موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر السبت، ١١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
دراسة: حصيلة القتلى في غزة أعلى بـ40% من أرقام وزارة الصحة بالقطاع

أ ف ب :

 

حصيلة القتلى في غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس هي أعلى بنحو 40 بالمئة مقارنة بأرقام وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني، هذا أكدته دراسة بحثية نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية، الجمعة 10 كانون الثاني 2025.

 

وحصيلة القتلى في غزة مدار جدل حاد منذ أن أطلقت إسرائيل حربها على قطاع غزة، ردًا على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023. وحتى 30 حزيران من العام الماضي، أفادت وزارة الصحة في القطاع بأن حصيلة الحرب بلغت 37877 قتيلا.

 

إلا أن الدراسة الجديدة التي استندت إلى بيانات للوزارة، واستطلاع عبر الإنترنت وبيانات نعي على مواقع التواصل الاجتماعي خلصت إلى تقديرات تفيد بأن حصيلة الوفيات جراء إصابات الحرب في غزة تراوحت بين 55298 و78525 قتيلا في الفترة تلك.

 

وأفضل تقدير لحصيلة القتلى في الدراسة هو 64260، ما يعني أنها تزيد بنسبة 41% عن الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة عن تلك الفترة. وأشارت الدراسة إلى أن هذا الرقم يمثل 2,9 بالمئة من سكان غزة قبل الحرب "أو نحو واحد من كل 35" غزي.

 

وبحسب تقديرات مجموعة الباحثين بقيادة المملكة المتحدة فإن 59 بالمئة من القتلى هم من النساء والأطفال والمسنين. والعدد يقتصر على الإصابات جراء الحرب، أي لا يشمل الوفيات الناجمة عن عوامل أخرى مثل نقص الرعاية الصحية أو الغذاء ولا الآلاف من المفقودين الذين يُعتقد أنهم مدفونون تحت الركام.

 

والخميس، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 46006 شخصا قتلوا في الحرب المستمرة منذ 15 شهرا. وتشكك إسرائيل في مصداقية حصائل القتلى التي تعلنها وزارة الصحة في قطاع غزة، إلا أن الأمم المتحدة تعتبر هذه الأرقام موثوقًا بها.

 

 

"تقديرات مقنعة"

 

واستخدم الباحثون نهجا إحصائيا يسمى "capture-recapture" سبق أن استخدم لتقدير عدد القتلى في نزاعات أخرى حول العالم. واستند التحليل إلى بيانات من ثلاث قوائم مختلفة، الأولى وفرتها وزارة الصحة في غزة للجثث التي تم التعرف عليها في المستشفيات أو المشارح.

 

وأُخذت القائمة الثانية من استطلاع عبر الإنترنت أطلقته وزارة الصحة ويبلغ فيه فلسطينيون عن وفاة أقاربهم. أما القائمة الثالثة فاستندت إلى بيانات نعي نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي على غرار إكس وإنستغرام وفيس بوك وواتساب، متى أمكن التحقق من هوية المتوفين.

 

وقالت المعدة الرئيسية للدراسة زينة جمال الدين، عالمة الأوبئة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية "أبقينا فقط في التحليل على أولئك الذين أكد وفاتهم أقرباؤهم أو مشارح أو مستشفيات". ودقّق الباحثون في القوائم الثلاث بحثا عن أي بيانات متكررة. وأضافت جمال الدين "بعدها، نظرنا إلى التداخل بين القوائم الثلاثة، وبناء على التداخل، يمكنك الحصول على تقدير إجمالي للسكان الذين قتلوا".

 

باتريك بول، عالم الإحصاء في "مجموعة تحليل بيانات حقوق الإنسان" ومقرها الولايات المتحدة والذي لم يشارك في الدراسة البحثية، استخدم أساليب "capture-recapture" لتقدير عدد قتلى النزاعات في غواتيمالا وكوسوفو والبيرو وكولومبيا. وقال بول إن التقنية التي تم اختبارها على نحو جيد استخدمت لقرون وإن الباحثين توصلوا إلى "تقدير جيد" في ما يتصل بغزة.

 

بدوره، قال كيفن ماكونواي، أستاذ الإحصاء التطبيقي في جامعة بريطانيا المفتوحة، إن هناك "حتما عدم يقين كبيرًا" عند إجراء تقديرات استنادًا إلى بيانات غير مكتملة. لكنه قال إنه "من المثير للإعجاب" أن الباحثين استخدموا ثلاث مقاربات أخرى للتحليل الإحصائي للتحقق من تقديراتهم. وأضاف "إجمالا، أجد هذه التقديرات مقنعة على نحو معقول".

 

 

ماذا عن المفقودين؟

 

وحذر الباحثون من أن قوائم المستشفيات لا تفيد على الدوام بسبب الوفاة، لذلك من الممكن أن تتضمن أشخاصًا يعانون من مشاكل صحية، على غرار النوبة القلبية، ما يمكن أن يؤدي لتقديرات أعلى من الواقع. مع ذلك، هناك ما من شأنه أن يعزز فرضية أن الحصيلة المعلنة للحرب أقل من الواقع. فالدراسة البحثية لم تشمل مفقودين.

 

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (أوتشا) إنه يُعتقد أن نحو عشرة آلاف مفقود من الغزيين مدفونون تحت الركام. ويمكن للحرب أيضًا أن تتسبب بطرق غير مباشرة بخسائر في الأرواح، بما في ذلك نقص الرعاية الصحية أو الغذاء أو المياه أو الصرف الصحي أو تفشي الأمراض. وكل هذه العوامل يعاني منها قطاع غزة منذ تشرين الأول 2023.

 

وفي رسالة مثيرة للجدل، نشرت في مجلة "لانسيت" في تموز، استندت مجموعة أخرى من الباحثين لمعدل الوفيات غير المباشرة المسجّل في نزاعات أخرى للإشارة إلى أن حصيلة القتلى في غزة يمكن أن تقدر بـ186 الفًا في نهاية المطاف.

 

واعتبرت الدراسة الجديدة أن هذه التقديرات "قد تكون غير مناسبة بسبب اختلافات جليّة في عبء الأمراض قبل الحرب" في غزة مقارنة بنزاعات في بلدان على غرار بوروندي وتيمور الشرقية. وقالت جمال الدين إنها تتوقع أن "يأتي الانتقاد من مختلف الأطراف" حول هذه الدارسة البحثية الجديدة. ونددت بما اعتبرته "هوس" المجادلة حول أعداد الوفيات، وقالت "نحن نعلم بالفعل أنّ هناك وفيات كثيرة جدًا".