موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٤ أغسطس / آب ٢٠٢٢
انتقال السيّدة العذراء إلى أعالي السماء

أشخين ديمرجيان :

 

لقد تتابع خبر انتقال مريم العذراء إلى السماء سنة 63م بين جميع المؤمنين في الجيل الأوّل. ثمّ توالى التواتر من جيل إلى جيل، وظهر حتى في ليتورجيا الكنيسة، وفي احتفال خاص يوم 15 آب من كلّ عام، يسبقه صوم لمدّة أربعة عشر يومًا. وفي 1 تشرين أوّل سنة 1950 ثبت العيد في نصّ رسمي، حين أعلن قداسة البابا بيوس الثاني عشر انتقال العذراء مريم إلى الأخدار السماويّة عقيدة إيمانيّة: "إنّها لحقيقة إيمانية أوحى الله بها، أنّ العذراء مريم دائمة البتولية والمنزهة عن كلّ عيب، بعد أن أنهت مسيرة حياتها على الأرض رُفِعَت بالنفس والجسد إلى المجد السماوي".

 

تؤمن الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ رفع السيّدة مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، في العهد الجديد، عبارة عن إعلان إلهي. ومن الواضح، أنّه إذا رُفع جسدا النبي أخنوخ والنبي إيليا إلى السماء، كم بالحريّ أن يُرفع جسد سيّدتنا مريم العذراء؟ خاصة وأنّها تسمو على هؤلاء ببراءتها من الدنس، أي من الخطيئة، فمن اللائق جدًا ألا تبقى في القبر. تؤمن الكنائس الكاثوليكية وشقيقتها الأرثوذكسية بأنّ مريم العذراء أسمى المخلوقات وأنّ منزلتها أعلى من منزلة الملائكة. ويقول القدّيس غريغوريوس: "إنّ مريم العذراء تخطّت بدرجة لا توصف الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات السماوية بسبب قربها من إله الكلّ. وبسبب المعجزات الباهرة التي بها تحقّقت".

 

بما أنّ مريم هي كلّيّة القداسة وممتلئة نعمة ومنزّهة عن الخطيئة، فهي بالتالي منزّهة عن عاقبة الموت وفساده وانحلاله (أيضًا "بابا باثرا" رقم 17 أ) لأنّ "أجرة الخطيئة هي الموت، وأمّا هبةُ الله فهي الحياة الأبديّة" (رو 23:6). "إنّ شوكة الموت هي الخطيئة" (1 قور 56:15).

 

كان السيّد المسيح مُلتزمًا بالوصيّة التي تنصّ على إكرام الأب والأمّ، وهكذا كرّم والدته البتول بعدم السماح لجسدها بأن يبقى في القبر ويتحلّل مثل سائر البشر، خاصة وأنّها البتول الطاهرة التي حملت كلمة الله واعتنت به ووقفت بجواره في آلامه وعند موته. وخلاص مريم العذراء عن طريق السيّد المسيح يُمهّد لرجاء جميع المؤمنين في الحياة الأبدية. أمّا تكريم العذراء مريم في هذا الشأن فيتناسب مع حب المسيح لها، والذي أتمّ بوفاء وصيّة الله بإكرام الوالدين.

 

يرد ذكر انتقال السيّدة مريم إلى الأمجاد السماويّة في الآية الأولى من الفصل الثاني عشر من سفر الرؤيا ليوحنا الحبيب: "آية بيّنة ظهرت في السماء: سيّدة مُلتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر". هذه السيّدة هي مريم العذراء، ولا يراها يوحنا الحبيب تحت الأرض في القبر، بل في السماء. وكما أنّ صاحب المزامير في المزمور 16 (15) كتب: "يا رب لن تدَعْ وليّك يرى فسادًا". يُمكننا من هذا المنطلق أن نفترض بالعقل السليم أنّ السيّد المسيح لم يسمح لجسد والدته بأن يرى فساد القبور وانحلال الجثث.

 

 

خاتمة

 

ولنا في الحدث عبرة في إكرام الوالدين وإكبار العذريّة، وتوخّي الطهر في حياتنا. وترجو سيّدتنا مريم العذراء بأن نثبت في الإيمان والرجاء والمحبّة. وفي هذه المناسبة السعيدة نعيّد كلّ مَن تحمل اسم مريم أو ماري وجميع مشتقّات هذا الاسم المبارك... ونضرع إلى أمّ النور أن تتشفّع في البشر أجمعين لأنّ أمومتها تشمل البشرية جمعاء... آمين!