موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٥ مارس / آذار ٢٠٢٣
رعيّة اللاتين في الجبيهة تعقد المحاضرة الكتابية الرابعة حول إنجيل القديس يوحنا

الأخت سيسيل حجازين :

 

ترأس الأب سلام حداد، الكاهن المساعد في كنيسة القديس بولس للاتين في الجبيهة، رتبة درب الصليب في الجمعة الرابعة من الزمن الأربعيني، بحضور كاهن الرعيّة الأب سامر مدانات، والكاهن المساعد الأب علاء بعير، والتي أحيا مراحلها شبيبة القديس بولس تحت عنوان "دربك درب القيامة".

 

ولقد أخذت تأملات المراحل من كتاب "دربك درب القيامة" الذي تم توزيعه على جماعة المؤمنين في عيد سيدة لورد 11/2/2023 لبنان من قبل الأب رمزي جريج في نفس كنيسة سيدة لورد، وبمناسبة انطلاق سينودس الجمعية العمومية القارية في سيدة حريصا بيت عنيا.

 

وبعد الصلاة، توجه الجميع إلى القاعة للاستماع إلى المحاضرة الكتابية التي ألقاها الاستاذ رائد خوري، المحاضر في المركز اليسوعي، حول إنجيل القديس يوحنا. في البداية، نوّه المحاضر بالتنبية إلى ضرورة أن يُقرأ الكتاب المقدّس قراءة روحيّة، وعدم الاكتفاء بالدراسة المعرفية.

 

وابتدأ المحاضر اللقاء بالتعّريف بالقديس يوحنا وإنجيله منطلقًا من الأسئلة التكّوينية: من كتب إنجيل يوحنا، ومتى كتب، وأين كُتب، ولمن كُتب، ولماذا كُتب؟ فكاتب الإنجيل الرابع هو يوحنا الحبيب تلميذ المسيح، وذلك بحسب رأي معظم آباء الكنيسة. وقد كتب يوحنا انجيله حوالي 90م، على الأغلب في مدينة أفسس. وقد كتب يوحنا أنجيله ليثبت إيمان الكنيسة، في ظل التحديات التي واجهتها في تلك الفترة.

 

ويتمحور إنجيل يوحنا حول هوية المسيح الذي هو: الخبز النازل من السماء، والماء الحي، ونور العالم.، والقيامة والحياة. وقد بيّن المحاضرة العلاقة ما بين هذه الأفكار اللاهوتيّة والردّ على ثلاثة جماعات كانت تعارض الكنيسة في ذلك الوقت. وهذه الجماعات هي: أولاً جماعة المتهودين الذين أرادوا أن يجعلوا من المسيحية طائفة يهودية، متمسكين بشريعة موسى كطعام وخبز يقدمه الله الى البنين من شعب اسرائيل. وقد تصدى انجيل يوحنا لهذه الجماعة، مبينًا أن جسد المسيح وحده هو خبز البنين النازل من السماء، وبأن ماء الشريعة الراكد لا يعطي حياة، وحدهما جسد المسيح ودمه، هما مأكلاً حقًا ومشربًا حقًا، ولا ثبات ولا حياة إلا بهما، كما يشهد بذلك الفصل السادس من إنجيل يوحنا. فماء جرار الشريعة الـ6 في عرس قانا الجليل، ومياة بركة بيت ذات عجزتا عن إعطاء الحياة، وحده خمر المسيح وقدرة شفاءه لهما قادران على إعادة الفرح والشفاء لكل انسان محتاج.

 

أما الجماعة الثانية التي عارضت الكنيسة في ذلك الوقت، فكانت جماعة أتباع يوحنا المعمدان، التي كانت تقول أنّ يوحنا أعظم من المسيح لأنه أتى قبل المسيح. وقد ردّ يوحنا الحبيب في إنجيله على تلك الجماعة بالاقتباس من قول يوحنا المعمدان نفسه حين قال بأنه غير مستحق أن يحمل حذاء المسيح وألا يفكّ سير حذاءه. فيوحنا المعمدان ليس هو العريس، بل هو صديق العريس، وهو يفرح لفرح العريس. وما يوحنا المعمدان سوى صوت صارخ، أتى لكي يُعد الطريق للعريس الحقيقي، الذي هو الكلمة الموجود من قبل انشاء العالم.

 

أما الجماعة الثالثة التي تصدى لها يوحنا الحبيب في إنجيله، فهي جماعة الغنوصيين، وهي جماعة تتخذ العقل سراجًا لها، وتنكر كل ما له علاقة بتجسّد المسيح. فالخلاص عند هذه الجماعة لا يمكن أن يكون وليد التجسّد والفداء، وإنما الخلاص يكون بنور بالمعرفة. وقد بيّن القديس يوحنا أنّ الخلاص الحقيقي يأتي من اختبار السيد المسيح ومعرفته معرفة شخصية بالقلب جنبًا إلى العقل. فالخلاص يكمن في أن يعرفوا يسوع الذي هو الطريق والحق والحياة، والخلاص يؤتى ثمره بالاتحاد بالمسيح من خلال تناول جسده ودمه، اللذان هما مأكلاً حقاً ومشربًا حقًا. والفداء والخلاص قد تمّ حقًا بموت السيد المسيح على الصليب، فكان جسده المصلوب جسدًا حقيقيًا وليس خيالاً كما ادعى الغنوصيون. والدليل على حقيقة جسد المسيح، أنه عندما طعن بحربة نزل ماءً ودمًا. ولم يكتفي المسيح بذلك الدليل، بل طلب من توما أن يضع اصبعه في مكان الجرح ليتحقّق من حقيقة جسد المسيح. من هذا المنطلق، لم يكن مستغربًا أن يبدأ يوحنا إنجيله بالتذكير بالكلمة الذي تجسد وأصبح بشرًا، فالكلمة صار بشرًا. والكلمة اليونانية التي تشير انه بشر هي "ساركس"، أي جسدًا حقيقيًا من لحم ودم، وليس خيالاً شبّه لهم، كما يقول الغنوصيون.

 

وفي نهاية اللقاء تطرّق المحاضر للحديث عن مخطط إنجيل يوحنا الذي خصّص أول 12 فصل للحديث عن كتاب الآيات السبعة (المعجزات)، وكتاب الأعياد، بينما خصّص ما تبقّى من الإنجيل للحديث عن الآلام وساعة المجد. وفي الختام شكر المحاضر المشاركين والرعيّة، لمنحهم له منبر الكنيسة لإيصال كلمة الرب. وهذه السلسلة من اللقاءات نظمّتها الكنيسة مشكورة، انطلاقًا من سعي الكنيسة في مرافقة المؤمنين مرافقة كتابية سينودية، تزامنًا مع مسيرة الكنيسة في العالم أجمع.