معًا أننا كقادة لكنائسنا متحدون بالرغبة في إحلال السلام، والحرص على حلّ النزاعات عبر الحوار والمصالحة".